من صقر أو نسر إلى بومة أو غراب..

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

.. الكثير من ملفات شعراء العالم الكبار ما زالت مفتوحة للقراءة والمراجعة والنقد الثقافي والأخلاقي، وبعض هذه الملفات يعود إلى عقود وقرون من الزمن، ومع ذلك لم يطوِها النسيان، لا بل هي في الأرجح موادّ حيوية بالنسبة للصحافة الثقافية على وجه الخصوص، وبخاصة في الغرب..

قبل فترة أُعيدت قراءة ملف الشاعر بابلو نيرودا بشأن نكرانه اللّاأخلاقي، كما قالت الصحافة، لابنته المعاقة، والتي، كما يقال، تخلّى عن رعايتها ومتابعة علاجها على نحو مخيف، لا يليق مطلقاً على الأقل بقيم شعره الإنسانية التي ملأ بها العالم، وربما كانت هذه القيم بالذات وراء حصوله على نوبل للأدب..

.. ولكن، ماذا بشأن (ملف) الشاعر الأشهر في تاريخ الأدب الفرنسي (شارل بودلير)، وهو ملف عنصري بامتياز طافح بالكراهية بل الازدراء لبلجيكا،.. البلد الذي عاش فيه فترة قصيرة، وعاد بعدها ليكتب قصائد ترشح بالحقد والسخرية ليس من البلاد التي عاش فيها وأكل من خبزها حين كان جائعاً فقط، بل، سخر من البشر وقام شعرياً بالتنكيل بآدميتهم، وهو في النهاية، شعر هجائي يدين الشاعر، كما ينفي عنه حتى قيمته الثقافية ما دام على هذه الصورة من الاستخفاف بروح الإنسان البسيط العادي الذي لا شأن له بكل هذا التعقيد النفسي والثقافي..

.. عندنا في الأدبيات العربية يقولون: «.. ما قاله مالك في الخمر..».. كناية عن الهجاء المرّ، وفي مقابله هنا.. ما قاله بودلير في البلجيكيين.. الذين عاش بينهم.. وأكل من خبزهم..

أعتمد في هذا الملف أو قل في هذه الإدانة لشاعر فرنسي كبير على ترجمة الشاعر المصري رفعت سلّام لمجموعة (قصائد بلجيكية) التي قال عنها رفعت سلّام بأنها حالة من الهجاء المرير والساخر لِ (بلجيكا) وللشخصية البلجيكية تصل إلى حدّ العنصرية الغريبة على بودلير وكتاباته..

يقول عن امرأة بلجيكية إنها كانت نتنة مثل زهرة عطنة، ويقول في مكان آخر وبلغة عِرْقية أي أسوأ من عنصرية، إن البلجيكيين.. يحملقون بعيون جاحظة، ويدمدمون في الخفاء، فكل ما يبهج قلوبنا الفانية.. يصدمهم..

ويقول في مكان آخر أيضاً من أهجياته العرقية العنصرية هذه:.. البلجيكيون يمضون في التقليد، صدّقوني، حتى الإفراط، وإذا ما كانوا يصابون بالزهري فذلك كي يشبهوا الفرنسيين...

.. هل ينبغي فتح ملف عنصرية شارل بودلير تجاه بلجيكا البلد الذي شرب من مائه.. ثم بصق في الكأس؟؟..

.. بعض الشعراء الكبار في العالم يستصغرون أنفسهم وكينوناتهم من صقور ونسور إلى حِدْآن وبوم وغربان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5azjddan

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"