ندرة السلع في بورصة لندن

21:44 مساء
قراءة 4 دقائق

آندي هوم*

على مدار العام الماضي، انخفض عدد وحدات التخزين المسجلة عموماً في بورصة لندن للمعادن من 604 إلى 472 وحدة، وهو الرقم الأدنى والأسرع منذ عقد على الأقل. حيث بلغ إجمالي مخزونات المعادن في البورصة، بما في ذلك ما يسمى مخزون الظل الموجود خارج السوق، 1031 مليون طن مع نهاية يونيو/حزيران، انخفاضاً بمقدار 700 ألف طن عن بداية يناير/كانون الثاني، و224 مليون طن عن يونيو 2021. وأدت الندرة في سلسلة التوريد المادية إلى استنزاف المعدن بعيداً عن البورصة، الأمر الذي أضرّ بإيرادات الإيجار لموردي المخازن. وانخفاض المعادن هنا، وخاصة الألمنيوم، يعني أيضاً فرصة أقل لجني الربح من قواعد التحميل الغامضة في بورصة لندن للمعادن.

كان بيع عملاق التعدين وتجارة السلع الأساسية السويسري «جلينكور» لذراع التخزين والخدمات اللوجستية «أكسيس ورلد» هذا العام أحدث إشارة على مغادرة الأعمال التجارية ذات الصلة، إضافة إلى البنوك لبورصة لندن للمعادن، بعد أن انضمت إليها في أوائل عام 2010.

وفي عام 2010، قاد بنك «جولدمان ساكس» عمليات التخزين في بورصة لندن للمعادن من خلال استحواذه على شركة «ميترو إنترناشيونال» آنذاك. وراهن البنك حينها على أن الأزمة المالية العالمية ستولد موجة تسونامي من الألمنيوم غير المباع. وهو ما حدث بالفعل قبل توليه زمام الأمور، حيث نما مخزون الألمنيوم المسجل في بورصة لندن للمعادن من 1.17 مليون طن في أغسطس/آب 2008، قبيل اندلاع العاصفة المالية مباشرة، إلى 4.6 مليون طن في العام التالي. وتحول ما لم تكن سلسلة التوريد العالمية يخطر في بالها إلى ثروة للقطاع المالي، وفائض من المعدن أدى إلى خلق كومة مادية فائقة جعلت من مناخ الأعمال المبتذل والمتمثل بتمويل الأسهم مصدراً رئيسياً للأموال. وسرعان ما انضم آخرون، أمثال «جلينكور»، و«جيه بي مورجان»، و«ترافيجورا» السنغافورية وغيرها من تجار السلع الأساسية إلى ركب أعمال التخزين للبورصة في مرحلة ما في ذلك العام.

وفي ذروة هذه الموجة الاستثمارية في يوليو 2014، شكلت وحدات المستودعات، المسيطر عليها مباشرة أو المرتبطة بكيانات تجارة المعادن، 62% من شبكة بورصة لندن للمعادن، وانخفضت النسبة منذ ذلك الحين إلى 6% فقط!

ومع اعتماد ربحية التجارة على تكلفة التخزين إلى حد كبير، كان لدى الممولين الحافز الأكبر لنقل الألمنيوم إلى صفقات تأجير أرخص خارج السوق. أدى ذلك إلى طوابير خانقة في ميناء ديترويت الأمريكي، وميناء فليسينجين الهولندي وغيرهما، وتسببت معدلات التحميل التقييدية في بورصة لندن للمعادن، المصممة للمستخدمين الصناعيين ذوي الأطنان المنخفضة وليس للاعبين الماليين من الحجم الكبير، بحدوث اختناقات هائلة للألمنيوم المغادر.

وهنا أصبح بإمكان المشغلين الاستفادة من الدخل القادم من المعدن المحاصر على قائمة الإفراج لجذب تدفقات جديدة، مما خلق تأثيراً إيجابياً لهم ورفع الأقساط المادية أعلى من أي وقت مضى.

