عادي

تسبيح نبي الله يونس في بطن الحوت

23:13 مساء
قراءة 4 دقائق

في يوم جميل مشمس.. أعد (تميم) وإخوته (سمير وتامر) حقائب رحلة الصيد البحرية، التي وعدهم بها والدهم بعد الانتهاء من الدراسة، وها هي السنة الدراسية انتهت ونجح الثلاثة بتفوق، وحان وقت الرحلة، انطلقت العائلة مع مجموعة من الأصدقاء وأبنائهم الصغار إلى مكان «أتوبيس» الرحلة.

عند وصولهم إلى المرسى الذي سيركبون منه اليخت البحري، فرح الجميع كثيراً وصفقوا وهللوا من شدة الفرحة، بدأ الأطفال يصعدون إلى المركب بمساعدة آبائهم، وبدأ اليخت يتحرك ويبحر، كان الجو جميلاً والشمس مشرقة، والسماء صافية، وظل (تميم) وإخوته ينظرون إلى الطبيعة الخلابة، وإلى طيور النورس وهي تطير حولهم، وكان جميع الآباء على اليخت من عشاق رياضة صيد الأسماك، لأنها تجدد نشاطهم وتجعل ذهنهم وجسمهم ينعم بالحيوية، بالإضافة لأنها تجمعهم مع الأصدقاء، فهي حقاً رياضة ممتعة، مما شجع الآباء على القيام بعمل هذه الرحلة لأطفالهم وتعليمهم بدائيات الصيد الأولى، لتعويدهم على الصبر والسكينة والهدوء.

بدأ الآباء في تجهيز أدوات الصيد، ويضعون الطعوم في السنارات، ويعلمون أولادهم فنون الصيد، ومرت الساعات الطويلة، واستمتع الأولاد بمساعدة الكبار في الصيد، وكلما رأوا سمكة في السنارة يصفقون بفرح.

بدأ الموج يعلو، فنظر تميم إلى المياه، فرأى سمكة كبيرة جداً اعتقد أنها (حوت كبير)، وصاح وقال للجميع رأيت حوتاً كبيراً في الماء سوف يقلب بنا القارب. نظر والد (تميم) إلى الماء وأخذ الطفل في حضنه، وقال له اهدأ يا بني ولا تخف.. إنها مجرد سمكة كبيرة وليست حوت.

عندما جاء الليل، جلس الجميع لتناول وجبة العشاء التي كانت عبارة عن شي الأسماك التي قاموا باصطيادها من البحر واستمتعوا بها. ثم تجمعوا في جلسة «سمر»، فقال أبو (تميم) للأطفال: تعالوا يا أبنائي، سأحكي لكم قصة من قصص الأنبياء، وهي (قصة نبي الله يونس عليه السلام والحوت)، ابتسم (تميم) وأنصت هو وإخواته وباقي الأطفال في شوق لسماع (قصة النبي يونس) عليه السلام.

بدأ الأب قائلاً: أرسل الله تعالى النبي يونس عليه السلام إلى قومه الذين كانوا يسكنون مدينة «نينوى» في العراق، كي يُخرج قومه من الظلام إلى النور، وظل يونس عليه السلام يدعو قومه إلى الإيمان بالله تعالى، لكنهم كذَّبوه ولم يستجيبوا له، صبر يونس عليه السلام على أذى قومه وعذابهم وكفرهم، وإصرارهم على الكفر، وقد لبث فيهم ثلاثة وثلاثين عاماً يدعوهم إلى الإيمان بالله وحده، ولم يستجب لدعوته سوى رجلين فقط، فأصاب اليأس يونس عليه السلام، وخرج من بلدته غاضباً من دون أن يأذن الله تعالى له بالخروج.

أقبل يونس عليه السلام على قوم وركب معهم في السفينة، فلما أصبحت السفينة في عرض البحر، أصبحت الأمواج تضربها من كل جانب، وتمايلت في جميع الاتجاهات واهتزت كثيراً حتى كادت تغرق، فاجتمع أهل السفينة وقرروا أن يلقوا بأحد الركاب في البحر، كي يخففوا الحمل على السفينة، فأجروا قرعة كي يقع الاختيار على شخص معين بحياد تام، فوقعت القرعة على يونس عليه السلام، لكن أهل السفينة التمسوا فيه الصلاح والخير، فأعادوا القرعة ثلاث مرات متتالية فوقعت على يونس عليه السلام، فألقى بنفسه في البحر، لكنه كان يملك يقيناً أن الله تعالى سينقذه من الغرق.

فور إلقاء يونس عليه السلام نفسه في البحر التقمه حوت، فأصبح في بطنه يعيش في ظلمات ثلاث، ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل، فظن أنه هالك لا محالة، لكنه بقي في بطن الحوت، كما يبقى الجنين في بطن أمه، وذلك من عطف الله تعالى ورحمته، حيث بقي في بطن الحوت ثلاثة أيام، وكان يسمع أصواتاً غريبة لم يفهم منها شيئاً. فأوحى الله تعالى إليه بأن هذا هو صوت تسبيح مخلوقات البحر. فأصبح هو أيضاً يسبح الله ويقول: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».

أمر الله سبحانه وتعالى الحوت أن يقذف النبي يونس عليه السلام، فقذفه على اليابسة، وأنبت الله له شجرة يقطين كي يستظل بظلها ويأكل من ثمارها، حتى أنجاه الله تعالى وأعاد له صحته، فعاد إلى قومه ووجدهم مؤمنين موحدين، يقول الله تعالى في قصة النبي يونس عليه السلام {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [ الأنبياء: 87]

ثم قال الأب: «إن العبرة المستفادة من قصة سيدنا يونس عليه السلام عظيمة، وهى أن المؤمن يجب أن يصبر على الأذى، وألا يفعل شيئاً إلا بأمر الله. كما أن الله ينجي أولياءه وينقذهم في جميع أحوالهم، وكل ذلك بإذنه».

خيم الهدوء والسكينة على الأولاد بعد سماع قصة (نبي الله يونس) وظلوا ينظرون من خلف الزجاج إلى البحر وظلماته وحكمة الله وقدرته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mtz9fu29

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"