عادي
تحتفي باليوم العالمي تحت شعار «إنهاء الصور النمطية»

«الخدمات الإنسانية».. تاريخ مشرف في خدمة ذوي متلازمة داون

21:36 مساء
قراءة 7 دقائق
مشاركة ذوي متلازمة داون في الأنشطة والفعاليات
  • شيخة سلطان: آمنوا بقدراتكم وتقبلوا أنفسكم ونموا مواهبكم
  • محمد فوزي: السنوات الأولى من حياة الأطفال حرجة جداً
     

تحتفي مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً باليوم العالمي لمتلازمة داون من خلال تنظيم العديد من الفعاليات والمحاضرات والندوات والبرامج والأنشطة التي تسعى عبرها إلى تحسين جودة حياة ذوي المتلازمة وأسرهم، وفقَ أفضل وأحدث الممارسات العالمية، إضافة إلى التوعية بحقوقهم، ومن أهمها الحق في التعليم والدمج والعمل والصحة والتهيئة البيئية.

اليوم العالمي لمتلازمة داون (21 مارس) من كل عام، يوم اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدفِ التوعية بقضايا المتلازمة، وحثّ المجتمع على المشاركة في تقديم الدعم والمساندة. هذا العام تحتفي المدينة به تحت شعار «إنهاء الصور النمطية»، حيث تعمل المدينة على توفير فرص متساوية لذوي المتلازمة، وتمكين قدراتهم من خلال فهم واستيعاب التحديات، والمساهمة في دمجهم بالمجتمع وسوق العمل.

ودأبت المدينة، ومنذ سنوات طويلة على تعليم وتدريب ذوي متلازمة داون، وتوفير الفرص لتحديد خياراتهم، وعقد الشراكات وتنميتها وفق أفضل الممارسات مع المؤسسات والمنظمات المحلية والعربية والدولية في سبيل تحقيق مبدأ المساواة بالحقوق التي كفلتها الشرائع والقوانين.

وتولي المدينة أهمية كبيرة للحقوق المستحقة لذوي المتلازمة، مؤكدة ريادتها منذ تأسيسها في المطالبة بحقوق ذوي الإعاقة عموماً، ومن ضمنهم ذوو متلازمة داون، ومن أهمها الحق بالدمج الكامل في جميع مناحي الحياة، سواء في سوق العمل أو في المؤسسات الخدمية والترفيهية والتعليمية، وجميع المرافق المتوفرة، والتأكد من حصولهم على حقوقهم الاجتماعية والإنسانية والحق في الترفيه.

وتنظم المدينة بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي لمتلازمة داون العديد من الفعاليات والأنشطة التي يشارك فيها ذوو المتلازمة، وأولياء أمورهم، ويلعبون خلالها دوراً مؤثراً في نجاحها وتميزها، وقد بلغ عدد المستفيدين منهم من خدمات المدينة 239 طالباً خلال العام الدراسي 2023 2024.

  • وعي وحقوق

سبق للمدينة أن نظمت في مارس 2013 بالتعاون مع منظمة الاحتواء الشامل لإقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجمعية الإمارات لمتلازمة داون، مؤتمراً تحت شعار «وعي وحقوق»، بالتزامن مع اليوم العالمي للمتلازمة، حيث كان فرصة لجميع الاختصاصيين والأسر والمهتمين، ليطلعوا على أحدث ما تم التوصل إليه في المجال، إضافة إلى عرض مجموعة من أوراق العمل القيمة والتجارب والخبرات لأمهات وآباء وأخوة الأشخاص من ذوي المتلازمة.

  • وحدة المناصرة الذاتية

أطلقت المدينة عام 2022 «وحدة المناصرة الذاتية» التي تهدف إلى تنمية وتطوير العمل على مستوى المدارس والفروع في المدينة والتوعية بالمناصرة الذاتية ودور المناصرين الذاتيين. وتشرف الوحدة على تمثيل المدينة في أنشطة المناصرة الذاتية داخل وخارج الدولة.

