مجمع القرآن الكريم.. منارة لخدمة كتاب الله

الشارقة:«الخليج»

حرص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، على خدمة كتاب الله، وعلومه، والعناية بأشكاله المخطوطة، والمطبوعة، والمسموعة، والرقمية، والتعريف بما يتصل به من علوم وأعلام، كان وراء الرؤية الواعية من سموه بإنشاء مجمع القرآن الكريم في الشارقة، الذي افتتحه سموه في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ليصبح أكبر مجمع للقرآن الكريم في العالم، حيث يضم 34 قبة، على مساحة بلغت 75 ألف متر مربع، بتصميم على شكل النجمة الثمانية الإسلامية، عاكسا بذلك اهتمام الإمارة بالعمارة الإسلامية في مبانيها.

ويهدف المجمع إلى تنمية وتطوير مهارات المهتمين، والعاملين في الشأن القرآني، والتأهيل العلمي لحَفظة القرآن الكريم في الدول البعيدة عن العالم الإسلامي، ومنحهم إجازات بأسانيد متصلة بالرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، علاوة على قيام المجمع بالكثير من الأنشطة والبرامج حول الكرة الأرضية شمالاً، وجنوباً، وشرقاً، وغرباً، فيما يضم المجمع 7 متاحف علمية وتاريخية تحتوي على مخطوطات، ومصاحف وكنوز قرآنية تم جمعها من مختلف أقطار العالم على مر العصور، منها متحف تاريخ كتابة المصحف الشريف، الذي يتناول مسيرة تاريخ كتابة المصحف الشريف، منذ بداية تدوين آيات القرآن الكريم في العصر النبوي، حتى عصرنا الحديث، ويبرز أوجه عناية الأمة بالمصحف الشريف، واحتفائها به، حيث يعرض 60 مخطوطة قرآنية، وهو مقسم إلى 15 قسماً، لكل قسم قرن من الزمان، وتم تزويده بأحدث التقنيات لتعريف زوار المجمع بتاريخ الكتابة، إضافة إلى تخصيص غرفة تحاكي غار حراء، مزودة بشاشة عرض، وأجهزة صوتية تعرض قصة بداية نزول القرآن الكريم على الرسول، صلى الله عليه وسلم.
رصد التطور
يحوي المجمع متحف نوادر المصاحف الذي يحتوي على مجموعة كبيرة من المصاحف الثمينة، والمخطوطات الأثرية، ومقتنيات صاحب السمو حاكم الشارقة، إضافة إلى المصاحف الرسمية الصادرة عن مختلف دول العالم، وبلغ مجموع مقتنيات المتحف (308) مقتنيات، موزعة بين المصاحف المخطوطة، والرقاقات، والمصاحف المطبوعة، والترجمات القرآنية.
وتنوعت مصادر هذه المقتنيات، وهي على أربعة أقسام، القسم الأول: مقتنيات مجمع القرآن الكريم، ويضم هذا القسم مجموعة كبيرة من المصاحف النادرة التي يبلغ عددها 167 مصحفاً، ترجع إلى فترات زمنية مختلفة، تتراوح أحجامها بين الصغيرة، والمتوسطة، والكبيرة.
القسم الثاني: مقتنيات صاحب السمو حاكم الشارقة، ويزخر هذا القسم بنفائس من المصاحف المخطوطة، والرقاقات القرآنية النادرة، التي تفضّل صاحب السمو حاكم الشارقة بإهدائها إلى مجمع القرآن الكريم، وقد بلغ مجموع المقتنيات (78) مقتنى، منها 46 مصحفاً يرجع بعضها إلى القرنين الثالث والرابع الهجريين، و32 رقاقة قرآنية.
الثالث: مصاحف الدول الرسمية، ويحوي هذا القسم مجموعة من المصاحف الصادرة عن الهيئات القرآنية والجهات الرسمية في مختلف الدول العربية والإسلامية، حيث يبلغ عدد المصاحف المستقطبة (50) مصحفاً من (14) دولة، مطبوعة وفق الروايات القرآنية المختلفة، وبأحجام ومقاسات متعددة.
القسم الرابع: رسائل النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى الأمراء والحكام، ويحوي هذا القسم مجموعة من الرسائل النبوية إلى الأمراء والحكام، ويبلغ عددها ست رسائل، مع خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أرسل إلى النجاشي ملك الحبشة، وهرقل قيصر الروم، وكسرى ملك الفرس، والمنذر بن ساوى ملك البحرين، والمقوقس عظيم القبط، وملك عُمان وأخيه.
علاوة على متحف القراءات السبع، والعشر، الذي يهدف لتعريف زوار المجمع بعلوم القرآن المجيد، ويقدم شرحاً عن القراءات القرآنية ونشأتها، وعن أعلامها، وطرق أدائها، وأوجه اختلافاتها، وهنا أوضح صاحب السمو حاكم الشارقة، أن الذين انتسبوا بالمقارئ الإلكترونية العالمية في المجمع بلغ عددهم 323 طالباً وطالبة، من 101 دولة، إضافة إلى انضمام طالب جديد من القطب الشمالي، درسوا على يد 18 مقرئاً ومقرئة على جميع الأسانيد، ختم منهم القرآن 227، ومنهم من أنهى بسند واحد، ومنهم من اتصل بعشرة أسانيد، ويتم منحهم شهادة ختم القرآن الكريم، ما يعكس نشاط المجمع، داعياً سموه أفراد المجتمع إلى زيارة المجمع، ومشاهدة مراحل تطور كتابة القرآن الكريم منذ بداية الإسلام إلى عصرنا الحالي، والاستفادة من أنشطة وبرامج المجمع ومنها برنامج المقارئ الإلكترونية العالمية.
عشرة أقسام
يتألف المتحف من عشرة أقسام، فيها تعريف بالقراء السبعة، ورواتهم، وهم: نافع المدني، وراوياه: قالون، وورش، وابن كثير المكي، وراوياه: البزي، وقنبل، وأبو عمرو البصري، وراوياه: الدوري، والسوسي، وابن عامر الشامي، وراوياه: هشام، وابن ذكوان، وعاصم الكوفي، وراوياه: شعبة، وحفص، وحمزة الكوفي، وراوياه: خلف، وخلاد، والكسائي الكوفي، وراوياه: أبو الحارث، وحفص الدوري، إضافة إلى التعريف بالقراء الثلاثة ورواتهم، وهم: أبو جعفر المدني، وراوياه: ابن وردان، وابن جماز، ويعقوب الحضرمي، وراوياه: رويس، وروح، وخلف العاشر، وراوياه: إسحاق، وإدريس.
وتم تزويد الأقسام العشرة بشاشات تتيح التنقل في محتواها ليعيش الزائر مع القراء العشرة، حيث تعرض سيرتهم الحياتية العاطرة، ومسيرتهم العلمية الزاخرة، وتبين أصول رواياتهم وأوجه اختلاف قراءاتهم، وتعرض نماذج صوتية بتلاوات وفق تلك الروايات.
كما تضم هذه الأقسام 20 مصحفاً وفق القراءات السبع، والعشر؛ لتوضح الفروق في رسم المصحف بين كل رواية وأخرى.
ويتميز المتحف ببيان شجرة الإسناد لكل قارئ، وراويه، فيعرض سلسلة الرواة ورجال الإسناد لكل قراءة حتى تصل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم.
كما يعرض المتحف الطريقة القديمة التي درج عليها القراء في تلقي القرآن الكريم من خلال محاكاة للكتاتيب القرآنية، حيث تضم حجرة القارئ ابن عامر الشامي تصميماً لغرفة تعليمية (كُتَّاب) يحتوي على أدوات الكتابة القديمة ونماذج من الكتابات القرآنية بخطوط متنوعة.
متحف أعلام القرآن
ويضم المجمع أيضاً متحف أعلام القرآن عبر التاريخ، وهو المتحف المختص بتسليط الضوء على أعلام القرآن، ويحتفي بهم، ويعرض آثارهم العلمية ومؤلفاتهم القيّمة، ويتألف المتحف من خمسة عشر قسماً موزعة بحسب القرون الزمنية، ويحتوي كل قسم على طائفة من أبرز الأعلام الذين خدموا القرآن، وعلومه في ذلك الوقت، ويضم من المقتنيات 899 تنوعت بين كتب ورقاقات، كما يعرف المتحف بأهم المؤسسات العلمية التي اعتنت بالقرآن الكريم، وبيان أبرز الجهود البحثية التي خدمت القرآن الكريم في العصر الحديث، علاوة على متحف مشاهير القراء الذي يسلط الضوء على سيرة نخبة من القراء المشهورين، وانتشرت تلاواتهم، وكانوا أعلام القراءة في زمانهم، ويضم المتحف أربعة أقسام: الأول يعرف بمشاهير القراء موزعين بحسب بلدانهم وأقاليمهم، ويعرض القسم الثاني مقتنيات نخبة من القراء المشهورين البالغ عددها 277، وفي القسم القسم الثالث تعريف بأشهر قراء: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، فيما تم تخصيص القسم الرابع لمشاهير المقرئات من النساء، ويشمل فيديوهات تعريفية ببعض المقرئات وبعض من كتبهن.

