عادي

الطّلاق وأثره على الأبناء

22:31 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د. مايا الهواري

لقد شرع الله الزّواج وسنّه لتكوين أسرة متكاملة مسلمة، يفخر بها المجتمع الإسلاميّ، ولكن أحياناً لا تدوم هذه المؤسّسة، ويحصل الطّلاق وانفصال كلّ من الزّوجين، واتّخاذ كلّ منهما منحى مختلفاً لحياته، وبالتّالي ضياع وتشتّت الأطفال بين الطّرفين -الأم والأب- ما يولّد لديهم شعوراً بعدم الانسجام، والقلق تجاه الحياة الجديدة التي تنتظرهم، فإمّا أن يعيشوا مع الأب أو مع الأم أو مع طرف ثالث وهو الجدّة، فيشعرون بغياب والديهم ويفتقدون الحنان والحبّ و العطف، ولو قدّمته الجدة لن يعبّر ويعوّض ذلك عن حنان الوالدين، وسيولد داخله شعور بالحقد والكراهية تجاه والديه، لاعتقاده أنّهما السّبب الّذي أدّى إلى الانفصال وتشتت الأسرة، ناهيك عن استخدام الطّفل كأداة يهدّد بها كلّ طرف الآخر، والطّلب منه أن ينحاز لأحدهما، فيضيع الطّفل ويتوه بين الاثنين، أو قد يتمّ استخدامه كوسيلة تجسّس لما يفعله الطّرف الآخر، مع الانتقاد اللاذع لكلّ منهما من قبل الآخر أمام الأطفال، ممّا يؤثّر سلباً على نفسيّتهم فتسوء وتتدهور أحوالهم، وغير ذلك الكثير من الأمور التي يقوم بها أحدهما لإيذاء الآخر، وهنا لا بدّ من مساعدة الأبناء في حياتهم الجديدة، وخلق لديهم الشّعور بأنّهم لا يزالون يعيشون في كنف والديهم، تغمرهم المحبّة والرعاية والدّعم المقدّم من الأبوين.

إنّ ما حصل لا يتحمّل نتيجته الأبناء، بل على الآباء أن يبثّوا داخلهم شعوراً بالاطمئنان بأن الحياة لن تتغيّر عليهم، وسينعمون بالاهتمام والرّعاية كالسّابق، مع العمل على ملء حياة الأطفال بالنّشاطات المعتادة، ويجب عدم قيام الوالدين بالتّغييرات الجذريّة التي تُشعر الطفل بأنه ابتعد عن عالمه وعائلته وأحبائه، وإن كانت هذه الطرق لا تجدي نفعاً كان لا بدّ من الاستعانة بالمختصّين المناسبين لتقديم المساعدة، بدءاً من الوالدين ليتجاوزا فكرة الطلاق، وانتهاءً بالأبناء وتقديم المساعدة لهم.

نستنتج مما سبق أن الطّلاق حالة يلجأ إليها بعضهم، بعد أن سُدَّت كلّ السّبل أمامهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الأطفال وعدم دمجهم في مشاكل الطّلاق الحاصلة، وما يؤول إليه ذلك الطّلاق من نتائج، إذ يجب هنا أن يبقى الأطفال عناصر محايدة لا تتأثر بالطّلاق أو نواتجه، وذلك حتّى ينعموا بحياة نعيمة هادئة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mw2kcv9d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"