عادي

حياتنا وحياة الآخرين

22:42 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د. مايا الهواري
أسوأ ما يقوم به المرء مقارنة نفسه وحياته بحياة الآخرين، لأنّ ذلك يشعر المرء بأنّه أقلّ من أقرانه، ويضعف ثقته بنفسه ويقلّل من الإيمان الدّاخليّ، فالنّاس خلقهم الله طبقات، وكلّ شخص رزقه مكتوب وعمره محسوب، فلماذا يقوم الإنسان بمقارنة نفسه بالآخرين، حيث إنّ هناك نوعين للمقارنة، نوع يقوم بمقارنة نفسه بمن هم أفضل منه، ونوع ثانٍ بمن هم أقلّ أو أسوأ منه، وفي كلا الحالتين هناك غاية جميلة، ففي الحالة الأولى يجب أن تكون سبيلاً للتّفكير والإلهام ومنبعاً لتحفيز الذّات، لذا لا بدّ أن يعلم كلّ إنسان أنّ قدره مكتوب، ولكن عليه أن يسعى إليه. ممّا يجدر الإشارة إلى عدم مقارنة النّفس بالآخرين، وذلك ليصل المرء إلى قمّة السّعادة ألا وهي مراقبة الله، والعيش في كنفه، فالحياة مع الله أجمل.

ولعلّ هذه المشاعر تنمو داخل الإنسان، ومصدرها الأسرة ومن ثمّ المجتمع الّذي من الممكن أن يوجّه هذه المشاعر بالطّريقة الخاطئة، لأنّ المشاعر موجودة مسبقاً تكبر مع المرء ولا يستطيع أن يزيلها، فهذه المشاعر ليست مشاعر حبّ فقط، إنّما مشاعر قسوة، فالمرء اجتماعيّ بطبعه، يعامل النّاس بأفضل ما لديه، وذلك نتيجة التّربية السّليمة في الصّغر، وزرع الثّقة بالنّفس وعدم السّماح لها بالمقارنة مع الآخرين، ومتى نشأ الطّفل على الثّقة بالنّفس والإرادة القويّة لن يكون لديه وقت للمقارنة، ما يجعل التّربية الذّكيّة في المنزل تنعكس على الأبناء، فهم مرآة والديهم ومجتمعهم.

قد تؤدّي المقارنة إلى التّعاسة وعدم الرّضا عن الحياة، إضافة إلى الغيرة والغضب واليأس والإحباط وعدم الثّقة بالنّفس، وبالتّالي ينتج سلوك غير سليم، وهنا لا بدّ من تحديد طرق يستطيع الإنسان من خلالها تقدير ذاته وتحفيزها، والتّقليل من مواقع التّواصل الاجتماعيّ وإلزام النّفس بالامتنان وشكر الله على نعمه، وهذا كلّه يقود إلى أن يكون دافعاً للتّحفيز والتّركيز على نقاط القوّة وتوثيق الإنجازات التي حقّقها، وأن تكون المقارنة مقارنة النّفس بالنّفس ذاتها، وأن تكون اليوم أفضل من السّابق.

نستنتج ممّا سبق أنّ الذّكاء والتّواضع والإرادة القويّة أكبر عامل لعدم مقارنة النّفس بغيرها، وذلك يشكّل سبباً للرّقي والتّقدّم نحو تحقيق الأهداف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2u93cedu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"