عادي

أمل الزعابي: لم أخطط للتعامل مع المدمنين

22:32 مساء
قراءة 4 دقائق

العين: راشد النعيمي

حسمت الأقدار، ومعها العزيمة والتصميم، مستقبل أمل راشد الزعابي الذي كان يسير بها لتكون ربة بيت تعتني بأسرتها بعد أن حصلت على شهادة الثانوية العامة، لكن يبدو أنها كانت تشعر بأن ثمة بقية مثيرة لقصتها في الحياة بدأت شرارتها في عيد ميلادها الخامس والعشرين. حينها التقطت صحيفة تحمل إعلاناً لشواغر في تخصصات طبية فوجدت نفسها تنخرط في أحدها، وتنال شهادة التمريض، ومن ثم تتقدم إلى الماجستير وتحصل على درجته من جامعة الشارقة في تخصص الريادة في تعليم المهنيين الصحيين.

عند وصول أمل الزعابي للصف الثاني الثانوي وجدت تشجيعاً من مدرّساتها، خاصة بعد أن برز تميزها في اللغة الإنجليزية، ما جعلها تتجه إلى إحدى الجامعات الأجنبية فور نجاحها وحصولها على الثانوية العامة لتتخصص في تدريس اللغة الإنجليزية، لكن بسبب ظروف عائلية لم تستطع الدراسة فيها لتلتحق إثر ذلك بإحدى المؤسسات الحكومية. كانت فكرة الدراسة تراودها ليل نهار وتدور في بالها، وتشير لها أن هناك فصولاً أخرى من قصة دراستها وتخصصها وعملها لم تتضح بعد.

1
أمل الزعابي

تقول أمل الزعابي: تزوجت وتحولت إلى ربة بيت، ووجدت نفسي غير قادرة أن أستمر في ممارسة هذا الدور، لكن هاجس الدراسة كان يلاحقني فانضممت إلى دورات تأمين وسكرتارية، وفي يوم عيد ميلادي الخامس والعشرين جلست أفكر في مستقبلي، وغايتي في هذه الحياة، وأتأمل كيف أحقق حلمي، وعندما جاء الصباح وجدت إعلاناً لهيئة الصحة تطلب فيه تخصصات طبية متنوعة منها التمريض فتقدمت وقبلت في كلية التقنية ضمن برنامج التمريض.

حياة الناس

كانت أمل الزعابي متخوفة من التخصص، لكن مع الدراسة أحبته وساندها في ذلك حبها وتعلقها السابق بمواد لأحياء والرياضيات والفيزياء ورغبتها في تعلم أي شئ يتعلق بجسم الإنسان. لذلك جذبها التخصص ووجدت أن دورها المستقبلي مهم لأنه يتعلق بحياة الناس وأرواحهم، وهي رسالة إنسانية تتناسب مع توجهاتها في هذه الحياة.

1
أمل الزعابي خلال إحدى المحاضرات

وعن فترة الدراسة، تقول: كنت مع الطالبات نحاول أن نثبت تميزنا لذلك كانت درجاتي عالية ومتميزة. ورغم أني لم أكن أحلم بدراسة التمريض وجدت نفسي أتعمق وأعشق المعلومات والتدريب، وتمنحني نظرات المرضى المزيد من التفاؤل والعزم والتصميم خاصة لنا نحن كمواطنات، فقد كانوا يشجعوننا على العناية بهم، وكنا نملك ميزة في التعامل مع كبار السن منهم تتمحور في فهم متطلباتهم ومعرفة حاجاتهم أكثر من أي أحد آخر.

كنا الأقرب لهم، ما حبب لي التخصص أكثر وحوّل تخصصي من وظيفة إلى رسالة إنسانية تمنحك انطباع أنك تخدم فئة محتاجة للرعاية ولجميع من تتواصل معه فكان وجودنا يلطف الأجواء ويمنحهم الكثير من الارتياح.