وقالت الشيخة شيخة سلطان القاسمي، منسق وحدة المناصرة الذاتية: «تتولى الوحدة مهام تنظيم وتوحيد وتفعيل جهود المناصرة الذاتية ووضع السياسات والإجراءات، وابتكار ووضع وتنفيذ المبادرات التي من شأنها تطوير عمل المناصرة الذاتية في المدينة، كما تعمل على التخطيط والتنسيق لأنشطة تفعل دور المناصرين الذاتيين على المستوى المجتمعي، وتعزيز دور المناصرين الذاتيين وتأهيلهم وتمكينهم من خلال الدورات والورش التدريبية، وعقد اللقاءات التوعوية والتنظيمية اللازمة».

الصورة

وأشارت إلى أن المناصرين الذاتيين مجموعة من ذوي الإعاقة يمكنهم تمثيل أنفسهم والآخرين وقيادة أوطانهم والمطالبة بحقوقهم، مؤكدة أن الهدف من الوحدة بناء مجتمع من المناصرين الذاتيين في المنطقة، وجذب الأشخاص من مختلف الإعاقات للتحدث عن تحدياتهم.

وعبّرت عن سعادتها الكبيرة بالعمل منذ ثلاث سنوات في المدينة التي قدمت لها الفرصة للتوعية بحقوق ذوي الإعاقة عموماً، من بينهم ذوي متلازمة داون، والدعوة إلى دمجهم في المجتمع وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

وتحدثت عن الأثر الكبير لدعم الأهل لطفلهم، وأهميته، وتذكرت عندما صحبتها والدتها لتسجيلها في المدرسة، لكن الإدارة رفضت قبولها، ودمجها مع أقرانها، ثم تراجعت عن هذا القرار أمام إصرار والدتها.

ووجهت رسالة إلى ذوي متلازمة داون أكدت فيها أهمية أن يؤمنوا بقدراتهم ويتقبلوا أنفسهم وينموا مواهبهم وقدراتهم ليصبحوا مشاركين في المجتمع، كما وجهت رسالة إلى المجتمع أشارت فيها إلى ضرورة تقبل الاختلاف

  • البداية مع الإرشاد الأسري

تحدثت ليلى حسين عبدالسلام، ولية أمر الطالب محمد أحمد السيد (7 سنوات)، عن التحاق ابنها بخدمات المدينة منذ ما يزيد على خمس سنوات، وكانت البداية مع خدمة الإرشاد الأسري في مركز التدخل المبكر، حيث قدمت الاختصاصيات للأسرة أفضل وأحدث السبل في كيفية التعامل معه.

الصورة

والتحق بعد ذلك بخدمة الفصول، وبدأ الأهل يشعرون بالتغيير الفعلي، فبعد أن كان محمد انطوائياً، بدأ يتفاعل مع أصدقائه ويندمج أكثر، ورويداً رويداً بدأ ينطق الحروف، ويمسك الأشياء بالطريقة الصحيحة.

وتقول أم محمد: «منذ عامين انتقل إلى مدرسة الوفاء لتنمية القدرات، وفي المدرسة أصبح الاندماج أكبر، وأصبح يبادر للمشاركة مع الزملاء في الأنشطة والرحلات»، موضحة أن المدينة تضع لمحمد خطة فردية وتشارك الأسرة فيها.

وكانت مريم حسن شهيل، طالبة في مركز التدخل المبكر التابع للمدينة، وفيه تلقت الخدمات المناسبة من إرشاد أسري وفصول إلى أن تخرجت فيه، وانتقلت إلى مدرسة الوفاء لتنمية القدرات لتواصل تعليمها تحت إشراف نخبة من أمهر الاختصاصيين والمعلمين، وتدرجت في تعليمها وإتقان المهارات الحياتية والأكاديمية والاجتماعية إلى أن وظفتها المدينة بعد رحلة العلم والتعليم، وأصبحت منذ خمس سنوات مساعدة معلمة في المدرسة، وهي من المناصرين الذاتيين.

