ينظم المجمّع الثقافي، التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، ثلاثة معارض مميزة، الرئيسي منها «لوبي لوبي» للفنان المعاصر الشهير باسكال مارتين تايو، ويصاحبه آخر للأطفال له بعنوان «بوبو لاند»، والنسخة الثالثة من معرض «جنون الكرتون» الذي يحتفي بالتاريخ الغني للرسوم الكرتونية العربية واليابانية المحبوبة.
ويستحضر المعرض الرئيسي الذي سُمي تيمناً بقصيدة «لوبي لوبي» الصادرة عام 2020، الحقائق المتماثلة والمتكررة في ممارسات باسكال مارتين تايو العابرة للزمن والحدود. ويضم المعرض المنحوتات والوسائط المختلطة والأعمال التركيبية والشعر والتصوير الفوتوغرافي، ويسلط الضوء على المفارقات الغنية الكامنة في الثقافات الاستهلاكية والمادية، ودورها في إعادة صياغة الفنان لبيئته البصرية.
ويقسم معرض «لوبي لوبي» إلى أربعة أقسام، هي «من الهامش إلى المركز»، «حاويات القوى»، «خيال حضري»، و«ميدان اللعب»، وجميعها تتبع تعدد الأغراض واللغات في ممارسة تايو الفنية بالتزامن مع اختباره للبيئة البشرية. يستكشف قسم «من الهامش إلى المركز» عملية تايو الفنية التي يسعى من خلالها إلى إعادة تكوين الأغراض اليومية وتحويلها إلى شواهد حية على أضرارنا البيئية وتاريخنا العالمي.
ومن خلال عمله «إعصار» وصفائحه الملونة من الألمنيوم، يستدعي الفنان إحساساً غامراً بالتسلية والخسارة على حدٍ سواء، فيما يعرض قسم «حاويات القوى» منحوتات تايو المعاصرة المصنوعة من الكريستال، والتي تعيد تفسير الأشكال النحتية في غرب ووسط إفريقيا. كما يضع تايو أصالته الشخصية في أشكال منحوتاته الزجاجية والأقنعة من خلال تزيينها باستخدام ما يعثر عليه في حياته اليومية، مما يؤدي بدوره إلى نشوء مستودعاتٍ جديدة للتاريخ.
أمّا قسم «خيال حضري» فيوضح وجهة نظر تايو في المعنى الروحي للاستمرارية والشفاء، بما يؤدي إلى تفسيرات جديدة للمادة المستخدمة ونشوء تبادل مؤثر بين المجتمع والطبيعة والبيئة من خلالها. يتميز هذا القسم أيضاً بوضع تايو لفيديو «خيال حضري»، وهو عرض نظمه في عام 2007 للاحتفاء بالباعة الجائلين في الكاميرون.
ويسلّط قسم «ميدان الملعب» الضوء على مجموعة من اللوحات الطباشيرية، إذ يحول تايو تشكيلاته إلى أنماط متداخلة مستوحاة من أقمشة الطباعة التقليدية لغرب إفريقيا. وباعتبارها أداة اتصالٍ قوية في الفصل الدراسي، تعد هذه اللوحات الطباشيرية رمزاً لهشاشة المعرفة؛ لأنها تكشف عن التاريخ الاستعماري للتعليم في الكاميرون.
ويقود المعرض الثاني «بوبو لاند» الزوار الصغار إلى استكشاف الذات من خلال عيون «بوبو»، وهي شخصية ابتكرها تايو لطفلٍ يحلم ليكتشف ويبتكر مستقبله. وسيشارك الأطفال من خلال سلسلة من الأنشطة التفاعلية والجذابة، في حلم حيث سيلعبون وتتاح لهم الفرصة لإعادة اكتشاف هويتهم وما يريدون أن يكونوا في المستقبل. ويتولى فريق من القيّمين الفنيّين من قطاع الثقافة في الدائرة يضم ميساء القاسمي ونور المحيربي وريم الهاشمي تنظيم ورعاية معرضي تايو.
ويضم معرض «جنون الكرتون 3» إبداعات 49 فناناً تتراوح ما بين الرسوم الكرتونية الفكاهية والساخرة والناقدة، مسلطاً الضوء على الأعمال المختلفة التي أُنتجت في الرسوم الكرتونية العربية من القرن التاسع عشر وحتى يومنا.
ويمكن للزوار إلقاء نظرة عن كثب على مجلات الرسوم الكرتونية التاريخية، بالإضافة إلى إنتاجات الرسوم اليابانية الشهيرة التي دبلجت إلى العربية في ثمانينيات القرن الماضي.
وامتد تأثير هذه المنتجات إلى ما هو أبعد من تقديم قصص مسلية للأطفال، إذ كان محتواها غنياً بالرسائل الإنسانية العميقة والموسيقى التصويرية الجذابة التي ما زال صداها يتردد عبر الأجيال في العالم العربي.
وسيحظى زوار المعرض بفرصة لقاء شخصيات وأبطال جدد مستوحاة من الثقافات المحلية الحديثة والواقع المعاصر.
ويتضمن «جنون الكرتون» أيضاً عناصر تفاعلية مثل الشاشات التي تعرض الأغاني الشهيرة التي تُذكر الجمهور بالحنين لعروض الرسوم الكرتونية، وشخصيات شهيرة، ومنصة للصور الفوتوغرافية مجهزة بإكسسوار الرسوم الكرتونية.
وتتولى القيّمة الفنية سمية السويدي، والقيّمة المساعدة عائشة العسيري، من قطاع الثقافة، مهام الإشراف على المعرض.
استكشاف
قالت ريم فضة، مديرة المجمّع الثقافي أبوظبي «يواصل المجمّع دوره في الجمع بين مختلف الثقافات والمجتمعات من خلال الفنون، إذ تتيح أحدث معارضنا التي يجب زيارتها، الفرصة للجماهير لاستكشاف وسائل التعبير الثقافي المعاصر واحتضان وجهات نظر ورؤى وآفاق فنية متنوعة. وبينما يمثل معرضا «لوبي لوبي» و«بوبو لاند»، تصوراً عميقاً للأحلام والتحديات بين الماضي والحاضر والمستقبل، يحتفي معرض «جنون الكرتون» بكنوز الرسوم الكرتونية وشخصياتها الشهيرة المحفورة في الذاكرة».