عادي

عذب الكلام

23:52 مساء
قراءة 3 دقائق
لوحات فنية جميلة خط عربي

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

ائتلافُ اللّفْظِ معَ الْمَعنى: أنْ تكونَ الألفاظُ مُوافقةً للْمَعاني، فتُختارُ الألفاظُ الجَزْلَةُ والْعِباراتُ الشّديدةُ للفَخْرِ والْحماسةِ، وتُختار الكلماتُ الرقيقةُ والعباراتُ اللّيّنةُ لِلْغزل والْمدح؛ كقول بشار:

إذا ما غَضِبْنا غَضْبةً مُضَرِيّةً

هَتَكْنا حِجابَ الشَّمْسِ أو قَطَرَتْ دَما

إذا ما أعَرْنا سَيّداً مِنْ قَبيلةٍ

ذُرا مِنْبرٍ صلّى عَلَيْنا وسَلّما

وقولِهِ أيضاً:

لَمْ يَطُلْ لَيْلي وَلَكِنْ لَمْ أَنَمْ

وَنَفى عَنّي الْكَرى طَيْفٌ أَلَمّْ

وَإِذا قُلْتُ لَها جودي لَنا

خَرَجَتْ بِالصَّمْتِ عَنْ لا وَنَعَمْ

دُرر النّظم والنّثر

طَيفُ الحَبيبِ

البُحتري (من الكامل)

طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِنْ عُدَوائِهِ

وَبَعيدِ مَوقِعِ أَرضِهِ وَسَمائِهِ

جَزَعَ اللِّوى عَجِلاً وَوَجَّهَ مُسْرِعاً

مِنْ حَزْنِ أَبْرَقِهِ إِلى جَرْعائِهِ

يُهْدي السَّلامَ وَفي اهْتِداءِ خَيالِهِ

مِنْ بُعْدِهِ عَجَبٌ وَفي إِهْدائِهِ

لَو زارَ في غَيْرِ الكَرى لَشَفاكَ مِنْ

خَبَلِ الْغَرامِ ومِنْ جَوى بُرَحائِهِ

فَدَعِ الهَوى أَو مُتْ بِدائِكَ إِنَّ مِنْ

شَأنِ المُتَيَّمِ أَنْ يَموتَ بِدائِهِ

وأَخٍ لَبِستُ الْعَيشَ أَخْضَرَ ناضِراً

بِكَريمِ عِشْرَتِهِ وَفَضْلِ إِخائِهِ

ما أَكثَرَ الآمالَ عِنْدي وَالمُنى

إِلّا دِفاعُ اللهِ عَنْ حَوبائِهِ

وعَلى أَبي نوحٍ لِباسُ مَحَبَّةٍ

تُعْطيهِ مَحضَ الوُدِّ مِن أَعدائِهِ

تُنْبي طَلاقَةُ بِشرِهِ عَنْ جودِهِ

فَتَكادُ تَلقى النُجحَ قَبلَ لِقائِهِ

وَضِياءُ وَجهٍ لَو تَأَمَّلَهُ اِمرُؤٌ

صادي الجَوانِحِ لارتَوى مِنْ مائِهِ

من أسرار العربية

من معاني كلمة «عَيْن»: وقدْ جَمعَها الحسنُ بن أسد الفارقيّ، في أبيات، أختار منها:

بِنْتُمْ فَما كَحَلَ الْكَرى

لِي بَعْدَ وَشْك الْبَيْنَ عَيْنا (الباصرة)

ولَقَدْ غَدا كَلَفي بِكُمْ

أُذناً عَلَيَّ لَكُمْ وعَيْنا (الرقيب)

فأسَلْتُ بَعْدَ فِراقِكُم

مِنْ ناظري بالدَّمْع عَيْنا (عَيْن الماء)

جَادَتْ على أثَرٍ شَفى

عَيْناً لَهُمْ لَمْ تَلْقَ عَيْنا (الشَخص)

مِنْ كُلّ واضحةِ التّرا

ئبِ سَهْلةِ الْخَدَّيْنِ عَيْنا (واسعةُ العَيْن)

غَرّاءُ تَحْسَبُ وَجْهَها

لِلشَّمْسِ حِينَ تَراهُ عَيْنا (شعاع الشمس)

ومن معانيها: السيّدُ، والمَصْدرُ، وعَيْن الْحَرْف، والذّهب..

هفوة وتصويب

يقولون في جمع «مَكيدة»: مَكائد. والصَّوابُ «مَكايد»، لأنّ الياء في «مَكيدة» أصلية، لأنّها مشتقّةٌ من الْكَيْد، فتبقى كما هي في الجمع، ومثلها: مَعِيشة وجمعها: مَعايش. ومَصيدة: مَصايد، ومَصير: مَصاير.. وسببُ هذا الخطأ، توهمهم أنّ «مَكيدة» على وزن «فعيلة» الذي يجمع على صيغة «فعائل» مثل: حَديقة: حَدائق، وشريعة: شرائع، وطريقة: طرائق..ولكنّ مَكيدة على وزن «مَفْعِلة» الذي يُجمع على «مفاعل»، مثل: مَنْفَعَة: مَنافِع، ومِئْذَنة: مآذن، ومَقْبَرَة: مقابر...

ويقولون في جمع «كُفْء»: أكِفّاء (بتشديد الفاء)؛ والصَّوابُ «أكْفَاء» بسكون الكاف وفتح الفاء بدون تشديد، مثل: قُفْل: أقْفال، ورُبْع: أرْباع. أما «أكِفّاء»، فهي جمع كَفيف، وهو الأعْمى، وهي مثل:عَزيز: أعِزّاء، وذليل: أذلّاء..أما كَفِيّ ومعناها الكافي، فجمعها أكْفياء مثل نَبيّ: أنْبياء، وصَفيّ: أصْفياء، ونَقيّ: أنْقِياء. قال أحمد محرم:

إنّا نَعُدُّك لِلْجُلّى وأنْتَ لها

كُفْءٌ إذا قَلَّ أكْفَاءٌ وأقْرانُ

من حكم العرب

ما أتَيْنا إلى الْحياةِ لِنَشْقى

فأريحوا - أهْلَ العُقولِ - الْعُقولا

كُلُّ مَنْ يَجْمَعُ الْهُمومَ عَلَيْهِ

أخَذَتْهُ الْهُمومُ أخْذاً وَبيلا

البيتان لإيليا أبي ماضي، يحثُّ فيهما – من قصيدةٍ طويلةٍ – على التحلّي بالتفاؤل والأمل، ونبذِ الهموم والأثقال، لأنّها لا تورث إلّا الشقاءَ والضّنك. أما من يكون جميلاً متفائلاً، فسيرى الوجودَ جميلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"