إيمان الهاشمي
تراءى له خيط رفيع من الدم قد انساب من جرحٍ في طموحه، فانبثق نازفاً من شَجٍّ أصاب جبهة غطرسته، بعد أن سقط من أعلى شجرةٍ في حديقة الجشع، حيث كان قبلها يعبث بعشِّ طائرٍ مسكين قد بنى حلمه من القش، فأخذ يقذف بيضه الأبيض، بقطعة حجر انتزعها من قلبه الأسود، وذلك في سبيل الوصول إلى القمة، هكذا تعثر بحقارته فوقَع وهبط، ليُطرح السؤال؛ متى أصبح الصعود للنجاح يعني الانحدار بالأخلاق؟ فلا نجاح بلا أخلاق ولا أخلاق بلا نجاح، لأن الأخلاق هي النجاح ذاته في عالمٍ باتت المبادئ والقيم الأصيلة فيه سلعة نادرة، باختصار؛ الفضيلة تستر العيوب، والرذيلة تخفي الحسنات.. أليس كذلك؟!
لم يكن يداعب آلة البيانو إلا في الظلام مع الشموع، وإن كان يعزف على المسرح في حفلٍ مسموع، أنارت شمس الموسيقى روحه بكل ما فيها، ثم أحرقتها الغيرة حين فشل بأن يُخفيها، حيث كان يغار من بعض العازفين، ويتجاهل نصائح العارفين، ويُقال عنه إنه لم يحب «بيتهوفن» أبداً، وربما في الواقع هو لم يحب أحداً، هكذا اختلطت غيرته بالعاطفة، إلى أن هبّت فوقه العاصفة، بعدما اتهمته المرأة التي أحبها بأنه أحبَّ ابنتها فقد كانت أكبر منه سناً بقليل، وأصغر منه لحناً بكثير، كانت سيدة مُطلَّقة، أُغرِمت بأنامله المنطلقة، ولكنهم لأسباب، نعلمها ولا نعلمها، كمَّموا فم هذه القضية المُهمّة، وأخفوا الدلائل بالأقاويل المشتتة والمُبهمة، ولذلك قد يكون بريئاً فعلاً من كل هذه التهم المقرفة، ولكن في حال أننا افترضنا صحتها من باب المعرفة، سيكون وحده مَن أسمعنا آهات الشيطان بألحانٍ ملائكية!
فريدريك شوبان الموسيقار الأرستقراطي، فلتة العصر الرومانسي، بولندي الجنسية مع أنه من أب فرنسي وأم بولندية! أحبَّ بِلاده ثم لم يطأ أرضها يوماً، عاش طفولة سعيدة ثم كبر يلحن حزناً، لُقِّب بشاعر البيانو ولقبته محبوبته ب«عزيزي الجثة رفض انتقاده بشكلٍ انحيازي، بعدما رفضه الجمهور البرجوازي، كان خجولاً ومغروراً في الوقت ذاته، ويجيد إخفاء أهواءه وملذاته، كما كان يعاني العصاب الشديد، ويتعطش لموضة العالم الجديد، ويبقى الغريب أن موته ما زال موضع شكٍ وجدال، كقصةٍ منحرفة حد الاعتدال فقد أوصى باستخراج قلبه خوفاً من أن يُدفن حيّاً فاستقر مجسم فؤاده في المتحف يرسو، إلى يومنا هذا في بولندا وبالتحديد وارسو!
الاسم: فريدريك شوبان
التاريخ:
1866 – 1925 / 59 سنة
الجنسية:بولندي
النشاط:موسيقي
من أعماله:
Nocturne op.9 No.2
