عادي

تداخل الديات

22:39 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
تصوّر لو اعتدى إنسان على إنسان آخر، فقطع يده، ثم ضربه ضربة أخرى فأعاق سمعه فصار لا يسمع، فإن هذا الشخص ارتكب جنايتين في عرف الشرع، ولكل جناية حق شرعي للمجني عليه على الجاني.

نعم.. ذكر الفقهاء في باب الجنايات مسألة تداخل الديات، وذلك إذا تعددت الجناية، فقالوا بأنه إذا قَطَع يده ومات ارتكب جناية واحدة، ولكنه لو قطع يديه ورجليه ولم يمت فإنه ارتكب جنايتين، لأن قطع اليد جناية، وقطع الرجل جناية أخرى.

وقد ورد أن في عهد عمر، رضي الله عنه، رمى رجل آخرَ بحجر، فذهب عقله وبصره وسمعه وكلامه ولم يمت، فقضى عمر، رضي الله عنه، فيه بأربع ديات في آن واحد، لأنه أذهب منافعه في كل واحدة منها.

ولكنه لو رماه وأذهب منافعه في هذه الأربعة ومات على إثره، لا تجب في هذه الحالة إلا دية واحدة، انظر: «بدائع الصنائع» ج7- ص303، و«جواهر الإكليل» ج2- ص270، و«مغني المحتاج» ج4- ص76، و«المغني» ج7- ص685 وج8- ص38.

الديات تتعدد إذا تعددت المنافع وتعددت الجنايات، أما لو قطع يده خطأ وما مات، ثم قتله خطأ قبل أن يَندمل جرحُه، فلا يترتب على الجاني إلا دية واحدة، لأن المنافع واحدة والجناية كانت واحدة.

أما لو قطع أنفه وبرأ الرجل واندمل جرحه ثم أذهب شمه، فإنه في هذه الحالة تجب عليه ديتان، لأن الجناية تعددت، انظر: «البدائع» ج7- ص303، و«الروضة» ج9- ص307.

إذاً، فإن الديات تتداخل قبل اندمال الجرح، ولا تداخل بعد الاندمال، لذلك فإنه لو قطع يديه ورجليه معاً وبرأت جراحته، ثم قام وقتله وكان قد حُكم بقطع يد الجاني ورجله فلولي القتيل في هذه الحالة الخيار بين أن يعفو ويأخذ ثلاث ديات، وبين أن يأخذ ديتين ثم يقتله، انظر: «كشاف القناع» للبهوتي ج5- ص540.

والذي يستحق الدية في الجناية على ما دون النفس هو المجني عليه نفسه، لأنه هو الذي تضرر حقيقة، وهو من حقه أن يعفو أيضاً ولا يطالب بالدية.

أمّا لو مات المجني عليه بقطع يده أو رجله مثلاً بعد عفوه عن الجاني، فالعلماء اختلفوا في مسألة هل للأولياء المطالبة بالدية الكاملة لأنه مات.

ومن المعلوم أن دية النفس بعد موت المجني عليه تدخل في أموال الميت المقتول، وحكمها حكم سائر أمواله التي توزع تركة بين الورثة حسب الفروض المقدرة شرعاً، والقاتل مستثنى دائماً لا يرث.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ennkpppr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"