أثارت الفضيحة غضب بعض أكبر مستخدمي الألمنيوم في العالم، وتسببت في مواجهة مع المنظمين الأمريكيين، وأجبرت بورصة لندن للمعادن على الشروع في حملة طويلة لتقييد نموذج طوابير الانتظار الحاصل.

في هذه الأثناء، استمرت عربة الألومنيوم في الدوران بشكل خافت في ميناء كلانج الماليزي، حيث واصلت «ISTIM»، شركة التخزين العالمية الرائدة للمعادن، تحميل الألمنيوم في نهاية كل شهر منذ فبراير/شباط 2021، وبلغت مدة الانتظار 109 أيام مع بداية يوليو/تموز.

ولا يزال ميناء كلانج يحتفظ بأكبر كمية من الألمنيوم في شبكة مستودعات بورصة لندن للمعادن. إذ بلغ إجمالي المخزونات (المسجلة منها والظل) 397 ألف طن في نهاية يونيو، أي ما يعادل 60% من إجمالي مخزون الألمنيوم المرتبط بالبورصة. لكن يظل هذا الرقم بعيداً جداً عن 1.7 مليون طن التي كانت موجودة في المستودعات في فبراير من العام الماضي، والسبب عدم وجود إمدادات جديدة. وتضاءل التدفق إلى 14825 طناً في الربع الثاني لهذا العام، وبلغ إجمالي 10450 طناً منذ بداية يوليو. كما انخفضت كمية الحمولة الحية في الميناء إلى 80175 طناً من 430 ألفاً في بداية العام.

لا ينبغي أن يكون مفاجئاً تخفيض سعة التخزين في ميناء كلانج بشكل حاد من قبل معظم المشغّلين تقريباً، مع انخفاض عدد وحدات بورصة لندن للمعادن المسجلة إلى 51 وحدة من 130 قبل عام. ومن بين المشغلين الكبار في الميناء، ألغت «أكسيس ورلد» 32 وحدة، و«ISTIM» 18 وحدة، و«P.Global Services» 16 وحدة تخزين.

وتقلصت سعة التخزين الإجمالية المدرجة في بورصة لندن داخل ميناء كلانج إلى 472 ألف متر مربع في نهاية يونيو من 770 ألف متر مربع قبل عام، وهو ما يمثل نصف الانكماش البالغ 660 ألف متر مربع عبر النظام ككل.

وسجل ميناء جوهور، في ماليزيا أيضاً، ثاني أكبر تخفيض قدره 87 ألف متر مربع من سعة التخزين الإجمالية المدرجة في البورصة، يليه ميناء روتردام في هولندا، حيث انخفضت السعة بمقدار 86 ألف متر مربع. وخسر ميناء فليسينجين أيضاً 49 ألف متر مربع أخرى، بسعة مسجلة تبلغ الآن 67500 متر مربع، بعد أن بلغت المساحة، في ذروة جنون طوابير الانتظار عام 2016، 560 ألف متر مربع من سعة تخزين بورصة لندن للمعادن.

وحده موقع تسليم البضائع «أوينسبورو» في الولايات المتحدة سجل نمواً في السعة العام الماضي، كان ذلك بمقدار 4000 متر مربع فقط بفضل القائمة الجديدة التي قدمتها «جرافتون» لخدمات التخزين، وهي الشركة الوحيدة، من بين 27 مشغل مستودعات تابعاً لبورصة لندن للمعادن، التي سجلت زيادة في عدد الوحدات على مدار ال 12 شهراً الماضية.

يتضح لنا اليوم كيف غيّرت الأسواق مشهد التخزين في بورصة لندن للمعادن، وكيف تحولت أوقات الطفرة في مستويات سوق الألمنيوم العالمي التي استندت إلى فائض المعدن واجتذبت الشركات ذات الوزن الثقيل في «وول ستريت» وتجار السلع على حد سواء، إلى أوقات ندرة الآن، وعاد التخزين في البورصة إلى النظام اللوجستي الذي كان مصمماً قبل أن يجني «جولدمان» وغيره الذهب من جبال الألمنيوم المكدّسة.

*كاتب في (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3kv54k43

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"