عادي
سيمفونية قلم

نظرية الهبوط والصعود

23:34 مساء
قراءة دقيقتين
توفيق سكر

سيمفونية قلم: إيمان الهاشمي

1
إيمان الهاشمي

ارتبطت طرابلس بمسقط رأسه، وترأست بيروت قوته وبأسه، فصبَّت ألحانه أنفاساً في حسه، وكبّتت أحزانه السم في كأسه، فقد وُلد ضعيف البصر حد العمى، وكأنه هدف ضائع بلا مرمى، ولكنه كان حاد البصيرة شامخ الهمة، قوي الشكيمة واسع المهمة، عالي الذّمة قليل المَذمة، وهكذا أصبح توفيق سكر الموسيقي الإبداعي المملوء بالمشاعر والأحاسيس، من أوائل المؤلفين العرب الذين تخرجوا في المعهد العالي في باريس. وبذلك ذاب سكر كالسكر في الترانيم المارونية، والتوزيعات البوليفونية، والعلوم الهارمونية، والموسيقى الشرقية، والأعمال الكلاسيكية، فدمج النوتات العربية بالغربية، حتى لامس أدق ملامح النجوم، الأمر الذي عرَّضه إلى الكثير من الهجوم، فقد سَلك مسيرة تربوية وتطويرية متعبة وشاقة، لدرجة وصف خطواتها بأنها متعددة الأوجه ومتشعبة العلاقة، كما لو كانت رزمة واحدة من الأزهار المختلفة في باقة. هكذا خاضت مؤلفاته تجارب «سكرية» المذاق، عظيمة القيم وطيبة الأخلاق، تخرج بأسلوبه المتميز من الأعماق، ولا تعرف الغش أو الكذب أو النفاق؛ بل في واقع الأمر لا شبيه لها على الإطلاق، وإن كانت لا تتناسب مع جميع الأذواق؛ حيث لا يستطيع تذوق حلاوتها إلاّ مُلاّك الأشواق، وربما العشاق أو أصحاب العناق بلا أعناق. ولعل ذلك يعود إلى نقاء سريرته الملتفة حول صفاء النية، ليصبح بعدها سفيراً للحن بما وراء الحدود اللَبنانيّة، واستمر نجاحه إلى أن غيّب الموت حضوره في آخر النجاحات؛ وذلك سنة 2017 عن عمرٍ نقص عن المئة بخمس سنوات.

بعيداً عن حالته الصحية أو المرضية، وعن أسباب مغادرة روحه الفضية، وتماشياً مع أسطورته وجنونه حول تلك الفَرضية، نرى أنه أثبت بمجرد وجوده على وجه الكرة الأرضية، نظرية الهبوط من العالم الحقيقي، عبر الصعود إلى السلم الموسيقي.

التاريخ:

1922 – 2017 (95 سنة)

الاسم: توفيق سكر

الجنسية: لبناني

النشاط: موسيقي

من أعماله:

Suite Asqaq

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jmjufaf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"