عادي
«بيت الشعر» في الشارقة:

موئل المبدعين ومقصد محبّي الكلمة الراقية

22:35 مساء
قراءة 3 دقائق
القاعة تغص بمحبّي الشعر

الشارقة: فوّاز الشعّار

الشعر العربي، ليس مجرّد نص أو خطاب، بقدر ما هو ناقل ثقافيّ وأخلاقيّ وتاريخيّ وإبداعيّ، بين الأفراد والأجيال، وهو، فضلاً عن ذلك رافد لغويّ أساسيّ، لرفع مهارات اكتساب لغة الضاد وتعزيز وجودها في المجتمع، وتكريس تعليمها والحفاظ عليها، ومن ثمّ ربط مختلف مكوّنات المجتمعات من المحيط إلى الخليج؛ فالقصيدة العربية، أكثر من مجرد قصيدة، إنها وثيقة هُويّة وصمام أمان.

لأجل كل هذا، كانت مهمة الشاعر، وما تزال، تتجاوز مجرد كونه كاتباً لنصّ فني يلقيه ويمضي، بل هي رسالة إنسانية.

في الشارقة، عاصمة الشعر العربي، حيث بيت الشعر الذي يجمع الشعراء العرب، ويرعاه صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لما يملكه سموّه، من وعي وثقافة بضرورة الاهتمام بهذا الجزء الأساسي من الثقافة العربية.

وبتوجيهات سموّه، وإيماناً منه بأهمية الشعر العربي، ودوره الفاعل في الحركة الثقافية والإنسانية، افتُتح «بيت الشعر» في الشارقة في 4 نوفمبر عام 1997، في قلب الشارقة بالمريجة، وسط احتفالية كبيرة حضرها كبار الشعراء والنقاد والمثقفين العرب والأجانب.

يحتضن «بيت الشعر» كل اتجاهات الشعر وأجناسه التقليدية والحداثية ويغترف من تجارب كل المبدعين بلا استثناء، ليملأ كل الفضاءات ويلفّ العالم بجمالية القيم العربية والإسلامية والإنسانية.

تأصيل

وفي لقاء مع الشاعر محمد عبدالله البريكي، مدير بيت الشعر، قال «يُعنى بيت الشعر بقضايا الشعر والشعراء في الكتابة والتوثيق والإعلام، والنهوض بها، عبر الإنتاج والتبادل الثقافي العربي الإنساني.. وأهم أهدافه: تأصيل دور الشعر والشعراء في الحركة الثقافية والمجتمع، وإيصال صوت الشعر إلى قطاعات المجتمع كافة، وتوثيق الحركة الشعرية المحلية والخليجية والعربية، والتفاعل مع الحياة الشعرية وطنياً وعربياً وإنسانياً، ودعم الشعراء وتشجيعهم مادياً ومعنوياً. والبحث في جماليات الشعر العربي وبثّها، والبحث والدراسة في شعر الإمارات وشعرائها، خاصة، والوطن العربي عامة، والاهتمام بالنقد الأدبي رافداً مهماً في حركة تطور الشعر العربي، فضلاً عن رعاية المواهب الشعرية بالتدريب العلمي والمتابعة المستمرة».

ودأب البيت على استضافة عدد من كبار شعراء الوطن العربي والعالم، ونظم دورات تدريبية وأنشطة ثقافية للناشئة والموهوبين، ويشرف عليها أساتذة متخصصون. واللافت أن هذا البيت الثقافي، إذا كان الفصل صيفاً، تكتظ القاعة بعشرات المحبّين والمتذوّقين، ويقف كُثر في الخارج، لأن المكان امتلأ. وفي الطقس الجميل تزخر الباحة الخارجية، بأضعاف هؤلاء؛ فالطقس المنعش والهواء العليل، يضفيان مزيداً من البهاء على الأماسي.

محطّ الأفئدة

وفي لقاء الدكتور محمد الحوراني، المتخصّص في الأدب العربي، وشارك في دورات فن العروض، محاضراً ومدرّباً، قال: ينفرد بيت الشعر بمكانة مرموقة تتسنّم ذروة اهتمام الشعراء العرب في كل مكان، فهو محطّ الأفئدة ومنبع الإلهام وبوّابة المعرفة. وفضلاً عن ذلك كله، يشرق من فضاء أصيل ملأته الشارقة حياةً؛ وكما قال بشار بن برد:

يَزدَحِمُ القصّاد في بابِهِ

والمَوْرِدُ العَذْبُ كَثيرُ الزِّحام

وكغيري من الشعراء والأكاديميين، وجدنا في هذا البيت مُتّكأً وملتقىً؛ وقد أخذ على عاتقه أن يقدم شعراً مائزاً وشعراء نوعيين. وكانت ورشة العروض والقافية التي شاركت فيها، بحضورها الثرّ، وتفاعل المتدربين، مقصداً للذين استطاعوا عبرها الوقوف على مختلف علوم موسيقى الشعر.

وقالت الأديبة ماريا طرمش: حين يود الشاعر أن يتلمّس لإبداعاته موئلاً ولصوته منبراً، فإنه يختار «بيت الشعر في الشارقة». وجاء منتدى الثلاثاء ليستقطب الشعراء والمبدعين، ليعطروا من مسك روائعهم زوايا هذا البيت. وبالرغم من براحة الألفة التي تجمع بين الحضور وأركان بيت الشعر، فإن الأماني تتطلع إلى مكانٍ فسيحٍ تتسع فيه القاعة لجمهور يأتي من كل حدبٍ وصوبٍ متلهّفاً لأمسيات يليق بها أن تتكنّى باسم شارقة الثقافة الباذخة.

وسلام على الشارقة وسلطانها والقائمين على بيوتها الشعرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/48a7fx3b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"