عادي
عنوان لرحلة طويلة قبل السفر

«الهدايا» حكايات ومشاوير محبة

22:56 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: زكية كردي
«الهدايا» عنوان بسيط ورمزي جداً لرحلة في الأسواق لا تنتهي إلا عند الساعات الأخيرة قبل السفر، وأحياناً تمتد إلى السوق الحرة لاستكمال القائمة وتلبية طلبات الأحبة، فالهدية بكل الاختلافات اللا منتهية التي تنطوي عليها، تبقى عنوان محبة ورغبة في إسعاد الآخر، يعبّر عنها بعض الناس ببساطة، ويختارها آخرون بذكاء واهتمام ودراسة، ويحمّلها أشخاص آخرون أكثر من طاقتهم فتصير عبئاً ثقيلاً.

إن شراء الهدايا بذكاء وحرفية أمر محكوم بالوقت وطبيعة الشخص، إن كان منظماً أم لا، بحسب زينب حسن، ربة منزل، تقول: «في الماضي كنت أقل انشغالاً، لهذا كنت أوزع شراء الهدايا على العام، فأختار أشياء مميزة في كل مرة أذهب فيها للتسوق وأجد عروضاً مغرية، وهكذا أجد نفسي قد انتهيت من شراء الهدايا قبل موعد السفر، وكنت بالفعل أستطيع الحصول على أشياء منتقاة بعناية بأسعار مميزة، لكن اليوم مع انشغالي مع الأولاد لم أعد أجد الوقت لشراء الهدايا، وهذا أثّر كثيراً على انتقائي لها، فأصبحت محكومة بالميزانية والوقت، كما أن الأمر تحول من متعة بإسعاد الآخرين إلى واجب مرهق لا أستطيع التخلي عنه».

وبالحديث عن الواجب والعادات ينتقد مطيع حاج ياسين، مهندس، مبالغة البعض في موضوع الهدايا، ويقول: «يجب أن تكون الهدايا بسيطة ومقتصرة على المقربين جداً، ولا يجب أن تتحول إلى عبء مادي ومعنوي للمسافر، لكن بعض الناس يُثقلون أنفسهم بعادات المجتمع، فتجدهم يبذلون ما يفوق طاقتهم لشراء عدد ضخم من الهدايا، ويشملون أشخاصاً هم بالكاد يعرفونهم، وأعتقد أن هذا التصرف يكون إما رغبة في التباهي أمام معارفهم، أو خوفاً من النقد، ويضيف أن هذا السلوك منتشر كثيراً، وهو يكرّس هذه العادات التي تعود إلى المجاملات الاجتماعية معدومة المعنى».

اختيار الهدايا

ويوافقه الرأي عثمان قيّوم، موظف عقارات، ويقول: «عدت من السفر تواً، وما زلت منزعجاً من موضوع الهدايا، المشكلة أن تسوّق الهدايا متعب ومحير، ولا يتوقف الأمر على ثمنها فقط، بل على اختيار الهدايا والتنقل بين سوق وآخر لأيام عدة لشراء الهدايا المناسبة، لتجد في النهاية أنها لم تعجبهم للأسف، هذا محبط جداً عندما لا يقدّرون الجهد الذي بذلته لتسعدهم، لكنني رغم هذا أعرف أنني سوف أنسى الأمر في المرة القادمة، وسوف أبذل المزيد من الجهد لاختيار الهدايا المناسبة».

وترى وفاء سالم، موظفة، أن النساء أكثر ارتباطاً بموضوع الهدايا من الرجال، وتقول: «الرجال عادة يشعرون بالسأم من التسوق، ولهذا يكرهون مهمة شراء الهدايا لعائلاتهم وأقاربهم، وكثيراً ما يوكلون هذه المهمة إلى زوجاتهم، وهناك من يحسم الأمر بالتخلي عن فكرة إحضار الهدايا بأن يكتفي بأشياء محددة للمقربين جداً، أو يفضل أن يعطي أفراد عائلته مبلغاً من المال بدل الهدية، ليشتروا الهدايا لأنفسهم، خاصة أن العالم أصبح مفتوحاً ولم تعد الهدايا مميزة وباهرة كما في الماضي».

وبالحديث عن الهدايا المميزة في الماضي، تذكر سارة أبوالفوز، ربة منزل، أن نمط اختيار الهدايا بين الأمس واليوم مختلف جداً، ففي الماضي كانت الهدايا ذات قيمة كبيرة، خاصة عندما تكون قادمة من بلد بعيد، وكان الناس كلاسيكيين ويعطون قيمة خاصة للهدايا، لذلك فإنهم يحرصون على اختيار الأشياء الغريبة والباهرة ليقدموها للمقربين منهم.

وتضيف: «كان أبي كثير الأسفار، وما زلت أذكر رائحة حقائب الجلد الطبيعي عند عودته من روسيا، وأذكر دهشتي أمام التحف الكريستالية، والسجاد الإيراني، وكل الأشياء الفخمة التي كان يحضرها معه ليهديها للعائلة، والمقتنيات الرائعة التي يحضرها لنا، لكن اليوم أصبحت الهدايا استهلاكية ومختزلة ولا تصلح لأن تحتفظ بها الذاكرة».

عربون محبة

ترى هند عبدالسلام، ربة منزل، أن الهدية عربون محبة ولفتة جميلة للشخص الذي تحملها إليه، مهما كانت بسيطة، وتقول: «دائماً عندما أسافر يخشى أبنائي الزيادة في وزن حقائبي، لأنني أحضر الكثير من الهدايا، فأنا أحب أن أسعد الناس، حتى أولئك البعيدين، وعادة أحمل معي الكثير من الإكسسوارات والأشياء الصغيرة، لأقدمها لمن يزورني من الجيران والمعارف والعائلة، ورغم كل الانتقادات التي أتعرض لها لا أهتم، فأنا أحب تلك الفرحة التي أراها في عيون من أقدم إليهم الهدية، وسعادتهم بأني أتذكرهم ولو بشيء بسيط».

ويتوقف اختيار الهدية على معرفتنا بالشخص الذي نرغب في تقديمها إليه، حسب ظلال جابي، مصممة أزياء، وتقول: «الهدية الجيدة تحتاج إلى بذل الجهد، هناك عدة معطيات تتحكم باختيار الهدية، فإذا كانت معرفتنا بالشخص وبذوقه سطحية، يُفضل اختيار الهدايا العامة، أما إذا كنا نعرفه جيداً، فعلينا أن نتقمص شخصيته لنميز الأشياء التي سوف يختارها عند اختيار الهدية، ولدينا أيضاً الميزانية المحددة التي يفضل أن نصاحبها بشيء من المجهود لاختيار هدية تبدو قيمة، حتى وإن كانت الكلفة محدودة، وهذا بالطبع يتطلب خبرة بالتسوق والتخفيضات والبضائع غير المتوفرة في البلد الذي نقصده».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p9fw4yf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"