إيمان الهاشمي
كل نفس تذوق الحب؛ فالحب كالموت يأتينا بغتة ويلاقينا لا محالة، لينقلنا إلى حياةٍ أخرى، ويغيرنا من حالة إلى حالة، نطير فيها بلا أجنحة، ونحارب لأجلها بلا أسلحة، فنرى لوناً ثامناً في قوس قزح، حتى يبدو الحزن بوجودهم كالفرح، لنعيش يوماً إضافياً بعد نهاية الأسبوع، ونسمع صوتاً للحب غير مسموع، كنغمة خاصة بالسلم الموسيقي الثامن، لنكتشف كنز الحياة الكامن، وهكذا تنبض قلوبنا في صدور من نحبهم، فنحن نطيع من نحب لأننا نحبهم، ولا نحب من نحب لأننا نطيعهم، أي أن أطيعك لأنني أحبك ولا أحبك لأنني أطيعك، باختصار «الحب فن» و«الفن حب» شرط أن «نعيش الفن» من دون أن ننسى «فن العيش» حسناً.. بعيداً عن كل هذا؛ ذات صباح سمعتها تقول له: صباح الخير، فبزغ القمر فجأةً، ثم ذات مساء سمعته يقول لها: مساء الخير، فأشرقت الشمس للتو.
وُلِد الموسيقار محمد القصبجي ليعزف ومن ثم ليعيش؛ وذلك في نفس سنة ميلاد الملحن سيد درويش، ترعرع في عائلةٍ فنية للغاية، فأصبح الفن هو الحُلم والغاية، وبالتالي تخرَّج في جامعة الأزهر، وزرع فَنَّه حتّامَ أثمر وأزهر، كما دمج الروح الأكاديمية في روح موسيقى الشرق، فتحدَّدت أعماله بميزة الاختلاف والفرق؛ حيث اتبع القواعد الشرقية والغربية مَعاً، فتحوّلت أساليبه علماً مُستَمَعاً، وقد أضفى إلى موسيقاه نكهة السهل المُمتنِع، ليدغدغ بها أحاسيس المُستمِع، فعشقتها الطبقة الراقية في المجتمع، وفقاً لما أقرّ عليه العالم واجتمع؛ حيث كان القصبجي مُعلماً يستحق التبجيل، فقد تتلمَذ على يديه أهم أبناء ذاك الجيل، ومن أشهرهم محمد عبد الوهّاب ورياض السنباطي، اللذان وضعا معلمها في خانة الاحتياطي، فقد فضلّت كوكب الشرق أم كلثوم التلميذ على الأستاذ، وأُعجبت بأسلوبهما الأخَّاذ، حد التملُّك والاستحواذ، فسطع نَجمَها معهما حد النفاذ، تاركةً عاشقها يناجي الإنقاذ بلا ملاذ، لكنه تشبث بها بإرادةٍ من فولاذ، فهو أول من لحّن أولى أغانيها في العشرينات، وأكثر من شدّ أزرها في الثلاثينات، حتى تضاءل تعاونهما في الأربعينات، وتلاشى تماماً في الخمسينات، إلى حين وفاته في الستينات، بعدما عاش حياته في سكرات الحب.
في الحقيقة؛ لم يأتِ الحب بينهما أساساً لكي يعود، ومع ذلك ضحّى بمستقبله ليعمل معها كعازف عود؛ ولذلك لا بأس إن قلنا له اليوم: جاءك الحب يا تارك الحياة!
الاسم: محمد القصبجي
التاريخ:
1892 – 1966-74 سنة
الجنسية:مصري
النشاط:موسيقي
من أعماله:رق الحبيب
