على شفا الحرب

00:39 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

حلف الناتو وروسيا على شفا الحرب، أو بالأحرى في خضمها، بهذه العبارات الصريحة وغير المسبوقة علق نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف على إنشاء مجلس «أوكرانيا- الناتو»، مشيراً إلى أن هذا المجلس سينتهي وجوده بسبب زوال أحد الطرفين، حسب ما نقلت عنه وكالة «سبوتنيك» الروسية.

وأضاف المسؤول الروسي أنه في عام 2002، تم إنشاء مجلس مشابه بين روسيا والناتو.

وقال ميدفيديف إن النتائج الأولية التي أسفرت عن قمة «الناتو»، كانت متطابقة مع توقعات روسيا المسبقة، لافتاً إلى أن العملية العسكرية الخاصة ستستمر بنفس الأهداف، وأن أهم تلك الأهداف يتمثل في رفض مساعي كييف للانضمام إلى حلف «الناتو».

وجاءت تصريحات ميدفيديف في الوقت الذي عقد فيه أول اجتماع لمجلس حلف شمال الأطلسي «ناتو» وأوكرانيا في العاصمة الليتوانية- فيلينيوس بغية دفع العلاقات بين الجانبين إلى الأمام على هامش قمة الناتو، بحضور قادة دول الحلف، إضافة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ولعل ما ميز أجواء قمة الناتو هذه هو ذلك التصعيد الكبير في مواقف أطراف الأزمة الأوكرانية، التي أشعلت فتيلها سياسة الغرب العدائية التي تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تجاه روسيا، ومحاولة الناتو الواضحة لتطويق روسيا ومحاصرتها، قبل إغراقها في مستنقعات حروب هنا وهناك، ما يعيد إلى الأذهان أيام الحرب الباردة، التي يبدو أنها عادت لتطفو على المسرح العالمي من جديد.

ففي كلمته أمام القمة جدد الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، دعم الحلف لأوكرانيا، قائلاً: «علينا مواصلة دعمنا لأوكرانيا من أجل تحرير أراضيها وردع ما أسماه العدوان الروسي مستقبلًا». مضيفاً أنه «يتطلع لليوم الذي سيجتمع فيه الحلف وأوكرانيا كحلفاء». وذلك في تحدٍ واضح لروسيا التي عبرت أكثر من مرة عن معارضتها دخول أوكرانيا إلى الناتو لما يشكله ذلك من خطر على أمنها القومي، في حين وصف قادة دول حلف شمال الأطلسي في البيان الختامي لقمة فيلينيوس، روسيا بأنها تمثل أكبر تهديد مباشر لأمن الحلف، زاعمين أن أي تغيير في علاقة الحلف مع روسيا، يعتمد على ما إذا كانت موسكو ستوقف «السلوك العدواني وتحترم القانون الدولي» على حد تعبير قادة الناتو.

أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فقد أوضح رداً على زيادة التسليح الغربي لأوكرانيا، لا سيما بطائرات «إف 16» وأسلحة فتاكة أن الولايات المتحدة وحلفاءها في «الناتو» يخلقون خطر مواجهة مسلحة مباشرة مع روسيا، مشيراً إلى أن هذا الأمر محفوف بعواقب كارثية، كما أن موسكو تعتبر حقيقة امتلاك كييف لطائرات مقاتلة من طراز «إف–16» قادرة على حمل أسلحة نووية بمثابة تهديد غربي في المجال النووي.

وأشار إلى أن موسكو أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، بأن روسيا لا يمكنها تجاهل قدرة هذه الطائرات على حمل أسلحة نووية. مضيفاً: «لن تساعد أي ضمانات هنا».

ولو قرأنا تلك التصريحات النارية المتبادلة بين كل من موسكو والغرب، وقارناها بما يجري على الأرض من تصاعد في المعارك على مختلف الجبهات، وازدياد عمليات قصف القوات الأوكرانية للأراضي الروسية، بتلك الأسلحة النوعية التي تتسلمها كييف من الغرب، وما تتناقله الأنباء عن مقتل الكثير من الجنود والمستشارين والمرتزقة الغربيين في أوكرانيا، نستطيع القول إن حرباً حقيقية تدور بالفعل بين روسيا والناتو، وإن كانت هذه الحرب لم تعلن بشكل رسمي، فالأسلحة الغربية وحتى المحرمة دولياً منها تتدفق في صراع يبدو أنه لن يكون قصيراً، وأنه قد يستمر لسنوات تمشياً مع رغبة الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة لتوريط روسيا وإغراقها في أتون حرب دامية قد تعيد إلى الأذهان التدخل السوفييتي السابق في أفغانستان والذي استغله الغرب بدهاء لاستنزاف القدرات العسكرية والاقتصادية السوفييتية آنذاك.

وعلى الرغم من بعض الفوارق بين الحالتين، فإن بوادر استمرار الحرب في أوكرانيا، تبدو قائمة، وكأنها لعبة عض الأصابع بين كل من موسكو والقوى الغربية التي تصر على إبقاء هيمنتها على العالم، على الرغم مما تجره هذه الهيمنة من ويلات وحروب وكوارث اقتصادية على العالم أجمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yrkxkhja

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"