عادي
تحذيرات من مخاطر تراكم الديون والتعثر في السداد

«اشتر الآن وادفع لاحقاً».. هل تتحوّل لفخ بطاقات الائتمان؟

22:54 مساء
قراءة 6 دقائق
تحقيق: حازم حلمي

نمت شعبية منصات «اشتر الآن وادفع لاحقاً» (BNPL) أو «الشراء بالتقسيط» نمواً ملحوظاً خلال الأعواد الماضية، مع توجه أفراد المجتمع إليها بشكل لافت، لأنها تمثل حلاً مريحاً للمستهلكين الذين يحتاجون إلى شراء بعض المنتجات، مع عدم رغبتهم في دفع المبلغ كاملاً في الوقت الراهن، ودفعه على أقساط لاحقاً. تساعد هذه الخدمة في تحقيق التوازن بين حاجة المستهلك إلى المنتجات التي يريدها، وقدرته على دفع ثمنها، وتعد خياراً مرناً للمستهلكين الذين يبحثون عن حلول دفع مرنة.

ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من الشركات التي تقدم خدمة «اشتر الآن وادفع لاحقاً»، وتمكنت من النجاح بفضل اتساع قاعدة المستخدمين وتغيير الثقافة المالية والشرائية لديهم. وهناك العديد من مقدمي هذه الخدمة في الوطن العربي وفي دولة الإمارات على وجه التحديد، مثل؛ تابي، وتمارا، وبوست باي، وسبوتي، وغيرها من المنصات. بالنظر إلى جوهر هذا الخدمة، ترى أنها تعمل على تبسط وتسهيل شراء الأفراد للمنتجات، لكنها أيضاً تعمل على استنزاف أموالهم وزيادة الدين، وشراء منتجات هم ليسوا بحاجة إليها.

وقد طال بعض المنصات انتقادات مؤخراً من قبل المستهلكين؛ حيث رصدت «الخليج»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شكوى الكثير من المستهلكين برغبتهم في رد المنتجات التي حصلوا عليها، لأنه لم تكن بالجودة التي توقعوها، وصعوبة استرداد أموالهم، مع عدم توفير هذه المنصات أي أرقام للتواصل أو الرد على رسائلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. حاولنا التواصل مع هذه الشركات، من خلال إرسال بعض الأسئلة تتعلق بشكوى المستهلكين من تعاملهم، لكنهم لم يردوا عليها حتى كتابة هذا التقرير.

الصورة
  • الشراء العشوائي

يقول إبراهيم البحر، خبير التجزئة ومدير مكتب «البحر للدراسات والاستشارات»: «تعد منصات «اشتر الآن وادفع لاحقاً» جيدة، كما أنها تسهم في سهولة توفير حاجات وخيارات دفع متعددة للمستهلكين، ومن إيجابياتها عدم تحمل رب الأسرة أو المستهلك دفعة مالية كبيرة مرة واحدة عند شراء بعض المنتجات التي هو بحاجة ماسة إليها، لكنها قد تكون سلبية للمستهلك في حال عدم التخطيط الجيد، لقاء شرائها منتجات هو ليس بحاجة إليها».

وأوضح البحر، أن هذه المنصات من ناحية الشراء العشوائي والإغراء للمستهلكين، تعد سلبية وبنسبة كبيرة، لكن معظم المستهلكين في دولة الإمارات يمتلكون ثقافة استهلاكية عالية، ناصحاً بضرورة الوعي والتخطيط المثمر للحاجة الفعلية إلى الشراء مهما كانت القيمة أو التسهيلات.

تجدر الإشارة إلى أن خدمات BNPL، تعد طريقة ملائمة لإدارة التدفق النقدي وإجراء عمليات شراء من دون الحاجة إلى الدفع مقدماً، ومع ذلك، من المهم استخدامها بشكل مسؤول، وتجنب تحمل ديون أكثر، حتى يتم السداد بشكل مريح، وهي مناسبة للمستهلكين الذين لا يرغبون في استخدام بطاقة ائتمان لعمليات شراء معينة.