وقالت مريم محمد يوسف بن صندل، مدير مركز مسارات للتطوير والتمكين بالإنابة: «يقدم المركز خدمات لذوي الإعاقة، ومن ضمنهم ذوي متلازمة دوان، حيث يخضع الطلاب لبرنامجين بحسب القدرات الذهنية ومهارات التعلم وهما: برنامج التعليم المستمر (بيتك)، ومن خلاله يتم تقديم خدمة التعلم الأكاديمي وتعلم مهارات الحياة الضرورية للتوظيف، ويقدم لذوي الإعاقة الذهنية البسيطة والقادرين على مهارة التعلم الأكاديمي».

وأضافت: «أما برنامج العيش المستقل فيستند إلى منهاج «تيتش» ويقدم لذوي الإعاقة المتوسطة مهارات الاستقلالية والتواصل والمهارات الوظيفية المناسبة لقدراتهم، ويشتمل على أنشطة عدة يقدم جزءاً منها فردياً من خلال خطة الطالب الفردية، والجزء الآخر جماعياً مع زملائه في الصف».

وتابعت: «بالنسبة للورش الإنتاجية يتيح المركز فرصة التوظيف في الورش الإنتاجية بعد تلقي التدريب المناسب داخل الورش وتمكن الطالب من الإنتاج في العمل، وقد وظف المركز ثلاثة من الأشخاص ذوي متلازمة داون يعملون يداً بيد برفقة زملائهم».

وأشارت إلى أن «قسم التوظيف في المركز يساعد الباحثين عن عمل من ذوي الإعاقة، بمن فيهم ذوي متلازمة داون، سواء من طلاب المركز أو من خارجه، ويقدم خدمة استلام السيرة الذاتية للباحثين، والإرشاد المهني وتقييم الميول المهنية للباحث، والمساعدة على إيجاد فرص وظيفية مناسبة في مؤسسات ومراكز المجتمع».

الصورة

ويتيح المركز فرصة العمل في عدد من الشواغر الوظيفية مثل وظيفة مساعد معلم، أو مساعد في الورش الموجودة في المركز، وقد تم تعيين عدد من ذوي متلازمة داون خلال السنوات الماضية في المركز.

  • أولياء الأمور

أكد أولياء الأمور أن المدينة لا تدخر جهداً في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسر، ومشاهدة الأهل لأبنائهم وهم يحققون الإنجازات تعليمياً واجتماعياً يدخل إلى قلوبهم السعادة ويشعرهم بالتقبل والدمج المجتمعي، وأن لدى أبنائهم قدرات وإمكانات كامنة مع التأكيد على الاستمرارية في تقديم هذه الخدمات المميزة للطلاب ذوي متلازمة داون.

  • مركز التدخل المبكر..

أكد محمد فوزي، مدير مركز التدخل المبكر، أن السنوات الأولى من حياة الأطفال تعد مرحلة حرجة جداً ومهمة للغاية، حيث يكون في المراحل الأولية من عمره أكثر حساسية وعرضة للاستجابة للتجارب والمثيرات، وبالتالي، فإن توفير خدمات التدخل المبكر للأطفال من ذوي متلازمة داون من شأنه العمل على تطوير مهاراتهم، وتقليص الفجوة في مجال النمو بين الأقران ومراقبة تطور النمو لديهم، ومعالجة أي انحرافات فوراً.

وأضاف: «تنخرط برامج مركز التدخل المبكر، وكجزء من النظام الشامل للمجتمع في برامج التوعية المجتمعية وتنظيم الأنشطة الرامية إلى التركيز على مهارات وقدرات الأطفال من ذوي متلازمة داون، ومشاركتهم الفاعلة بصفتهم جزءاً من النسيج المجتمعي، حيث يقدم المركز مجموعة من الخدمات للأطفال من ذوي المتلازمة من أهمها: خدمات الإرشاد الأسري والتدريب المنزلي للفئة العمرية من الولادة إلى عمر 3 أعوام، خدمات التعليم والتدريب ومتابعة برامج التعليم الدامج للفئة العمرية من 3 إلى 5 أعوام، خدمات التمكين والتدريب للأسرة، برامج الدعم والترفيه النفسي والاجتماعي».

وأوضح فوزي، أن المركز يعمل وفق نظام الفريق العابر للتخصصات، مقدم الخدمات الرئيسي، حيث يحرص على تقديم تجربة فريدة للأسرة والطفل في المركز، وأن يكون هو الملاذ الآمن والاختيار الأول للأسرة.

