عادي

رهاب الموت

22:08 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د.مايا الهواري

حدّثتني إحدى الأخوات عن خوفها من الموت وشعورها برهاب كبير منه، وطلبت الحلّ للخروج من هذه الحال، حيث إنّ هذا الأمر يسبّب لها الأرق الدائم. وهنا أقول لأختي السّائلة: الموت حقّ على كلّ مسلم ونهاية الحياة، فكلّ شيء في هذا الكون له عمر محدّد كتبه الله له، لا يتأخّر عنه ساعة ولا يتقدم، مع العلم أنّ نوبات الهلع من الموت زادت هذه الأيّام، إضافة لأنّ هذه النوبات تأتي من الوسواس، والذي يعتبر أحد أنواع اضطرابات القلق، حيث يشعر الفرد بالخوف الشّديد من الموت وفكرته وما يترافق معه من عملية الاحتضار، وأيضاً الخوف من فقدان شخص عزيز أو وفاته.

هذا الإحساس قد يراود أيّ شخص منّا، ففكرة الموت حقيقيّة ولا مفرّ منها، ولكنّ إن كان هذا الرّهاب شديداً فقد يسبّب هلعاً، ويؤثّر بدوره في حياة الإنسان اليوميّة، وبالتّالي على أسرته وعمله وحياته بشكل عام.

وتتعدّد أسباب الخوف من الموت وتزداد هذه العوامل تبعاً لدرجة الإصابة بهذا الرّهاب، إذ تعتبر الصّدمات النّفسيّة عاملاً مساعداً في ذلك، فتعرّض المرء لحدث جلل كاد أن يودي بحياته أو حياة من يحبّ أو سماعه أخباراً مؤلمة قد تلعب دوراً كبيراً في ذلك، وأحياناً قد تتسبّب وفاة أحد أفراد العائلة سواء والدين أو أشقّاء بالحزن الشّديد الذي يصيب القلب بشدّة، مّا يسبّب الخوف من الموت.

أيضاً نجد في بعض الأحيان أنّ تعرّض الإنسان للأذى الجسديّ أو النّفسّي يؤدّي لتصاعد درجة الخوف من الموت، كما يلعب الوالدان دوراً في تكوين هذا الخوف، خاصّة إن كان هناك إفراط في حماية الطّفل أو كثرة انتقاده، ناهيك عن بعض العادات والتّعاليم الّتي تتحدّث عن العقوبات بعد الموت، ما يحوّل هذا الخوف إلى مرض الرّهاب من الموت، وأيضاً التّقدّم في العمر وانتشار الأوبئة تعمل على زيادة التّفكير في الموت والإصابة بالأمراض المزمنة التي تكون نهايتها الموت المحتّم، كلّ هذه الّلحظات يسجّلها الدّماغ مع الشّعور المرافق للموقف.

وللخروج من تلك الحالات لا بدّ للمرء أن يتصالح مع ذاته، ويرضى بالقضاء والقدر الّذي يعتبر من أركان الإيمان، فمن يتصالح مع الموت كفكرة فإنّ فكرة الموت تهون عليه كإحساس، ونحن كبشر لسنا لأحد إنّما نحن لله (إنا لله وإنا إليه راجعون) ولكننا نملك خياراتنا.

نستنتج من ذلك أنّ أعمارنا وأقدارنا كلّها بيد الله، فلنبتعد عن التّشاؤم ونلتزم الدّعاء الّذي يردّ القضاء، ولنعلم أنّ الموت حقّ على كلّ إنسان، ولا يستدعي الخوف، لأنّه لقاء ربّ العالمين، وكلّ شخص على ما اجتهد في الدّنيا، وليكن دعاؤنا اللهمّ أحسن خاتمتنا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/w8cw7m4b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"