عادي
عشق الأدب يجمع بين قلبين

زيجات ملهمة في تاريخ الكتابة

22:53 مساء
قراءة 4 دقائق
سارتر وسيمون دي بفوار
جورج هنري لويس وماري آن إيفانس

الشارقة: علاء الدين محمود

تبدو الكثير من العلاقات العاطفية والزوجية التي ربطت بين مبدعين من مختلف أنحاء العالم، كرواية حافلة بالأحداث والتفاصيل والمنعطفات الحياتية، فالذي جمع الكاتب والكاتبة هو الأدب كاهتمام مشترك؛ لذلك فإن الكثير من تلك العلاقات كانت ملهمة بين الطرفين.

كثيراً ما نجد أن أحدهما كتب عن الآخر في سياق إبداعي، أو أنتجت العلاقة تأليفاً مشتركاً أثرى الحراك الثقافي في البلد الذي ينتمي كل واحد منهما إليه.

عرف الغرب العديد من العلاقات العاطفية وحالات الزواج التي جمعت بين أدباء؛ بل إن بعضها عبر عن تيار إبداعي كامل كان له أثره الذي عبر العالم كله، وفي بعض الحالات كان الارتباط الفكري والإبداعي قوياً بحيث لا يذكر الأديب المعيّن إلا مقترناً بشريكة حياته أو توأم روحه، فمن النادر أن يأتي أحدهم بسيرة الفيلسوف والكاتب جان بول سارتر (1905 1980) دون التطرق إلى العلاقة التي كانت تجمعه برفيقة دربه في الفكر والأدب سيمون دي بوفوار (1908 1986)، فالذي جمع بين الاثنين كان أكبر من تلك العلاقات العاطفية التقليدية؛ بل ترابط إبداعي وفكري وثقافي، حيث اجتمعا في الرؤية الواحدة للوجود والعالم، وكان بينهما انسجام كبير.

وعلى الرغم من الكثير من المنغصات التي مرا بها، فإن علاقتهما ظلت ثابتة لمدة خمسة عقود من الزمن، وكان لتلك الرابطة أثرها الكبير في الفكر والإبداع في القرن العشرين؛ بل صارت ملهمة لكثير من الفلاسفة والأدباء الذين أتوا من بعدهما، وكان سارتر يكنّ الإعجاب الشديد لرفيقته ويقدر عالياً إمكانياتها في المجالات التي طرقتها، سواء الفكر أو الأدب، فيما ظلت دي بوفوار تنظر دائماً إلى سارتر بعين الاحترام، وكانت تحمل إعجاباً شديداً بمقدراته الفكرية والإبداعية العالية، فكانت تقول دائماً: «ما أضيق عالمي الصغير إذا ما قيس بعالم سارتر الغني». وظلت ترافقه حتى لحظاته الأخيرة التي كتبت عنها مؤلفاً حمل عنوان «مراسم الوداع».

جنون وانتحار

ومن العلاقات التي عرفتها الأوساط الأدبية البريطانية، قصة الحب والزواج التي جمعت الأديبة فرجينيا وولف (1882 1941)، والكاتب ليونارد وولف (1880 1969)، والذي كان مؤلفاً وصحفياً من أشهر كتاب السيرة الذاتية وله عدد من الروايات، بينما كانت فرجينيا من أيقونات الأدب الحديث للقرن العشرين، ومن أوائل من استخدم تيار الوعي كطريقة للسرد. تزوّجا عام 1912، وأصبحا مؤثرين في مجموعة «بلومزبري» التي كانت تضم مجموعة من الفنانين والكتاب البريطانيين الذين كانوا يقطنون قرب لندن في بداية القرن العشرين، وقد اختار ليونارد أن يدعم زوجته بقوة في مشوارها الأدبي خاصة أن صاحبة «جيوب مثقلة بالحجارة»، ظلت تلقى نجاحات كبيرة في عالم الكتابة والإبداع السردي؛ بل لم يكتف الزوج المخلص بالوقوف إلى جانب محبوبته أيام النجاحات فقط؛ بل كذلك عندما بدأت تهاجمها نوبات الهواجس والقلق والجنون، وكانت تلك أياماً شديدة الصعوبة على حياة الزوجين انتهت بأن قامت فرجينيا بوضع حد لحياتها غرقاً في أحد الأنهار، بعد أن تركت رسالة لزوجها ورفيقها في طريق الأدب والحياة تقول فيها: «كل ما أريد قوله هو أنني أدين لك بكل السعادة التي حصلت في حياتي، لا أعتقد أنه يمكن لزوجين أن يكونا أكثر سعادة منا».

مقاومة وانتصار

الأوساط الثقافية البريطانية كانت شاهدة كذلك على العلاقة الكبيرة التي جمعت الفيلسوف والناقد الأدبي والمسرحي جورج هنري لويس (1817 1878)، والروائية ماري آن إيفانس (1819 1880)، والتي كانت تكتب ردحاً من الزمن باسم جورج إليوت، نسبة للتقاليد والعادات الاجتماعية الثقيلة في العصر الفيكتوري التي كان لها أثر حتى في العلاقة التي جمعت بين جورج وماري، لكنهما تمرّدا على الأطر والقيود الاجتماعية المفروضة في ذلك الوقت لينتصرا لحبهما وعلاقتهما والثنائية التي جمعتهما في رحاب الكتابة حتى صارا من أشهر الأسماء التي عرفها الأدب الإنجليزي، ووقف جورج بشدة إلى جانب زوجته التي أظهرت نبوغاً كبيراً في مجالات الرواية وترجمة الأعمال الفلسفية، وأسهم بصورة كبيرة في استمرار نشاطها الأدبي.

حياة عاصفة

ومن أكثر العلاقات شهرة ورسوخاً في الأوساط الأدبية الأمريكية، تلك التي جمعت بين الكاتب فرانسيس سكوت فتزجيرالد (1896 1940) وزوجته المؤلفة زيلدا ساير (1900 1948)، وكانا من النجوم اللامعة والبارزة في المجتمع الأمريكي في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. ولد الاثنان لعائلتين ثريتين؛ هو ابن عائلة برجوازية صغيرة وهي بنت قاضي المحكمة العليا في ألاباما، جمع بينهما الاهتمام الأدبي والحب فتزوجا عام 1920، ولكن علاقتهما بعد الزواج مرت بتقلبات عاصفة بسبب الخلافات التي كانت تنشأ بينهما، وكثرة التنقل والترحال في حياتهما، وتعرض الزوجة لبعض نوبات الجنون، وقد كتب كل منهما عن حياتهما وعلاقتهما في كتابين منفصلين، حيث ألفت زيلدا كتاباً حمل عنوان «اهدني رقصة فالس»، فيما كتب فتزجيرالد رواية «الليالي الحالمة» التي تتناول حياتهما معاً كذلك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"