عادي

ولادة كواكب منظومتنا الشمسية

00:12 صباحا
قراءة 3 دقائق
3

د. حميد مجول النعيمي *

بعد ولادة الشمس من السديم الشمسي تتجمع المواد والغازات والغبار البعيد في القرص، وتتكتل أيضاً معاً بحيث تصطدم هذه الكتل ببعضها بعضاً مكونة أجساماً أكبر وأكبر، وينمو بعضها ليصبح كبيراً بما يكفي لجاذبيتها وتشكيلها على شكل كرات حول الشمس نفسها، ولتصبح كواكب مختلفة الأحجام والكتل: كواكب غازية ضخمة (مثل المشتري وزحل ونبتون)، وصخرية متوسطة الحجم وصغيرة (مثل الأرض والمريخ والزهرة وعطارد)، وقزمة مثل بلوتو ومجموعته، وعدد من الأقمار حول بعضها حسب كتلة الكوكب وحجمه وحزام الكويكبات المؤلف من أشلاء النظام الشمسي المبكر، والتي لا يمكن أبداً أن تتجمع معاً لتشكل كوكباً.

وبذلك أصبحت القطع المتبقية الأصغر الأخرى الكويكبات والمذنبات والنيازك والأقمار الصغيرة غير المنتظمة، فضلاً عن الأتربة والغازات. وسبحان الله تعالى الذي خلق الأرض بينها في موقع ذهبي بين كواكب مفرطة بالحرارة، وأخرى مفرطة بالبرودة، ليعيش الكائن عليها متمتعاً بخيراتها ونعمها.

يرجع ترتيب الكواكب والأجرام السماوية الأخرى في نظامنا الشمسي إلى الطريقة التي تشكل بها، فعلى القرب من الشمس تكونت الكواكب الصخرية الصغيرة التي يمكنها تحمل الحرارة وهي التي سميت بالكواكب الأرضية، ونجدها جميعها صغيرة وذات أسطح صخرية صلبة، وفي الوقت نفسه نجد أن المواد الجليدية والغازية والغبار غير المستقرة في المناطق الخارجية للنظام الشمسي الفتية تراكمت وتجمّعت معاً، بسبب قوى الجاذبية لتؤلف الكواكب الغازية العملاقة مثل المشتري وزحل وأورانوس ونبتون.

ومما جاء في أعلاه، فإن الله العلي القدير خلق الشمس لترتبط بها عائلة من الأجرام السماوية وتكوّن معها ما المنظومة الشمسية، تدور (تجري) هذه الأجرام حول الشمس بعدد من الساعات الضوئية وعلى أبعاد وسرعات مختلفة، «وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» يس 38 40.

أقرب الكواكب إلى الشمس على بعد 57.9 مليون كيلومتر ومدة دورانه 88 يوماً (عطارد). أما أبعدها فيكون على بعد 100 مرة أكثر من الأول ويحتاج إلى 248 سنة ليكمل دورته حول الشمس (بلوتو)، وتختلف هذه الكواكب في ما بينها في أحجامها وكتلها؛ إذ تراوح أقطارها بين 2500 كيلومتر و143000 كيلومتر: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» القمر 49.

الكواكب الأرضية هي أجسام صلدة لا تختلف كثيراً في كثافتها أو تركيبها الكيميائي، ولكنها تختلف اختلافاً بيّناً واضحاً في الأحوال الطبيعية لسطحها، مثل درجة الحرارة وقوة الجاذبية، ووفرة الماء والهواء في الغلاف الجوي.. أما الكواكب العملاقة فتبلغ كثافتها عادة ربع الكثافة في الكواكب الأرضية تقريباً، ولا نرى في سطحها سوى بعض السحب الغازية، وقد تكون بعض المناطق الداخلية فيها حارة جداً، ولكن تحيط بهذه المناطق طبقات سطحية باردة. أما الكواكب القزمة فهي بلوتو ومجموعته، وهي أجرام سماوية صغيرة ثلجية مختلفة عن الكواكب الأخرى.

إن القسم الكبير من هذه الكواكب تكون لها توابع أصغر منها حجماً تدور حولها تدعى الأقمار، فمثلاً للأرض قمر واحد، وأقمار المشتري 92 قمراً، وزحل 83 قمراً، وبلوتو 5 أقمار، ليكون مجموع أقمار أغلب الكواكب 229 قمراً.

من تحليل هذا النص المعرفي العلمي الحديث نجد العلاقة الخارجية بين الشمس وعدد من الأجرام السماوية المختلفة الأخرى سابحة في الفضاء «وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ»، يس 40. ويمكن تصوير آية الشمس مركزاً تتصل به الآيات الأخرى من الخارج بقوانين الجذب والحركة، على نحو كلي أو جزئي؛ أي مباشر أو غير مباشر، فالتمركز في الفضاء بنظام يعدّ بنفسه آية مشتركة لمجموع محتوى المجرة التي تتحرك برمّتها بسرعة مذهلة:

الكون المرئي: أكثر من مليار من الحشود المجرية والسدم (غاز وتراب ودخان)، فضلاً عن المادة المظلمة والطاقة المظلمة.

الحشود المجرية: بحدود مليار حشد مجري في الكون المرئي، وكل حشد مجري يحتوي في المعدل على نحو 100 مجرة.

المجرات: تحوي ما بين 100 و150 مليار نجم مع الغازات والأتربة بينها. مجرتنا (درب التبانة): بمعدل مليار نجم (بعضها نجوم شبيهة بالشمس) مع أجرام سماوية أخرى (سدم وكواكب وصخور وغاز وتراب).

منظومتنا الشمسية: الشمس وكواكبها وأقمار للكواكب وكويكبات ومذنبات وصخور، وغاز وتراب ودخان.

ومن المؤكد أن هناك مجرات ونجوماً وأجراماً سماوية أخرى لم نرصدها.

* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/53bsaa7s

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"