عادي
(جبر الخواطر)

إظهار الفرح والسرور في العيدين هَدي نبوي

23:51 مساء
قراءة 4 دقائق

جبر الخواطر عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خلق إسلامي عظيم، يدل على سمو نفسه، وعظمة قلبه، ورجاحة عقله. بهذا الخلق، يجبر النبي نفوساً كُسرت، وقلوباً فطرت، وأرواحاً أزهقت، وأجساماً مرضت.

وجبر الخواطر عبادة وطاعة لله، تعالى، وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان يقول بين السجدتين «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني». و«جبر الخواطر» صفة من صفات الأنبياء، فهم يتسمون بحسن المعاملة وطيبة القلب. وسُئل الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن أكثر الأفعال التي يدخل بها الإنسان الجنة، فقال: «التقوى وحسن الخلق»، وجبر الخاطر من حسن الخلق، وصفة إسلامية وإنسانية عظيمة، ولا تصدر إلا من صاحب القلب الطيب والأخلاق الحسنة، فهي مداواة للقلب.

يوم الفطر الذي يعقب الصيام، ويوم الأضحى الذي يتخلّل مناسك الحج عيدان للأمة الإسلامية، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا».

قال الله تعالى: {ولِتكمِلوا العِدّة وَلِتُكبّروا الله على ما هداكم ولعلّكم تشكرون}[البقرة:185].

(جبر خواطر النساء يوم العيد)

يذكر عدنان الطرشة في كتاب (ماذا يحب النبي)، عن ابن عباس قال: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعجبه في يوم العيد أن يُخرج أهله. قال: فخرجنا، فصلى بغير أذان ولا إقامة، ثم خطب الرجال، ثم أتى النساء فخطبهن، ثم أمرهن بالصدقة، فلقد رأيت المرأة تلقي تومتها وخاتمها، تعطيه بلالاً يتصدق به.

ذكر أبو سعيد الخدري أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلّم، فيقف على راحلته يستقبل الناس وهم صفوف جلوس فيقول «تصدقوا»، فأكثر من يتصدق النساء بالقرط والخاتم والشيء، فإن كانت له حاجة يريد أن يبعث بعثاً يذكره لهم وإلا انصرف.

لقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، إلا صلاة العيد فقد كان صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يُخرج أهله وأن يُخرج المسلمون أهليهم إلى صلاة العيد، بل بلغ ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في حضور النساء صلاة العيد أن أمر بإخراج الحائض من النساء لتشهد الخير ودعوة المؤمنين على أن تعتزل المصلى، حتى ولو لم يكن للمرأة لباس تخرج به إلى العيد، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستعير لباساً من صاحبتها.

عن أم عطية قالت: كنا نُؤمر أن نخرج يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها، حتى يخرج الحُيّض فيكُنّ خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطُهرته. فما أكرم من ذلك جبراً بخاطرهن.

(تطييب خاطر المسلمين يوم العيد)

يقول الشيخ محمد حسان في «موسوعة الآداب الإسلامية»: من هدي الرسول في العيدين أنه يظهر الفرح والسرور، ويجتهد في إدخال الفرح في نفوس المسلمين خصوصاً الصبيان منهم والنساء. وكان يصلي العيدين في المصلّى، وهو المصلّى الذي على باب المدينة الشرقي، وهو المصلّى الذي يُوضع فيه محمل الحاج، وقد كان صلى الله عليه وسلم يلبس للعيدين أجمل ثيابه، وكان له حُلة مخصصة يلبسها للعيدين والجمعة، كما جاء في كتب الحديث والسيرة. وهذا دليل على التجمّل بأحسن الثياب لمناسبة العيد. وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات، ويأكلهن وتراً، أما في عيد الأضحى فكان لا يطعمُ حتى يرجع من المصلّى، فيأكل من أضحيته. وكان يأمر النساء والصبيان أن يخرجوا إلى المصلى ويشهدوا الذكر واجتماع الناس. فما أجمل من ذلك في تطييب خاطر الصبيان.

إذا خرجت النساء إلى مصلى العيد فعليهن أن يلتزمن آداب الخروج من عدم التطيّب والتزين، وغير ذلك مما هو معلوم، أما الصبيان فقد سُئل ابن عباس رضي الله عنه: هل شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا مكاني من الصغر ما شهدته. على أن الصبيان إذا خرجوا إلى مصلى العيد ينبغي لمن أخذهم أن يضبطهم عن اللعب، والعبث، واللهو، ونحو ذلك. وكان صلى الله عليه وسلم يُؤخر صلاة عيد الفطر، ويُعجّل صلاة الأضحى، ويُكبر مِن بيته إلى المصلى. وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلّى أخذ في الصلاة من غير أذان.

قال جابر: شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس، وذكّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكّرهن. وفي هذا الحديث استحباب الوعظ والتذكير في خطبة العيد، واستحباب وعظ النساء وتذكيرهن وحثهن على الصدقة.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير. ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيغة التكبير، لكن ثبت عن ابن مسعود أنه كان يقول: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر... لا إله إلا الله... الله أكبر... الله أكبر... ولله الحمد.

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى العيد ماشياً. وعن علي رضي الله عنه قال: من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً.

قال الشوكاني في قوله: (من السنة أن يخرج ماشياً): استدل العراقي رحمه الله لاستحباب المشي في صلاة العيد بعموم حديث أبي هريرة المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نودي بالصلاة فأتُوها وأنتُم تمشُون».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7bwctrfw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"