عادي
«فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ»

فوائد الاستغفار

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين
3

د. سالم الشويهي
حين كان نوح، عليه السلام، يدعو قومه أمرهم بالاستغفار معدداً لهم فوائده الكثيرة كما حكى عن نفسه لربه:«فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا } يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا». ولا يخفى أن هذه الآية قد أتت على جُلّ فوائد الاستغفار، واختصرتها في كلام جامع معجز.

ولعلكم تتساءلون: لماذا نصح نبي الله نوح قومه بالاستغفار وعدد لهم فوائده الكثيرة مع كفرهم بالله وتكذيبهم لدعوته؟ ذَلِكَ كما في بعض الآثار: «أَن قَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوهُ زَمَانًا طَوِيلًا حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَطَرَ وَأَعَقَمَ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَهَلَكَتْ أَمْوَالُهُمْ وَمَوَاشِيهِمْ»، فمن نُصح نوح، عليه السلام، لقومه أنه أراد لهم الأمان من عذاب الله بالاستغفار.

وللزومِ الاِسْتِغْفَار فوائد كثيرة وثمرات عظيمة عاجلة وآجلة منها: محو الذنوب، وستر العيوب، وإدرار الرزق، والعصمة في المال، وحصول الآمال، وجريان البركة في الأموال، وقوة في الأبدان، والعيش بأمان في الدنيا وإلى دخول الجِنان.

وأعظم من ذلك كله رضا الغفور الرحمن، جاء رجل إلى الحسن البصري وشكا إليه الفقر، فقال له: استغفر الله ثم جاءه آخر: وشكا إليه جفاف بستانه وتأخر الغيث فقال له: استغفر الله ثم جاءه ثالث فقال له: امرأتي عاقر لا تلد فادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له: استغفر الله، فعجب القوم من إجابته وقالوا له: عجبنا لك أوكلما جاءك شاكٍ قلت له استغفر الله؟ فأرشدهم إلى الفقه الإيماني، والفهم القرآني، والهدي النبوي، فقال لهم: ما قلت ذلك من عندي شيئاً، أوما قرأتم قَوْلَهُ تَعَالَى حكاية عن نوح لقومه: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا».

ولذلك وجهنا نبينا المصطفى، صلى الله عليه وسلم، بالاستغفار دائماً وفي كل حال فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلى اللهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإنِّي أستغفر الله وأتُوبُ إليهِ فِي اليَوْمِ مِائةَ مَرَّةٍ» (يرسل السماء عليكم مدرارا).

وكانَ الحسن البصري إِذَا رَأَى السَّحَابَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «فِيهِ وَاللَّهِ رِزْقُكُمْ وَلَكِنَّكُمْ تُحْرَمُونَهُ بِخَطَايَاكُمْ»،

فبالاستغفار تتنزل الرحمات وتنجلي الكربات «ويمددكم بأموال وبنين»، وهما زينة الحياة الدنيا «المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، «ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا» ببركة الاستغفار واللجوء إلى الخالق العظيم المصرف لهذا الكون الفسيح «مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلفكم أطوارا» أي: وقد جعل لكم في أنفسكم آيةً تدل على توحيده من خلقه إياكم من نطفة، ثم من علقة شيئاً بعد شيء إلى آخر الخلق أي: ومقتضى علم ذلك شدة الرهبة من بطشه وأخذه، لعظيم قدرته. هذا في أنفسكم.

وهكذا يستدل على باهر عظمته، وقاهر قدرته من آياته الكونية.

كما قال تعالى:»سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ».

ومَنْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ وما حوله من بديع خلق الله مِنَ الْآيَاتِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ، ظهرت له عظمة باريه وآيات مبديه جل في علاه فاللهم ارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى وجنبنا الردى ومضلات الفتن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/kz5k7xc4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"