عادي

حقيقة الصيام

23:37 مساء
قراءة دقيقتين
1

قال الله، سبحانه وتعالى: «يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلَّكم تَتَّقون» البقرة: 183. وقوله: «كُتِبَ» أي: فُرِضَ، والفرض أقوى من مجرد الأمر، وفي قوله: «كما كُتِبَ على الذين من قبلكم» تسليةٌ لهذه الأمة، وذلك أن الصيام الذي فيه شيء من المشقة، قد كُتِبَ على من قبلنا من الأمم السابقة، ولكنه لا يلزم أن يكون صيامُهم كصيامنا.

ولما أوْجَب الله علينا صيام رمضان بيَّن لنا الحكمةَ التي لأجلها فُرِضَ، فقال: «لعلَّكم تتقون»، والتقوى: تحصل بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وأن يكون ذلك على نور من الله، وهو العلمُ بأحكام الصيام وآدابه، فمن عمل في صيامه بمُقتضى العِلم نال الحِكمة منه، وهي التقوى. ومن حقق التقوى فقد أكمل التوحيد، فإن كلمة التوحيد «لا إله إلا الله» هي كلمةُ التقوى، بذلك سماها ربُّ العِزَّة في كتابه فقال: «فأنزل الله سَكينَتَه علىٰ رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمةَ التقوىٰ وكانوا أحقَّ بها وأهلَها ۚ وكان الله بكل شيء عليماً» الفتح:26. وبَيْنَ التقوى والتوحيد تلازمٌ متين، لأنَّ من حقق التوحيد لزمه أن يمتثل أوامر الله ويجتنب نواهيه على علم وبصيرة، وهذا هو حقيقة التقوى.

وعليه، فإن حقيقة الصيام لا تكون بالإمساك عن الطعام والشراب فحسب، بل الأمر أعظم من ذلك، فلا بد من الكَفِّ عن كل ما حرمه الله تعالى من الأقوال والأفعال، وسائر المنكرات، والمحرمات. أما من خالف وفرّط، فقد جَنى على نفسه، وتسبَّب في نُقصان أجره، وقد يحرم الأجْرَ كلَّه، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزّور والعملَ به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (رواه البخاري)، والمقصود ب «قول الزور»: كلُّ قولٍ محرم.

والحاصلُ أن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأنَّ فيه امتثالاً أمر الله تعالى واجتناب نهيه، فالصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع وغيرها من المفطِّرات، مع ميل نفسه إليها، مُتقرباً بذلك إلى الله، راجياً ثوابه بتركها، وهذا من التقوى.

دائرة الشؤون الإسلامية - الشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr3tkrnr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"