عادي

عذب الكلام

22:07 مساء
قراءة 3 دقائق
عذب الكلام

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

تَشْبيهُ الشَّيءِ بالشَّيءِ حَرَكةً، وهَيئْةً، كقَوْلِ عَنْترة.

وتَرى الذَّبابَ بها يُغَنَّي وَحْدَهُ

هَزِجاً كفِعْلِ الشَّارِبِ المُتَرَنَّمِ

غَرِداً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ

قَدْحَ المُكِبَّ على الزَّنادِ الأجْذَمِ

وكقَوْلِ حُمَيْد بن ثَوُر:

أرِقْتُ لِبَرْقٍ آخِرَ اللّيْلِ يَلْمَعُ

سَرَى دائِباً فِيهِ يَهُبُّ ويَهْجَعُ

دَنا اللَّيلُ واسْتَنَّ اسْتِناناً رفيقُهُ

كَما اسْتَنَّ فِي الغابِ الحَرِيقُ المُشَيَّعُ

وكقَولِ ابْن هَرْمَة:

تَرَى ظِلَّها عِنْدَ الرَّواحِ كأنَّهُ

إِلى دَفِّها رألٌ يَخُبُّ جَنِيبُ

دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر

حَنين الأب

عمر بهاء الدّين الأميري

(من الكامل)

أَيْنَ الضَّجيجُ العَذْبُ والشَّغَبُ؟

أَيْنَ التَّدارُسُ شابَهُ اللَّعِبُ؟

أَيْنَ الطُّفولَةُ في تَوَقُّدِها؟

أَيْنَ الدُّمَى، في الأَرْضِ، والكُتُبُ

أَيْنَ التَّباكي والتَّضاحُكُ، في

وَقْتٍ مَعاً، والحُزْنُ والطَّرَبُ؟

يَتَزاحَمونَ عَلى مُجالَسَتي

والقُرْبِ مِنّي حَيْثُما انقَلَبوا

يَتَوَجَّهُونَ بِسَوْقِ فِطْرَتِهِمْ

نَحْوي إِذا رَهِبُوا وِإِنْ رَغِبُوا

فَنَشيدُهُم «بابا» إِذا فَرِحوا

ووَعيدُهُم «بابا» إِذا غَضِبوا

بِالأَمْسِ كانوا مِلْءَ مَنْزِلِنا

واليَوْمَ، وَيْحَ اليَوْمِ، قَدْ ذَهَبوا

ذَهَبوا، أَجَلْ ذَهَبوا، ومَسْكَنُهُمْ

في القَلْبِ، ما شَطُّوا وَما قَرُبوا

إِنّي أَراهُمْ أَيْنَما الْتَفَتَتْ

نَفْسي، وقَدْ سَكَنوا، وقَدْ وَثَبوا

قَدْ يَعْجَبُ العُذَّالُ مِنْ رَجُلٍ

يَبْكي، ولَوْ لَمْ أَبْكِ فَالعَجَبُ

هَيْهاتَ ما كُلُّ البُكا خَوَرٌ

إِنّي، وبي عَزْمُ الرِّجالِ، أَبُ

من أسرار العربية

في أوصاف اللّسان: الحادُّ اللِّسان: ذَرِبٌ، وفَتِيقٌ. الجَيِّدُ اللِّسانِ: لَسِنٌ. يَضَعُ لسانَهُ حيثُ أَرادَ: ذَليقٌ.

الفصِيحُ، البَيِّنَ اللَّهْجَةِ: حُذَاقِيّ. مَعَ حِدَّةِ لِسانِهِ، بَلِيغٌ: مِسْلاقٌ. لا تَعْتَرِضُ لِسانهُ عُقْدَةٌ، ولا تتَحَيَّفُ بَيانَهُ عُجْمَةٌ: مِصْقَعٌ. كانَ لِسانَ القَوْمِ والمُتَكَلِّمَ عَنْهُمْ: مِدْرَهٌ؛ قال الشاعر:

وأَنتَ في القوم أَخُو عِفَّةٍ

ومِدْرَهُ القومِ غَداةَ الخِطابِ

وفي عُيُوبِ اللَسانِ والكَلامِ: الرُّتَةُ: حُبْسَة في اللِّسانِ وعَجَلَةٌ في الكلامِ. اللّكْنةُ والحُكلَة: عقْدَةٌ في اللِّسانِ وعُجْمَة في الكَلام. الهَتْهَتَةُ والهَثْهَثَةُ (بالتاءِ والثَّاءِ): حِكايةُ صَوْتِ العَيِيِّ والألْكَنِ. اللُّثْغَةُ: أنْ يُصَيِّرَ الرَّاءَ لاماً، والسِّينَ ثَاءً في الكَلامِ. الْفأْفَأَةُ: التّردُّدُ في الفاءِ. التَّمْتَمَةُ: التّردُّدُ في التَّاءِ. اللَفَّفُ: ثِقلٌ في اللِّسانِ وانعِقاد. اللَّجْلَجَةُ: إِدخالُ بَعْضِ الكَلام في بَعْض. الخَنْخَنَةُ: التّكَلُّم مِن لَدُن الأنْفِ. المَقْمَقَةُ: التّكَلُّم مِن أقْصى الحَلْقِ.

هفوة وتصويب

ترد كثيراً مثل هذه العبارة، في بعض وسائل الإعلام، وعند كتّاب كثر «وهذا الأمرُ يُحْتذى به» بمعنى يتّبع.. وفيها حشوُ.. والصواب أن يقال «وهذا الأمرُ يُحْتذى» من دون حرف الجرّ؛ ففي المعجم: حَذا حَذْوَ فلانٍ: فَعَلَ فِعْلَهُ. والحَذْوُ والحِذاءُ: الإِزاءُ والمُقابِل؛ قال بشّار بن برد:

حَذا خالِدٌ في فِعْلِهِ حَذْوَ برْمكٍ

فَمَجْدٌ لَهُ مُسْتَطْرَفٌ وأَصيلُ

يلفظ كُثُرٌ كلمة «اللثة»، بثاء مشدّدة، وهي خطأ، والصواب فتحها من دون تشديد، «اللّثَة». والجمع «لِثات» ففي صحيح المعاجم: اللَّثُّ والإِلْثاثُ واللَّثْلَثَةُ: الإِلْحاحُ، والإِقامَةُ، ودَوامُ المَطَرِ. واللَّثُّ: النَّدى. ولَثَّ الشَّجَرَ: أصابَهُ. قال الشاعر:

فما رَوْضة مِنْ رياض القَطا

ألَثّ بها عارض مُمْطِر اللَّثَةِ

من حكم العرب

رَأَيْتُ الحُرَّ يَجْتَنِبُ المَخازي

ويَحْمِيهِ مِنِ الغَدْرِ الوَفاءُ

وما مِنْ شِدَّة إلّا سَيَأْتي

لَها مِنْ بَعْدِ شِدَّتها رَخاءُ

البيتان لأبي تمّام، يقول إن حياة بعض الناس، قد تكون ملأى بالمنغّصات، لكن الحرّ الواثق بنفسه، يتعامل معها بصدق ووفاء.. لأن الفرج سيكون قريباً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5c3mmxzj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"