  • الإرشاد الأسري

أما عند الحديث عن دور الإرشاد الأسري لأسر الأطفال الصغار من ذوي متلازمة داون، فإنه يلعب دوراً حيوياً في تقديم الدعم والتوجيه للأسرة، ما يزيد من الكفاءة الوالدية في مساعدة الأطفال على الانخراط في المجتمع بشكل متوازن من خلال عدد من النقاط الرئيسية هي: التوجيه النفسي والاجتماعي؛ إذ يساعد الإرشاد الأسري في توجيه أفراد الأسرة (الوالدان، الأبناء، وحتى الأقارب) على فهم الحياة الأسرية وتحقيق الاستقرار والتوافق، ويساعد على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطفل وأسرته، ويشجع الأسرة على استخدام البرامج التدريبية لتطوير المهارات الحياتية والاجتماعية للطفل، كما يساعد الأسرة في استغلال فرص التعلم الفطرية والمتوفرة في بيئة الطفل، وتوجيه الأسرة في كيفية مواجهة مجموعة من المواقف الحياتية المختلفة والاستفادة من هذه المواقف في سبيل تطوير مهارات الطفل.

  • الدمج والتعليم الدامج

أكدت دعاء الدريدي، المشرف على وحدة التعليم الدامج في المدينة، أن الدولة تدعم توفير الخدمات التعليمية لذوي الإعاقة، حيث كفل دستور الدولة حق التعليم من خلال القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 بشأن حقوق ذوي الإعاقة والمعدل بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2009 لحمايتهم، وينص على الحقوق والرعاية والفرص المتساوية لهم في مجالات التعليم والرعاية الصحية والتأهيل والتدريب.

الصورة

وأضافت: «انطلاقاً من رؤية ورسالة المدينة في احتواء ومناصرة وتمكين ذوي الإعاقة بالتعليم والتأهيل والتوظيف ليكونوا مشاركين ومستقلين في مجتمعاتهم، تعمل وحدة التعليم الدامج على أن الدمج ليس مجرد نموذج من نماذج التربية الخاصة وإنما هو أسلوب للتفكر والممارسة يشمل جميع أفراد المجتمع».

وأشارت إلى أن عدد الطلاب المدموجين للعام 2023-2024 من الأشخاص ذوي متلازمة داون هم 22 طالباً وطالبة.

  • جواز سفر طبي

أصدرت المدينة عام 2020 (جواز السفر الطبي) المخصص لذوي متلازمة داون، لتوعية أولياء الأمور وأطباء الأطفال بالإجراءات والفحوص الأساسية التي ينبغي القيام بها وفق المعايير والشروط المعتمدة عالمياً.

وجاءت هذه الخطوة والفحوص المعتمدة من قبل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ولجنة علم الوراثة (الإشراف الصحي على الأطفال ذوي متلازمة داون)، في إطار حرص المدينة على تمكين ذوي الإعاقة، وتقديم الخدمات العلاجية والتربوية والتعليمية والتأهيلية لهم مباشرة، وسعيها المستمر للحد من أسباب الإعاقة بالكشف والتدخل المبكرين، إضافة إلى تقديم الخدمات التوعوية والتثقيفية بشكل عام.

ومصطلح (جواز سفر طبي) لا علاقة له بموضوع (السفر)، حيث إن المدينة لا تدخر جهداً في خدمة ذوي الإعاقة وتنمية الشراكة مع المؤسسات والجهات محلياً وعربياً وعالمياً لتعزيز حقوقهم في مختلف المجالات وفي مقدمتها مجال الصحة وفق أفضل الممارسات العالمية.

  • الملتقى الافتراضي

نظمت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية عام 2020 الملتقى الافتراضي حول المتلازمة، بحضور عدد لافت من أولياء الأمور والاختصاصيين والمهتمين. وجاء الملتقى في إطار حرص المدينة على تمكين ذوي الإعاقة والتوعية بقضاياهم وتقديم الخدمات المناسبة لهم ولأولياء أمورهم وفق أفضل الممارسات العالمية، إضافة إلى تقديم الخدمات التوعوية والتثقيفية بشكل عام.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"