كسوة الكعبة
يضم المجمع متحف كسوة الكعبة، وستائر الحجرة النبوية، ويضم 18 كسوة، يرجع أقدمها إلى القرن العاشر الهجري، (970ه)، ويبلغ طولها (5.75)م، وعرضها (2.75)م، وتتوسط المتحف محاكاة لباب الكعبة وعليه قطعة أصلية من كسوة باب الكعبة، ويضم المتحف ثلاث شاشات عرض كبيرة، مزودة بأحدث تقنيات العرض المتطورة، تعرض تاريخاً متسلسلاً لصناعة كسوة الكعبة وتطورها خلال العصور، إضافة إلى صناعة كسوة الكعبة، والأدوات والمواد والآلات المستخدمة في صناعتها، وحياكتها. كما يضم المجمع قاعة الكون والإنسان في القرآن الكريم، التي تسلط الضوء على الحقائق العلمية في القرآن الكريم، ويظهر من خلالها ذكر القرآن لتلك الحقائق العلمية من قديم الزمان والتي لم يتوصل إليها العلماء إلا في القرن الأخير، وتعرض القاعة 26 موضوعاً تنقسم إلى عشرة أقسام، أربعة منها تتناول الكون منذ بداية خلقه إلى نهايته، وثلاثة أقسام تتناول موضوع خلق الإنسان، وقسم واحد للأرض، وأيضا يضم المجمع المكتبة القرآنية العلمية، وهي مكتبة متخصصة تضم أمهات كتب التفسير والقراءات، وما يتصل بهما من علوم القرآن الكريم والعلوم الشرعية، فضلاً عن 50 ألف مجلد مفهرسة إلكترونياً تتيح للباحثين سرعة الوصول للمعلومة.