عادي

الوسطية منهج إسلامي

21:52 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل
إذا أردنا أن نصنف ما نعتقد به، فهناك أمور ثابتة، وهي معلومة من الدين بالضرورة، وهناك أمور يصح للإنسان أن يتوسط فيها، وإن أراد أن يزيد، فله ذلك من دون أن يُلزم غيره بها، ونوضح ذلك بمزيد من التفصيل على النحو التالي:

القسم الأول: الأمور الثابتة؛ فتلك أمور ثبتت بدليل قطعي الثبوت، قطعي الدلالة؛ كوحدانية الله، تعالى، والإيمان بأنه هو الخالق، والإيمان بأركان الإيمان، وأركان الإسلام، فلا يصح مثلاً للمسلم أن ينفي أحدها أو يؤمن ببعضها، ويترك بعضها الآخر أو يؤمن بما يخالفها، وقد قال الله، تعالى، رداً على كفار مكة الذين عرضوا على النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يؤمن يوماً بآلهتهم ويؤمنوا يوماً بالله (لكم دينكم ولي دين)، فالثوابت لا نق اش فيها، أما القسم الثاني فإنها أمور تقبل التوسط، ولا بأس للمسلم أن يأخذ فيها بالرخصة أحياناً، فإن أراد أن يتمسك بالعزيمة، فله ذلك من دون أن يُلزم غيره بها، ومن ذلك أن الله خفف على المسافر من عدد ركعات الصلاة، لما يلقاه من مشقة في سفره، فله أن يقصر الصلاة الرباعية، فيصلي ركعتين بدلاً عن أربع، وكذا له الفطر أثناء السفر على أن يقضي ما أفطر من أيام، بعد انتهاء سفره، فهنا الثوابت لم تتغير، فهو مؤمن بفرضية الصلاة والصيام، ولكن القصر في الصلاة، والفطر في الصيام هو من باب الرخصة التي وردت في حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، (إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه).

ديننا دين الوسطية والاعتدال، فلا إفراط فيه ولا تفريط، والمسلم ينبغي مع ذلك أن يتنبه إلى أنه إنما يؤدي العبادات امتثالاً لأمر الله؛ لذا لا يزيد فيكلف نفسه ما لا تطيق من النوافل، فقليل يداوم عليه خير من كثير منقطع، ولقد نهى نبينا، صلى الله عليه وسلم، عن الغلو في الدين فقد ورد في الصحيحين (جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، وقالوا: أين نحن من النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً. وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر أبداً ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إليهم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، كما أن النبي حينما وجد حبلاً ممدوداً بين ساريتين في المسجد فسأل (ما هذا؟) قالوا: لزينبَ تُصلِّي فإذا كسِلَتْ أو فتَرَتْ أمسكت به قال: (حُلُّوه) ثمَّ قال: (لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه فإذا كسِل أو فتَرَ فليقعُدْ).

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/c93cacwb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"