المال لا يشتري السعادة

إعداد: محمد عزالدين

كان ينظر إلى النمو الاقتصادي وارتفاع دخل الأسر، على أنه وسيلة لزيادة الرفاهية والسعادة، وأظهرت المسوح العالمية السابقة، أن سكان البلدان المرتفعة الدخل، يميلون إلى الإبلاغ عن مستويات أعلى من السعادة، مقارنة بالبلدان المنخفضة الدخل، ولكن الدراسة الحديثة التي أجراها باحثون من معهد العلوم والتكنولوجيا البيئية بجامعة برشلونة وجامعة ماكجيل في كندا، دحضت نتائج تلك الدراسات، ووصفتها بأنها لم تكن شاملة، وأن الاستطلاعات والمسوح التي أجريت، لم تجمع سوى ردود أفعال سكان المدن الصناعية فقط، وأهملت سكان المجتمعات الصغيرة، حيث لا يلعب المال دوراً مركزياً في حياتهم اليومية، وتعتمد سبل عيشهم في تلك الأماكن على الطبيعة بشكل كبير، ما يثبت صحة القول المأثور، بأن المال لا يشتري السعادة.

استناداً إلى مسح شمل 2966 شخصاً من المجتمعات الأصلية والمحلية في 19 موقعاً، حول العالم، منها مجتمع المزارعين في المرتفعات الغربية لغواتيمالا «منطقة جبلية في غواتيمالا تشمل سلسلة جبال سييرا مادري»، ومجتمع المزارعين في شيريدزي، بزيمبابوي، بلدة في جنوب شرق زيمبابوي، وجد الباحثون الآن، أن مجتمعات السكان الأصليين وتلك الموجودة في المجتمعات المحلية الصغيرة تشير إلى أنهم يعيشون حياة مرضية للغاية على الرغم من عدم وجود الكثير من المال. وقال الباحثون، إن الجانب اللافت للنظر في النتائج التي توصلوا إليها، هو أن الرضا عن الحياة المبلغ عنه في المجتمعات المنخفضة الدخل للغاية، يمكن أن يلبي، بل يتجاوز ذلك المبلغ عنه عند أعلى متوسط مستويات الثروة المادية التي توفرها طرق الحياة الصناعية، وإن النتائج دليل قوي على أن النمو الاقتصادي ليس ضرورياً ليكون المرء سعيداً.وقال إريك غالبريث، الأستاذ في جامعة ماكجيل، والباحث الرئيسي للدراسة: «من المدهش إبلاغ العديد من السكان ذوي الدخل المنخفض للغاية، عن متوسط مستويات عالية جداً من الرضا عن حياتهم، بالدرجات ذاتها المسجلة في البلدان الغنية، على الرغم من معاناتهم تاريخاً من التهميش والقمع، وقد يكون ذلك بسبب الدعم الأسري والاجتماعي، والعلاقات الوثيقة، والروحانية، والصلات بالطبيعة». وقالت فيكتوريا رييس غارسيا، الأستاذة في المعهد، والباحثة المشاركة للدراسة: «إن الارتباط القوي بين الدخل والرضا عن الحياة، ليس عالمياً كما كان يعتقد، ويثبت أن الثروة التي توفرها الاقتصادات الصناعية، ليست مطلوبة بشكل أساسي للبشر، حتى يعيشوا حياة سعيدة».