وتضيف: خلال الدراسة في الكلية كنت أحب إنشاء مجموعات دراسية وتجميع الطالبات للتفكير في مشروعاتنا، وكنت أحب تبادل الأفكار وأشجعهن على التعاون، وكنّ يسمّينني الأم، لأني كنت وقتها متزوجة وعندي أبناء وبيت ومسؤولية أكثر من الطالبة العادية، فكنا نؤازر بعضنا بعضاً في تكملة مشوار الدراسة والتغلب على مختلف الصعوبات والعوائق، وأن نكمل متطلبات التخرج كمجموعة من دون أن تنقص منا طالبة واحدة.

ميدان العمل

بعد الانتهاء من الدراسة والتخرج جاء وقت الوظيفة، وتشير أمل الزعابي إلى أنها تعينت ممرضة في المركز الوطني للتأهيل، وتعاملت مع مرضى الإدمان، وكانت تجربة جديدة لم يكن في الحسبان خوضها. وتقول: التمريض لا يتضمن مجال الإدمان، ما يتطلب إضافته للحرص على أداء أكثر اختصاصاً ودقة في التعامل.

وتضيف: عملت في المركز الوطني للتأهيل وكان يراودني هاجس التطور والارتقاء فكنت دائماً أشارك في المحاضرات والدورات وأحب المشاركة، وأن أكون في موقع المحاضر لكني كنت أخجل لذلك انضممت إلى دورات في متطلبات التدريب واحتياجاته. وكنت أبحث عن دراسة الماجستير في مجال يخص التعليم، وينفعني في مجال عملي حتى توصلت إلى تخصص في جامعة الشارقة يعنى بتدريس المهنيين الطبيين لكن التحدي أن عملي في أبوظبي وأني مرتبطة ببيت وعائلة.

وعن تلك المرحلة تقول: تشاورت مع العائلة وحصلت على الدعم منها في الدراسة ومن مسؤولتي في العمل وسجلت في جامعة الشارقة وكانت الدراسة صعبة بسبب انقطاعي لمدة 9 سنوات عنها، لكن وجود الزملاء ونظام التعليم وموضوعاته، إضافة إلى مرورنا بفترة «كورونا»، أسهمت في تفوقي خلال الدراسة إلى جانب الهدف الأسمى وهو التطور وتطوير المخرجات، وكان زملائي أطباء من مختلف التخصصات، إذ لم يكن المجال خاصاً بالتمريض والممرضين.

عطاء وتحدٍّ

تنصح أمل الزعابي كل شخص يفكر في أن يكمل دراسته بتحديد الأشياء التي يحبها والقادر على العطاء فيها، ثم الاتجاه إليها بعد معرفة المناسب لشغفه إضافة إلى البحث في تطوير تخصصه طبقاً لاحتياجات سوق العمل. وتطالب كل فتاة متزوجة بألا تتوقف أحلامها بسبب ذلك؛ فهناك مجال للجمع بين الدراسة والأسرة والوصول إلى أفضل المستويات، الأمر الذي يشمل الشاب أيضاً لأن الأسرة يجب ألا تتحول إلى عائق عن الدراسة.

وتقول: بعد تجربة «كورونا» تغيرت أوضاع الدارسة وبرز مفهوم المعلم التقني الملم بالبرامج المختلفة للدراسة عن بعد ، فأصبح لزاماً علينا زيادة جرعة دراسة التقنيات التي تساعد على التعليم الإلكتروني لذلك حرصت على الالتحاق بدورات في هذا المجال وهو أمر مهم في مواكبة الجديد في هذه المجالات.

وأخيراً، تحقق حلم أمل الزعابي، كما تقول، ووصلت للعمل في المركز التدريبي بالمركز الوطني للتأهيل كممرض مسؤول وتلقي محاضرات وتشارك في مؤتمرات وفخورة بما وصلت إليه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"