  • شكاوى مستهلكين

يقول أحمد خالد: «فكرت في شراء بعض المنتجات من إحدى منصات «اشتر الآن وادفع لاحقاً»، وعندما هممت بالتسجيل لم تكن المتطلبات واضحة ولم أستطع التسجيل، وبعد محاولات سجلت فيه، واشتريت العديد من المنتجات، لكن لم تتح المنصة خدمة الدفع بالأقساط، كما أنها زادت السعر على ما هو في السوق بشكل مبالغ فيه، فألغيت عملية الشراء واتجهت إلى منصة أخرى كانت أكثر سلاسة ووضوح».

وبعد تتبع ردود تعليقات المستهلكين لإحدى المنصات، لوحظت كميات الإحباط التي اعترت هؤلاء المتعاملين؛ حيث راوحت التعليقات على منشور لهذه المنصة بين «أسوأ تطبيق وأسوأ خدمة عملاء»، وآخر «أكثر من شهر وأنا أحاول أن استرد أموالي لكن دون جدوى»، وثالث يتساءل حول كيفية تقديم شكوى ضد هذه المنصة، وغيرها من الشكاوى.

  • الإنفاق المسؤول

من جانبه، قال حسام عرب، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «تابي»: «نأخذ الإنفاق المسؤول بجدية تامة، ويتم تقييم كل عملية شراء بالاعتماد على مؤشرات المقدرة المالية قبل الموافقة عليها، وعند عدم تحصيل الدفعات المستحقة في الموعد المقرر للسداد، فلن يتمكن المستهلك من إجراء المزيد من العمليات حتى يسدد الدفعات».

وأضاف: «يعتمد عملنا على الأرباح من البائعين وسداد المستخدمين لالتزاماتهم في وقتها، ونهدف إلى مساعدة المستهلكين على بناء عادات مالية صحية، والقدرة على التحكم في أموالهم». وأكد عرب أنهم يرسلون تنبيهات دورية للمستهلكين، لضمان عدم تأخرهم عن السداد، وفي حال التأخير تفرض رسوم تحصيل قليلة وذات سقف محدود، مشيراً إلى أنه لا توجد أي خطط لفرض رسوم أو فوائد على المستهلكين حالياً.

وأوضح الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «تابي»، أن تصنيف المنتجات الأعلى شراء يتغير من وقت إلى آخر، وأبرز الفئات التي تشهد إقبالاً لافتاً هي: الأزياء والملابس، منتجات التجميل، والأدوات الإلكترونية والمنزلية.

وكشف عرب أن المنصة تستمر في النمو؛ حيث زاد عدد المستخدمين بمعدل أربعة أضعاف خلال الربع الأول من العام الجاري 2023، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، موضحاً أن هناك نمواً كبيراً في أعدد مستخدمي البطاقة داخل المتاجر، والتي سيتم إطلاقها في أسواق أخرى خارج الإمارات.

  • إقبال على المنصات

وفي تقرير ل«شيك أوت»، الذي يبرز التطور المتزايد للمنظومة المحلية الخاصة بالتكنولوجيا المالية وتقنيات الدفع الرقمية، عبر النمو الكبير لمشهد التجارة الإلكترونية في المنطقة وشمال إفريقيا؛ حيث أظهر وجود إقبال مستمر على منصات «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» والتجارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأظهر التقرير قيام 39% من المستهلكين في المنطقة وشمال إفريقيا باستخدام خيار «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» عام 2022، لترتفع هذه النسبة من 24% في عام 2021، وهذا يمثل نمواً نسبته 63% على أساس سنوي.

تختلف مزايا خدمات «اشتر الآن وادفع لاحقاً» اعتماداً على الفرد ووضعه المالي، لكن لديها بعض الفوائد المحتملة، مثل المرونة؛ حيث يمكن تأجيل مدفوعات المشتريات إلى تاريخ لاحق، خاصة للمشتريات الكبيرة أو النفقات غير المتوقعة، إلى جانب الملاءمة، لإجراء عمليات الشراء من دون الحاجة إلى دفع ثمنها مقدماً.

