عادي
دفاتر المبدع

سالم أبو جمهور: «شخبطات» الطفولة مفعمة بالحيوية

23:22 مساء
قراءة 3 دقائق
سالم أبو جمهور

الشارقة: علاء الدين محمود

يستعيد الشاعر سالم أبو جمهور، تلك اللحظات الأولى التي أعلنت عن مولده كشاعر، ويقلب أوراقاً من الماضي عزيزة على قلبه، ويعود إلى منعطفات أسهمت في صقل موهبته وأدواته الإبداعية، تحكي عن قصة شاعر أجاد في مجالي الشعر الفصيح والنبطي.

يشير أبو جمهور، إلى علاقته القديمة بالكتابة والتعبير، ويلفت إلى تلك «الشخبطات» في فترة طفولته ودراسته الابتدائية في أبوظبي، في مرحلة السبعينات من القرن الماضي؛ حيث كانت مفعمة بالحس الطفولي والبراءة والحيوية والعفوية والتصورات الغريبة عن العالم والأشياء.

وأشار إلى أن تلك الكتابات الباكرة جداً تحتاج إلى قلب وعقل طفل ليفسرها، ويتذكر أحد أبيات شعر تلك المرحلة والذي يقول فيه: «يا من به الدنيا تدور/ مثل الشجرة تحت الطيور». وذلك البيت هو نموذج للكتابات الباكرة في المرحلة الابتدائية، والتي كانت تثير إعجاب من حوله، ويتحدث أبو جمهور، عن ذلك البيت قائلاً: «حركة الدوران هذه لها مكانتها عند الصوفية، فالإنسان يدور لكي يصل إلى مرحلة عدم الاتزان، ويخرج بخياله من لحظة الواقع»، وأوضح أن تلك الصورة كانت حاضرة في ذهنه فعبر عنها بذلك البيت العفوي.

لحظة فارقة

ويذكر أبو جمهور، أنه كان يحس أن بداخله شاعر، ويشير إلى أن أول نص ناضج قام بكتابته كان يدور حول الغزل، و قرأه في حضرة عمه الذي كان هو الآخر شاعراً كبيراً، فأعجب به وأوصاه بضرورة أن يتحلى الشاعر بالمسؤولية، ويوضح أبو جمهور، أن قصائده الباكرة تلك وجدت حفاوة، وصارت تُنشر في مجلة الأزمنة العربية، داخل أهم صفحاتها، في فترة ثمانينات القرن الماضي.

وينعطف أبو جمهور، بالحديث نحو أول مجموعة شعرية طبعت له، والتي حملت اسم «روائح النود»، والتي صدرت عام 1983، ولقيت رواجاً وقبولاً من قبل القراء والأدباء والنقاد، ويذكر أن ذلك الديوان وزع بشكل لافت، وتغنى كبار الفنانين في الدولة بقصائده مثل: جابر جاسم وعبدالله حميد، ويقول أبو جمهور: «أنا راضٍ تماماً عن ذلك الديوان والذي شكل بداية لدواوين أخرى كثيرة مثل: تصاريح، وعلى السيكل، ودكان أمين، وطخ طرخطخ، وبتروكولا، ورسام الأميرة، وملاعب البالون الألمانية، ورجائي، وغيرها من الأعمال الشعرية»، ويوضح أن تلك الدواوين، التي أشار إليها، ينتمي بعضها إلى الشعر النبطي والآخر إلى الفصيح.

وحول المؤلفات والكتب التي كان يقبل عليها في تلك المرحلة، لفت أبو جمهور، إلى حبه وتعلقه الكبير بالمؤلفات القديمة، ومن تلك الكتب التي انجذب إليها بشدة مؤلف كان يحكي عن جانب من حياة جمال عبد الناصر، وكتاب آخر يتحدث عن صيد الأفاعي في مخيمات الكشافة، وأوضح أن أول كتاب كان قد اقتناه هو «نهج البلاغة»، لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهو الكتاب الذي أسس به مكتبته المنزلية الخاصة، إضافة إلى مؤلف آخر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وفي معرض حديثه عن الشعراء الذين تأثر بهم في ذلك الوقت، ذكر أبو جمهور، أن من أهم تلك الأسماء الكبيرة التي أعجب بها كان الماجدي ابن ظاهر «1781 1871»، والذي يعد من أبرز وأشهر شعراء الإمارات، ويصفه أبو جمهور، بأنه قد خيم وسيطر على الشعراء في ذلك الوقت، وألقى بظلاله عليهم، فقد كان ابن ظاهر بمثابة النجم القطبي الذي تتجه إليه الأنظار، وذكر أبو جمهور، أنه يحمل كذلك محبة خاصة لأبي القاسم الشابي، وكذلك أبو الطيب المتنبي.

وفي سياق حديثه عن المؤلفات التي يقبل على مطالعتها في الوقت الحالي، ذكر أبو جمهور، أنه يقرأ أشكالاً وأنماطاً متنوعة من المعارف، لكنه يركز بصورة أساسية على الأعمال التي تبحث في الأديان المختلفة والإسلام بصورة خاصة.

الفلسفة واللغة

ويؤكد أبو جمهور، ضرورة أن يطلع الأديب والشاعر على الفلسفة، مشيراً إلى أنه قد قرأ كتب وأعمال سقراط وأفلاطون، و لفت إلى ضرورة أن لا يكتفي الأديب بالفلسفة الغربية فقط، فلابد من الاطلاع على الأفكار الأخرى، وأوضح أنه قد قرأ وتبحر في الفلسفة الهندية ومدرسة «كونفوشيوس» التي وصفها بالعظيمة، ولابد كذلك من الاطلاع على الملاحم العربية التي لا تقل عن الغربية في شيء، ويلفت أبو جمهور، إلى أن الحكايات والسير العربية مثل «عنترة بن شداد»، و«ذات الهمة»، وغيرها لم تُدرس بصورة أكاديمية ترسخ معانيها، ودعا إلى ضرورة الاهتمام بالثقافة الشعبية العربية، وإلى ضرورة تدريس لغة الضاد بصورة منهجية علمية.

وحول إذا ما كان يعمل على نص شعري جديد، أوضح أبو جمهور، أنه لا يفكر في القصيدة، فهي التي تطرق بابه في لحظة فارقة، مشيراً إلى أنه يعمل في هذه الأيام على جمع دواوينه الشعرية في كتاب واحد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"