عادي

«غفوة عند الذئاب» قصص قصيرة لمحمد عبيد غباش

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق
1

بقلم: عبدالغفار حسين

مؤلف هذا الكتاب يُعدّ من أهم الشخصيات الفكرية والثقافية التي برزت على الساحة الثقافية في الإمارات منذ النصف الأول من سبعينات القرن العشرين، وله جولاتٌ وصولات في المعارك الفكرية والسياسية والإعلامية، وشاركَ في إصدار وتحرير صحف ومجلات معظمها توقّفت عن الصدور لأسباب ليست في مجالِ حديثِنا هنا، وأهم مجلة كان لها صدى وصيت على صعيد العالم العربي، هي مجلة «الأزمنة العربية»، الذي كان الأستاذ بوسيف، محمد عبيد غباش، أحد مؤسِّسيها مع شقيقه المرحوم غانم غباش.

ونعود إلى الكتاب الذي نقرأه «غفوة عند الذئاب»، الذي هو في محتواه وفي رأيي، مجموعة من قصص قصيرة مُمتِعة لها إطلالة على وقائع مرّت على القاصّ أو كاتب الكتاب بوسيف، محمد غباش، ضمن جولة اختلط فيها الحلو بالمُرّ خلطةً تتقبّلها الذائقة، وتُضيِف إلى اتجاه مؤلّفه بُعداً فكريّاً واسعاً، وبلغةٍ وسرد فيهما جاذبية لا يَقدِرُ عليها إلا قلمٌ رسّامٌ مُبدِع، يمزج الواقعيّة بالتشكيليّة مزجاً مُستساغاً ومقبولاً.

1

والعنوان «غفوة عند الذئاب» عنوان مُثير للرَوع في نفسِ كل مَن يعرف عن الذئبِ خصالَهُ غير الحميدة مع غيره من الحيوان، العاقل منه وغير العاقل، مِن أولئك الذين يُحدّدهم فقهاء المسلمين، ويَعنون بهم الإنسان والحيوان، لكن الكتاب بجانب ما فيه من الروع والخوف، كما قُلنا، يُرينا أيضاً مِن خِصالِ الذئبِ الشيء الكثير، المُحبَّب بجانب المذموم.

وأكثر القصص الذئبية التي توقّفتُ عندها، هي قصة المؤلِّف بوسيف، محمد غباش، مع صاحبهِ ورفيقِه الذي سمّاه بوعمر، وأنا أعرف بوعمر هذا كمعرفتي أبا سيف، فكلاهما مغامران يخوضان معمعات الحوادث خوضاً غير عادي.

وقصة بوسيف في المُغامرة التي دفعها إليه بوعمر من أطرف قصص الكتاب، من ضِمن قصص كثيرة عن بوعمر هذا، ومغامراته الجوية والبحرية، فهو إذا امتطى زورقاً تجده يركب الأمواج متحدّياً سطوتها مهما كانت عاتية، وإذا طار بطائرتِه عادةً ما تكون «سكرابيه» من الطرز التي تتخلّص من أشكالها المحطات العسكرية للجيش هنا وهناك.

صحيح أن الكتاب يحتوي على خبرات وانطباعات شخصية مَرَّ بها المؤلف، محمد غباش، لكنها تجارب لا تتاح دائماً إلا لمن يحب أن يخوض معمعات الحياة بعزائم غير عادية، وتغفو عيناه في أوكار الذئاب غير مبالٍ بالأخطار المحدقة.

هذا الكتاب أحد أحسن الكتب التي قرأتُها في الآونة الأخيرة وبقلمٍ فيه الإقدام وفيه المغامرة وفيه التشوق للوقوف على الجديد. كتاب «غفوة عند الذئاب» لا تقتصر مادته على مشاهد مِن تلك التي رآها المؤلف وتَلامسَ معها، ولكن المؤلف يقرأ لنا أيضاً كتباً قرأها، ويكلمنا محمد غباش عن فلاسفة وكُتَّاب وعباقرة من جميع الأمم، ويأخذنا الكتاب من قارةٍ إلى أخرى، في أمريكا وفي آسيا وفي الشرق الأوسط، وفي مدن كثيرة إلخ..

كتاب «غفوة عند الذئاب» ممتع حقاً ومشوَّق حقاً، لا سيما عندما يسرد علينا مؤلفه معاناته في بعض المدن كباريس، وكوبنهاجن وموسكو وغيرها..

وفي تعليق للكاتب أحمد أميري، على الكتاب يقول: «كنت أعتقد أن صديقي يسافر كثيراً ليجرب أسرّة الفنادق، كما يفعل الكثير من المسافرين، لكنني اكتشفت أنه يطير بعيداً إلى تجربة جديدة تستحق أن تُعاش وأن تُروى، ولو أرغمه ذلك على أن يغفو عند الذئاب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/9s7by38v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"