عادي
صيفنا ثقافة

فاطمة الهديدي.. نصوص قصصية تقتحم الوجدان

23:19 مساء
قراءة دقيقتين
فاطمة الهديدي

الشارقة: أشرف إبراهيم

تأتي كتابات القاصة فاطمة الهديدي، ندية في نموذجها الإنساني، فلديها حساسية مفرطة في انتقاء الكلمات، وتتجه بعفوية نحو موضوعات يلمسها القارئ في محطات الحياة، لكن مشروعها الأدبي العميق في تأصيل نزعة القيم يمتزج بجماليات فارقة في الطرح، حيث تستثمر إمكاناتها التعبيرية في صناعة نص قصصي قصير يقتحم الوجدان بدلالاته المتناغمة مع حركة الزمن، وبما يعكس الشجون والهموم بتشكيل نغمته الخاصة، وقد أصدرت نحو خمسة كتب، منها مجموعات قصصية فردية ومشتركة تستحضر فيها رؤيتها الإبداعية على مسرح الواقع، لتترسخ صورتها الفنية بصدق وعفوية في المشهد الأدبي، ومن بين هذه الإصدارات «آثار على النافذة، الصندوق، رأيتها، قائمة».

ولأن فاطمة تستوعب معطيات الإبداع في ذاتها، فإنها بخبرتها الأدبية الطويلة وبما يتراكم لديها من أعمال مطمورة في دفاترها الخاصة تبسط يدها في الوقت الراهن، لتتخير بعض نصوصها، وتستعيد ذاكرة النشر، وتطل على القرّاء بصور مختلفة من النصوص القصصية التي تبرز رؤيتها البصرية للعصر من منظور الحكاية الدرامية، بأساليب مصفاة وبكثافة توضح حريتها الإبداعية في العناية باللفظ ومستوى وجازته، فقد كتبت مجموعة نصوص تحت مسمى «قصاقيص عالية» في سرديات مختلفة ترويها شخصية واحدة وهي عالية، فتركز في هذه الكتابات على المشاعر الإنسانية التي يبدو أنها كُتبت بالفعل على شكل قصاصات في أوراق متناثرة، وهي الطريقة التي يحلو للكاتبة استخدامها أثناء صياغة بعض الأفكار الخاصة والنوعية، والتي تعتمد على الكثافة اللفظية لكنها غنية بالدلالات، وتمتلك جمالياتها الإيقاعية، فهي قادرة على توظيف طاقتها التخييلية في هذا النوع من الكتابة.

وتشحذ فاطمة الهديدي جل خبرتها السردية في اقتحام العالم الروائي، فتحلّق في فضاء آخر، تستحضر فيه خيوطاً مستقلة في البناء عن الشكل القصصي القصير الذي دأبت على كتابته بحرفية وإتقان، وعلى الرغم من أنها لم تضع اسماً لهذا العمل الروائي الطويل في الوقت الراهن، فإنها تعيش لحظات مرهفة مع الكتابة، وتحشد أفكارها في إطار سردي مفتوح يمتد ببطل الرواية إلى نحو خمسين عاماً يروي فيه من ذاكرته ترانيم خاصة توثق مشاهد جدلية من منظوره الخاص، وهي في هذا النص تحاول أن تستقطر تجربتها العميقة في معاينة هموم الإنسان، لتضفي طابعاً حميمياً على السرد برؤية تمكّنها من تقديم طرح مغاير، لذا تتوخى الدقة في تناول موضوع الرواية حتى تخرج بنتائج تتوافق مع النموذج الإنساني الذي تخيرته للبطل بأسلوب شعري بديع يقترب من القارئ وحساسيته الجمالية، في ظل صعود الفن الروائي في هذا العصر، واتساع قاعدته الجماهيرية بين صفوف القراء، ففاطمة الهديدي تؤمن بأن التوهج الإبداعي لا يأتي من فراغ، وأنه من الضروري أن يتأنى الكاتب قبل إصدار أي عمل أدبي، وأن يتأمل دقائقه، ويهيئه كما ينبغي حتى يصل إلى القارئ بوجهه الأكمل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44puvnb3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"