عادي
بناء الوعي

التسامح أساس وحدة الوطن 

23:00 مساء
قراءة 3 دقائق

ترى د. آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر بالقاهرة، أن بناء الوعي قضية محورية تؤثر في حاضر ومستقبل الأوطان، وأن أهم جوانب هذه القضية الوعي بأهمية التسامح وقبول الآخر، لأن المشتركات الإنسانية تجمع أبناء الوطن الواحد من ذوي الانتماءات المختلفة، والتوافق يعد ضرورة لمصلحته.
تقول نصير: غرس قيمة التسامح يبدأ من سنوات الطفولة، نظراً لأهمية توعية الأطفال باحترام الآخر، وبيان أن الأخوة الإنسانية تجمع الناس جميعاً، وأن جميع أفراد المجتمع على قدم المساواة، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو العرق أو اللون، وأن احترام الآخر المخالف يعد من تعاليم الشريعة الإسلامية، والحق سبحانه وتعالى يقول: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» الآية (1) سورة النساء. ولذلك لابد من إعلاء المشتركات الإنسانية والوطنية بين أبناء المجتمع الواحد من ذوى الانتماءات المختلفة.

وتضيف: جهود نشر الوعي بقيمة التسامح يجب أن تتجسد في التفاعل مع المبادرات التي تنظمها الدولة، وأن تركز وسائل الإعلام عليها، لأن نشر الوعي عملية تراكمية تحتاج إلى جهد ووقت ومتابعة، وأن يقوم علماء الدين بدورهم في ذلك، لكون الوعي يدعم استقرار المجتمعات ويرسخ مبدأ المواطنة. ويجب أن تستمر جهود نشر التسامح ولا تتوقف، لأنها قضية تهم مستقبل وحاضر المجتمع، وتتعلق ببناء شخصية المسلم، فالأمر ليس فقط التسامح مع المخالف داخل نفس الوطن؛ بل يمتد للتعامل مع المخالف في أي مكان أو مجتمع، فعندما يظهر التسامح في سلوك المسلم مع غيره، فإننا بذلك نقدم نموذجاً حقيقياً وواقعياً لسماحة وعظمة الإسلام.

وتؤكد أن هدف نشر الوعي بقيمة التسامح أن ينعكس ذلك على المعاملات، وأن تتحول التوعية إلى واقع ملموس، لأن الشريعة الإسلامية تحث على ذلك، والحق سبحانه وتعالى يقول: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» الآية (8) سورة الممتحنة.

وتوضح نصير أن الوعي بالتسامح ينطلق من كونه ضرورة حث عليها الإسلام، وأنه أيضاً ضرورة وطنية، من خلال عرض تأثير التسامح على تقدم ورفعة الوطن، وأن الأمم التي تعلي قيمته هي المجتمعات التي تحقق النهضة والتقدم في المجالات كافة، فعندما يسود التسامح يتحقق الخير لجميع أبناء الوطن، والتسامح يكون أيضاً بنبذ الفرقة والخلاف والعصبية؛ بل يعني الحوار والحكمة، وأن تظهر هذه المعاني في وسائل الإعلام، من خلال التركيز على قضايا الوطن، وسبل تحقيق التعايش السلمي، والبعد عن القضايا التي تمس العقيدة أو تنال من حرية الآخرين، لأن المواطنة هي المبدأ الذي يحكم أبناء المجتمع الواحد من ذوي الانتماءات المختلفة، وهنا يجب أن نركز دائماً على أن المشتركات الإنسانية والوطنية.

وتطالب بأن تركز جهات نشر الوعي على قيمة التسامح، وذلك سواء في الجامعات أو المدارس أو الإعلام، لأنه إذا غاب التسامح فلا يمكن الحديث عن بناء وعي المجتمع، فهو يتحقق وينشأ في بيئة ينتشر فيها التسامح وتسود فيها روح المودة والرحمة.

وتشدد على أهمية أن يظهر التسامح في سلوك الإنسان، لأنه ليس شعارات ترفع، أو كلمات تردد، لكنه أفعال وتصرفات، ينبغي أن تنعكس على تعامل المسلم مع غيره، سواء كان المسلم يعيش في بلاد أغلبها من المسلمين، أو أغلبها من غيرهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"