د. مايا الهواري
الزواج أمر شرعه الله، تعالى، لبناء الأسرة وفق أسس معينة قانونية، دينية، مجتمعية، ثقافية، وهو السبيل لتكوين عائلة تساعد في بناء المجتمعات، ومع اختلاف طرق وعادات الزواج في جميع أنحاء العالم، إلا أن له الهدف ذاته، مع فوارق بسيطة من العادات والتقاليد المتبعة لدى كل بلد، كذلك المعايير التي يتم وفقها اختيار الزوجين، فالبعض يختار الشريك الآخر بناء على التوافق الأسري أو العلمي أو المالي أو الجمالي أو الديني وغيره، وقد يجتمع أكثر من أمر في هذا التوافق، ولا ننسى معيار التوافق العمري الذي يعده البعض شرطاً أساسياً لصحة الزواج.
إن الإقدام على فكرة الزواج يعني أن يمتلك الرجل مقومات تساعده على طرق باب شريكته؛ إذ لا بد أن يمتلك المنزل الذي سيسكن فيه، ولديه العمل الذي يمكن من خلاله إعالة الأسرة، والإنفاق عليها، وتأمين الحياة الكريمة لها، حتى يعف نفسه وأهل بيته، يقول النبي الكريم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج....)، كما أن الزواج طريق لكسب الحسنات، وإشباع الغرائز التي وضعها الله، تعالى، في الإنسان، لاستمرار الحياة، وإعمار الأرض، والزواج وسيلة للتعاون بين الطرفين، فالزوج يسعى إلى كسب المال، وتدبير شؤون الحياة، بالمقابل يقع على عاتق الزوجة تدبير أمور منزلها، وتهيئة أسباب المعيشة والراحة؛ لذا يجب على المرء أن يعلم أن الله يكون بعون كل من سعى إلى تكوين أسرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (ثلاثة حق على الله عونهم، المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)، ولكن على الرغم من ذلك فإننا نجد بعض الأهل يعرقلون الزواج من خلال شروط تعسفية يضعونها في طريق الزوج، وقد تكون تفوق طاقته وقدراته، وكذلك بالنسبة للزوجة؛ إذ يشترط البعض على الزوج أن يكون حاصلاً على شهادة جامعية عالية، ولديه منزل كبير فخم، وسيارة، وعمل يدر عليه مالاً كثيراً ما يجعل هذا الإنسان يعزف عن الزواج، لكثرة متطلبات أهل العروس، فما المانع لو أكمل الشخص دراسته وهو في بيت الزوجية، أو كان المنزل متوسطاً في المساحة يمتلك شروط الحياة الجيدة من دون مبالغة في ذلك، بغية بناء أسرة جميلة سعيدة؟، فدائماً الأرزاق على الله والتوفيق منه.
هذه رسالة لبعض الأهل ألا يعسروا زواج أبنائهم بحجج واهية، لا علاقة لها بصحة الزواج؛ بل يكونوا عوناً لهم ودعماً لقرارهم في الاستقرار الأسري وبناء عائلة جميلة تكون سبباً لتطور المجتمع وتقدمه.
