عادي

«الحنين إلى الجنة» وتأثير اللاوعي في حياة الإنسان

22:14 مساء
قراءة 3 دقائق
3

تسرد رواية «الحنين إلى الجنة» الصادرة عن الدار العربية للعلوم / ناشرون، للمؤلفة الدكتورة فاطمة الكتاني حكاية أسرة مهاجرة من البادية إلى الحضر خلال عشرين سنة مع عدم الكشف عن هوية المكان والزمان للدلالة على أن التجربة يمكن أن يمر بها أي إنسان وفي كل زمان ومكان.

شك

ود. الكتاني، معالجة نفسية متخصصة في علاج المشاكل الأسرية، وعملها الجديد هو الرابع في سلسلة اختصاصها العلمي، فقد أعادت صياغة المشاكل الأسرية بشكل أدبي ضمن رواية تسرد فيها أشياء وأشياء سيرى كل قارئ للرواية نفسه بين سطورها.

الآباء والأبناء

موضوع الرواية هو العلاقة بين الآباء والأبناء المراهقين؛ على اعتبار أن دور الأب مهم جداً في تعامله معهم، وعليه أن يحاورهم وينصت إليهم ويحترم وجهات نظرهم. لذلك تتم مقاربة هذه العلاقة في الرواية من منظور نفسي، تتّبع من خلاله الكاتبة إشكالية الأب بين الواقع والمثال، ثم تبيّن إشكالية علاقة الأب بالأم وانعكاساتها على العوالم النفسية للأبناء.

المهم فيها هو كيفية التعامل مع ما يجري في الحياة من تغييرات؛ فالأب أبو عمر الذي حرمه والده من متابعة تعليمه، وضغط عليه ليكون مزارعاً مثله، حفّزه هذا الأمر ليغادر أرضه على أمل الرجوع غنياً ومنتصراً، لذلك سيؤثر قراره في كل ولد من أولاده؛ فالشعور بالغربة في أرض لا تشبه أرضهم، والتعرف إلى مجتمع جديد جعل كل فرد منهم يعاني في صمت. فهم يعيشون الغربة على أمل أن يعودوا إلى أرضهم يوماً ما. من هنا تركّز الكاتبة الكتاني على أهمية معرفة الذات عن طريق الاستعانة بالمعالج النفسي عند الشعور بالاضطرابات النفسية، وهذا ما قامت به العائلة عندما بدأت ابنتها نجوى تشعر بحالات من الهلع والخوف والأحلام المزعجة.

وسائط لغوية

وبناء على ما تقدم تتناول الرواية تأثير اللاوعي في حياة الإنسان، وانعكاس ذلك على خياراته في الحياة، لهذا يمكن مقاربة هذا النص الروائي من خلال البحث عن بنية اللاوعي الكامنة في شخوصه، وعند الكاتبة فإن حقيقة البحث في اللاوعي، يتم تأويلها في الرواية عبر الوسائط اللغوية والأدبية.

تبرع الكاتبة والتي أسندت دورها إلى المعالجة النفسية مريم؛ في التعبير عن سلوكات الشخصيات الروائية وحالاتها النفسية بما يمثّلها من مصطلحات التحليل النفسي ذات الحضور الكثيف في دراساتها، لذلك تتبع الكاتبة أسلوباً يعرض الحالات النفسية للشخصيات، ثم تقوم بسرد تحليلي نفسي خاص تحلّل به تلك الحالات، وتعللها، على طريق فهمها وإيجاد الحلول لها. وهو ما سيدركه القارئ للرواية إدراكاً نفسياً، إنه إحساس داخلي يتخلل هذا العمل الروائي الرائد، ويتسرب إلى نفس القارئ ليعينه على الغوص مع شخوص الرواية ومحاكاة الأحداث، ويمنحه شعوراً بالمشاركة في المواقف التي تتعرض إليها كل شخصية؛ تجعله يسأل نفسه ماذا سيكون عليه تصرفي إذا كنت في مكان هذه الشخصية أو تلك؟وخير الكلام ما تقوله الكاتبة الدكتورة فاطمة الكتاني في روايتها «الحنين إلى الجنة»: «ويعيش كل منا وفي عقله اللاواعي حنين إلى الجنة التي هبطنا منها... نبحث عن السعادة في جمع المال وفي نيل الشهادات العلمية وفي علاقات الحب والزواج والمنصب والشهرة والسهر واللقاءات.

ويبقى الحنين إلى الجنة هو المحرك الذي يدفعنا نحو البحث عن ملهيات أخرى.. وهكذا دواليك نستمر في السعي نحو ما هو خارج أنفسنا على الرغم من أن للجنة صومعة مزروعة في قلوبنا لا يدركها إلا من ارتقى في مستوى وعيه واستقرت نفسه في البعد الآخر، ليعيش السكينة والأمان الداخلي..».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"