عادي
مفاهيم كونية في القرآن

الأرض آية

00:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
3

أ.د. حميد مجول النعيمي *

«هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ» البقرة 29. نركز اليوم وفي مقالاتنا القادمة على ظواهر الكرة الأرضية ومحيطها وعلاقتها بالظواهر السماوية بآيات القرآن الكريم الدالة على خلق الله، سبحانه وتعالى، وعظمته الفائقة وبخاصة ما يتعلق بالأرض وجيولوجيتها وفيزيائيتها وبحارها وغلافها الجوي وموقعها في الكون وملاءمتها لعيش الكائن الحي على سطحها واختلافها الفريد من نوعه عن كواكب الكون الأخرى، وكيف أن سطحها وغلافها الجوي وطبقاته ومجالها المغناطيسي خُلقت لتكون حامياً وملاذاً لعيش الكائن الحي وواقياً (سرابيل) من الأضرار والأشعة الكونية بما فيها الأشعة الكهرومغناطيسية والرياح الشمسية وحامياً من ضربات النيازك والأجرام الصناعية والطبيعية الأخرى التي تدخل الغلاف الجوي، وكيف أن الله سبحانه وتعالى خلق في هذا الغلاف أنواعاً مختلفة من الظلال لتقينا من حرارة الشمس ورياحها وأضرار أغلب الأشعة الكهرومغناطيسية مثل أشعة جاما والأشعة السينية (ذوات الطاقة العالية) والأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء والإلكترونات والشحنات الشمسية الحارقة.

الأرض كوكب صغير خلقه الله تعالى بين مجموعة كواكب المجموعة الشمسية في مجرة «درب التبانة»، ويؤلف كوكب الأرض مع عُطارد والزهرة والمريخ الكواكب الأربعة الداخلية الصخرية الصغيرة في مجموعتنا الشمسية، ويأتي بعد هذه الكواكب كل من المشتري وزحل وأورانوس ونبتون لتؤلف الكواكب الأربعة العملاقة الغازية من ثم الكواكب القزمة (بلوتو وجماعته)، فضلاً عن الأجرام السماوية الصغيرة الأخرى الموزعة في المجموعة الشمسية التي لا تُحصى ولا تُعد، إذ قد يصل عددها إلى المليارات بما فيها الكويكبات الصغيرة التي معظمها يدور حول الشمس بين مداري المريخ والمشتري. كما تنتشر بين الأجرام السماوية أعلاه المواد الغبارية والغازية والدخانية.

كوكب الأرض هو المصدر الرئيس للباحثين للحصول عن معلومات الكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية، بصفته الوحيد القابل للحياة، فهو في المرتبة الخامسة من حيث الحجم. وللأرض قمر واحد حجمه ربع حجمها تقريباً ويرتبط جذبياً بها مسبباً مع الشمس ظاهرتي المد والجزر، وهاتان الظاهرتان ليستا بسبب الجاذبية فحسب وإنما ناتجتان عن العلاقة الزمنية المنتظمة، فبغيرها ستتغير حركة الأرض خلال ملايين السنين وقد تدمر الحياة فيها. وكما للشمس والقمر تأثيرات فإن للأرض تأثيرات واضحة في كل الأجسام التي تدور حولها. أو تلك التي تقترب منها بين الحين والآخر كالشهب والنيازك، فأي جسم فضائي يسقط في اتجاه الأرض ستبلغ معدل سرعته 9.81 م /ثانية، مهما كان حجمه، بفعل قوة الجاذبية التي تختلف من مكان إلى آخر من الأرض، وكما هو معروف فإن الأرض تكونت من السديم الشمسي قبل 4.54 مليار سنة.

تُعد الأرض الوحيدة المعروفة لغاية يومنا فيها الحياة التي نعرفها ولها غلاف جوي مميز ومجال مغناطيسي مهم جداً للكائن الحي.«وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ» البقرة 36، الله عز وجل جعل هذا الكوكب ليكون لنا قراراً وبنى في أعلاه من كل الجهات سماءً، وصورنا وأحسن صُورنا، ورزقنا من الطيبات لتكون الأرض لنا مستقراً ومتاعاً إلى حين، وجعل لنا مما خلق ظلالاً ومن الجبال أكناناً، وكذلك جَعل لنا سرابيل تقينا الحر وسرابيل تقينا بأسنا ليُتم نعمته علينا لعلنا نَسْلَم ونعيش على سطحه بهناء وسلام. وجَعل الله هذا الكوكب ليكون مِهاداً والجبال على سطحه أوتاداً، وخَلَقَنَا أزواجاً، وجعل نومَنا سُباتا ومن خلال حركته المحورية حول نفسه والدورانية حول الشمس خلق الليل والنهار، ليكون الليل لباساً والنهار معاشاً، وجعل الشمس لنا سراجاً وهاجاً، وأنزل لنا من المُعْصِراتِ ماءً ثجاجاً ليخرج به حباً ونباتاً وجناتٍ ألفافاً، وخلق في الأرض قطعاً متجاورات وجناتٍ من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يُسقى بماءٍ واحدٍ. كلها نِعَمٌ لا تحصى ولاتُعد، فهذا الكوكب هو الوحيد الذي عرفناه لأننا نعيش على سطحه ومن خلاله تعرفنا على الكون المرئي ومحتواه من نجوم ومجرات وسدم وكواكب فضلاً على موضوعات كثيرة أخرى تتعلق بحياة الكائن الحي ابتداءً من أصغر الجسيمات (الكواركات) وصعوداً إلى أكبر المجرات.

* مدير جامعة الشارقة

* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"