وأيضاً السداد على فترات من دون فوائد، والتي تسمح للمستهلكين بتوزيع كُلفة الشراء على عدة أشهر من دون تكبد أي رسوم فائدة، وتحسين نقاط الائتمان، عند سداد المدفوعات في الوقت المحدد، والتي تساعد في تحسين درجة الائتمان الخاصة بالمستهلك بمرور الوقت.

  • الجدارة الائتمانية

يقول أمجد نصر، خبير مالي ومستشار بالتمويل الإسلامي: «تستخدم منصات «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» مزيجاً من الأساليب لتقييم الجدارة الائتمانية للعميل، وتحديد ما إذا كان مؤهلاً للحصول على قرض أو ائتمان». وأضاف: «يتمثل التقييم في 4 أساليب، تشمل؛ فحص الائتمان المرن؛ حيث تستخدم فحصاً ائتمانياً ميسراً، لتقييم الجدارة الائتمانية للعميل، وتحليل بيانات المعاملات، من خلال استخدام خوارزمية لتحليل بيانات المعاملات، مثل البيانات المصرفية أو معاملات بطاقات الائتمان، والسجلات العامة؛ حيث يجوز لها الوصول إلى السجلات العامة، والتي تشمل إيداعات الإفلاس أو سجلات المحكمة أو الامتيازات، وبيانات الائتمان البديلة، مثل مدفوعات الإيجار أو المرافق، لتحديد الجدارة الائتمانية للعميل، وهذه مفيدة للعملاء الذين لديهم سجل ائتماني ضئيل أو ليس لديهم أي سجل ائتماني».

وأوضح نصر أن رسوم التأخير عن السداد لهذه المنصات في الوقت المحددة، تراوح ما بين 10 و25 درهماً. وأكد أن الذكاء في استخدامها يجنب المستهلكين رسوم التأخير وزيادة الديون والفوائد التي قد تترتب على ذلك، موضحاً أن أهم ميزة فيها إلى جانب التقسيط على دفعات شهرية متتالية، بأنها من غير فائدة، وجيدة في حالات الطوارئ وشراء السلع المعمرة.

وازدادت في الأعوام الأخيرة شعبية هذا النوع من الخدمات «اشترِ الآن وأدفع لاحقاً»، ووفقاً للعديد من التقارير التي صدرت مؤخراً، فقد بلغ حجم سوق الشراء بالتقسيط عالمياً، نحو 440 مليار درهم، (120 مليار دولار) في عام 2021.

  • صعوبات مالية

اعتبر محمد أبو القمبز، خبير تسويق، أن هذه المنصات إيجابية ومفيدة للأشخاص الذين يعانون صعوبات مالية مؤقتة، أو الذين يحتاجون إلى الحصول على المنتجات في أقرب وقت ممكن لأسباب عاجلة، ومفيدة للشركات؛ حيث تستخدمها كوسيلة لجذب المزيد من العملاء وتوسيع قاعدة عملائها، ومن سلبياتها، زيادة أعباء اقتصادية جديدة على كاهل المستهلكين في ظل العروض المغرية.

وقال أبو القمبز: «تشجع هذه المنصات على المزيد من الشراء، أبرزها المنتجات غير الضرورية، خصوصاً في ظل العروض والخصومات التي يحصل عليها المستهلكون من المتاجر، وهذا ينعكس سلباً على عدم إمكانية التحكم في النفقات، والعجز عن السداد».

وأضاف: «يعد الشراء من خلال هذه المنصات سلوكاً فردياً، لا يمكن تحجيمه من دون وجود وعي كافٍ بالاستهلاك أو الشراء عبر الإنترنت»، وننصح باستخدام هذه الخاصية عند الحاجة، وللأشياء الضرورية.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/37by2arp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"