عادي
الأرض والكون

التكوّن والولادة

23:57 مساء
قراءة 3 دقائق
3

د. حميد مجول النعيمي *

موضوع تشكُّل الأرض والكواكب الأخرى لا يزال موضوع نقاش كبير، فاليوم هناك نوعان من النظريات المهمة والسائدة حول تكوين الكواكب، إذ يواصل العلماء دراسة الكواكب داخل وخارج منظومتنا الشمسية في محاولة لفهم أي من هذه النظريات يصف بدقة كيفية تشكل هذه المنظومة.

• النظرية الأولى: نموذج تراكم النواة، والذي يعمل بشكل جيد لشرح تكوين الكواكب الأرضية (مثل عطارد والأرض والزهرة والمريخ وقمري المريخ وقمر الأرض) ولكنه لا يأخذ في الاعتبار الكواكب العملاقة (مثل المشتري وزحل وأورانوس وأقمارهما) بشكل كامل.

النظرية الثانية: قد تكون مسؤولة عن تكوين كواكب أكبر.

تم ضم هاتين النظريتين من خلال نظرية تراكم الحصاة التي تساعد بشكل إضافي على شرح كيفية تشكل الأجرام المختلفة.

منذ ما يقرب من 4.6 مليار سنة، كانت مجموعتنا الشمسية مجرد سحابة من الغبار والغاز تُعرف بالسديم الشمسي. أدت قوى الجاذبية إلى انهيار وتحطم المادة على نفسها عندما بدأت في الدوران حول مركز معين، مما أدى إلى تكثيف المادة وتشكيل الشمس في مركز السديم.

مع بداية تشكل الشمس، بدأت المواد المتبقية في التكتل وتتجمع الجسيمات الصغيرة (بسبب ارتباطها بقوة الجاذبية) لتكون جزيئات أكبر، أما الرياح الشمسية (وهي تيارات مستمرة من الجسيمات الإلكترونية المشحونة التي تنبعث من الغلاف الجوي العلوي للشمس)، فإنها تبعد العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والهيليوم، مخلفة مواد صخرية ثقيلة تشكل أجراماً سماوية صغيرة شبيهة بالأرض. وفي الوقت نفسه بعيداً عن الشمس، يكون للرياح الشمسية تأثير أقل على العناصر الأخف وزناً مما سمح لهذه العناصر بالاندماج لتكون كواكب غازية عملاقة، وأدت هذه العملية المعقدة إلى تكون الكويكبات والمذنبات والكواكب والأقمار في نظامنا الشمسي.

أما بالنسبة لكوكب الأرض، تشكل اللب الصخري له أولاً، ولكن مع تصادم العناصر الثقيلة وتماسكها معاً، تركزت مادة كثيفة في مركز الكوكب الأولي بينما تراكمت القشرة بمواد أخف وزناً، وهنا يُعتقد أن المجال المغناطيسي للأرض تشكل في هذا الوقت تقريباً (تشكل من جراء احتكاك المواد الصخرية المكثفة بالسوائل الموجودة في المركز).

في وقت مبكر من تطور الأرض اصطدم بها جرم سماوي كبير مما دفع بقطع أو أشلاء صخرية من الكوكب الفتي إلى الفضاء، وجمعت الجاذبية العديد من هذه القطع معاً لتشكيل القمر الذي أخذ مداراً حول كوكب الأرض.

يتسبب تدفق الوشاح (مواد صخرية) تحت القشرة الأرضية في حركة الصفائح التكتونية، وهي حركة الصفائح الكبيرة من الصخور على سطح الكوكب ومن ثم أدت الاصطدامات والاحتكاكات إلى ظهور الجبال والبراكين التي بدأت في إطلاق الغازات.

عندما تشكلت الأرض لأول مرة، بالكاد كان لها غلاف جوي بدأ في التكون عندما بدأ الكوكب في البرودة وحجزت الجاذبية الغازات من البراكين على الأرض، في حين أن عدد المذنبات والكويكبات التي تمر عبر النظام الشمسي الداخلي يعتبر قليلاً اليوم مقارنة بفترة تكون الأرض وغلافها الجوي، حيث كانت أكثر وفرة عندما كانت الكواكب والشمس فتية، ومن المحتمل أن تؤدي الاصطدامات بين هذه الأجرام السماوية إلى ترسيب الكثير من الماء على سطح الأرض.

تقع الأرض في منطقة ذهبية بالنسبة لنا تحيط بالشمس وعلى مسافة مناسبة بما يكفي لتواجد المياه السائلة والأوكسجين على سطح الأرض، مع عدم تجمد الماء أو تبخره. ويعتقد العديد من العلماء أن التواجد في هذه المنطقة، ووجود الماء السائل، يلعبان دوراً رئيساً في وجود الحياة، فهي بين كواكب في المجموعة الشمسية إما مفرطة في الحرارة مثل عُطارد والزهرة أو مفرطة البرودة أو الجاذبية مثل: المشتري وزحل، وأورانوس، ونبتون، وبلوتو.

وتحتبس الكواكب الثقيلة نسبة عالية من الغازات الخفيفة مثل الهيدروجين، وقليلاً من الأمونيا والميثان. أما الكواكب الخفيفة مثل عطارد وبلوتو فإنها عديمة الجو الغازي وتكون معرضة لأعداد هائلة من ضربات الكويكبات والشهب والنيازك والإشعاعات المميتة مثل الأشعة الكونية الكهرومغناطيسية ولا سيما (السينية وجاما وفوق البنفسجية وتحت الحمراء فضلاً عن الرياح الإلكترونية الشمسية)، وجوها يحتوي على نسبة عالية من الغازات الثقيلة مثل (الزهرة والمريخ اللذان يحتويان على نسبة عالية جداً من غاز ثاني أوكسيد الكربون).

لكل هذا، أصبحت الحياة نادرة جداً على الكواكب وربما فرص وجودها في أجرام أخرى تؤلف نسبة ضئيلة ربما أقل من (1%) بالنسبة لأعداد النجوم الهائلة، بل إنه، حتى لو وجدت على كوكب فإنه من الصعوبة الاتصال بها لبعدها السحيق وعدم وجود القدرة التكنولوجية على الاتصال بها في الوقت الحاضر.

* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jpsm7nc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"