عادي

الفلسفة بين الشرق والغرب

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
2

ميسون أبوبكر

إن كانت الفلسفة تعني حب الحكمة فقد كان للفلاسفة مشارب كثيرة وآراء مختلفة؛ لذلك عرفت بعلم التعاريف، واقترنت بالتأمل والتدبر، وعلى الرغم من أنها في عصور مضت اعتبرت جنوناً وضرباً من السحر والشعوذة، وواجه الفلاسفة من مجتمعاتهم ما واجهوه؛ لكنهم وعبر قرون عاشوا في ذاكرة التاريخ، وبقيت فلسفاتهم نبراساً وفي عباراتهم حكمة لا تخون، فالفلاسفة بلا تصنيف حملوا نظرة كونية وعالمية خاصة بكل البشر وليس بنطاق إقليمي محدود.

برع فلاسفة من الشرق كما فلاسفة الغرب فيُذكر الفارابي كما يذكر أرسطو ويُذكر ابن تيمية ( الفيلسوف الذي نقد الفلسفة) كما يُذكر سقراط وغيرهم.

«أولادكم أولاد الحياة» من منا لم يقرأ هذه العبارة ولم يتعمق في معناها؟! لا بد أن شريحة كبيرة منا تعرف قائلها فهو من فلاسفة العصر الحديث -كما جاء في أكثر من مرجع وكتاب- الشاعر والفنان والفيلسوف جبران خليل جبران، واشتهر بنظرته الفلسفية حول الإنسان والكون والحب.

بينما أسهمت عناصر كثيرة بالتعريف بجبران سواء في المهجر أم بارتباطه بالأديبة مي زيادة وشهرة أجنحته المتكسرة وكتابه النبي؛ إلا أن الأديب الكبير والناقد الأدبي الذي لم ينج من أن يكون فيلسوفاً؛ ميخائيل نعيمه لم يحظ بذات الانتشار من وجهة نظري بالقدر الذي كان يستحقه، على الرغم من مكانته الفكرية وأثره البليغ.

ناسك الشخروب كما لُقّب نعيمة فهو الذي كان ينفرد بنفسه لساعات على تلة تسمى الشخروب مواجهة لبلدته بسكنتا على جبل صنّين يتأمل الطير والطبيعة ويستلهم حكمته من وجوه المزارعين والناس الكادحين في الحياة، فغزل من تأملاته عباراته الخاصة به التي تحاكي فلاسفة العالم.

لقد غرق ميخائيل نعيمة في عزلته فتطهّرت أُذناه من الضجيج وثارت براكينه حتى دوّنها فكراً وأدباً، وحمل بسكنتا معه كتعويذة حنين تشعّ كلما لوحت له صنّين وكلما حان قطاف الشوق إليها.

إن كان أرسطو الذي آمن أنَّ الفضيلة الأخلاقية تكمن في تحاشي التطرُّف في السلوك وإيجاد الحد الوسط بين طرفين؛ فإن ميخائيل نعيمة كتب عن الحرب فقال: «والحرب لو يعلمون لا تستعر نيرانها في أجواف المدافع؛ بل في قلوب الناس وأفكارهم أيضاً» وكتب في الصداقة: «متى أصبح صديقك بمنزلة نفسك فقد عرفت الصداقة» وكتب أيضاً: «ما أفقر الذين لا ثروة لهم إلا المال».

نعيمة الذي عاد من المهجر إلى لبنان التي ولد فيها، فقد بنى له أهل بسكنتا تمثالاً على صخرة ترحيبية في أرض شخروب تظلّلها أشجار السنديان حف عليها صورة وجهه.

فسلاماً على من صنعوا السلام وحملوا الفكر كقناديل مضيئة داخل البشر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yw3kepcz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"