المحامي محمد علي الحمادي
تستمر ظاهرة التنمر في الظهور هنا وهناك، تارة ترتفع أصواتها وتارة أخرى تختفي خلف الكتمان. تُمارس في المدارس والمؤسسات التعليمية، وتتسلل إلى منصات التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني، وتعبر حتى إلى المنشآت الرياضية. «التنمر» يعد من الممارسات القبيحة والمشينة، وذلك أولاً بسبب تعارضه مع أخلاقيات ديننا الإسلامي، وثانياً بسبب الأذى النفسي والاجتماعي الذي يتركه في الضحايا.
من المهم التوضيح أن التركيز على السلبيات التي يتسبب فيها «التنمر» لا يعني عدم وجود قوانين وتشريعات تعاقب المتنمرين، ولكن الهدف من ذلك هو التنبيه إلى مخاطر «التنمر» وتنوع أشكاله وممارساته. إنها آفة قاسية ومؤلمة، وليس القصد من الحديث عنها أن تكون ممارسة شائعة بشكل يومي في كل المواقع، ولكنها تحتاج إلى مناقشة في الأسر والمجتمع، خاصةً في ضوء تأثيرها في الحياة اليومية.
يمكن التطرق إلى هذا الموضوع الصعب بشكل موضوعي وعاقل، ولكنه يتطلب أيضاً التفرغ للجانب العاطفي والاهتمام بدور المؤسسات التعليمية والأسر في حماية الأبناء وتوعيتهم. تلك المبادئ والقيم والتشريعات ليست مجرد عبارات، بل تمثل دوراً مهماً في توجيه جهودنا نحو مكافحة هذه الآفة.
ومن الجدير ذكره أن «التنمر» لا يزال موضوعاً للنقاش منذ ما يقارب 15 عاماً. ففي عام 2009، تأسست لجنة عليا لحماية الطفل تليها قوانين وتشريعات، منها القرار الوزاري رقم 645 لسنة 2020 بشأن سياسة الوقاية من «التنمر» في المدارس. وعلى مر السنوات، لعبت هذه القوانين والتشريعات دورها بنجاح في تحقيق التوعية والحماية.
تشدد الحكومة دورها بفعالية في مكافحة «التنمر»، ولكن من الضروري أن نفهم جميعاً دورنا في التواصل والتوعية. يجب على أولياء الأمور والمسؤولين التعليميين أن يدركوا خطورة هذه المشكلة ويتصدوا لها بفعالية، قبل أن يتعرض أطفالهم للأذى النفسي والعصبي، وأن يكونوا هم حائط الصد الأول للوقاية منها، أو على الأقل لاحتوائها من البداية.
«التنمر» ليس مجرد وباء يمكن علاجه بأدوية، بل هو مشكلة تتطلب تعاملاً جاداً وتوعية مستمرة. علينا أن نعمل جميعاً على تشجيع الإبلاغ عن أي حالة تنمر وتعزيز الوعي بأهمية مكافحتها. ومن الجيد أيضاً النظر في تطبيق قرار مجلس الوزراء في شأن تحديد أعمال الخدمة المجتمعية لسنة 2017، حتى يعي المتنمر ويشعر بمسؤولية تجاه المجتمع، إذ تتسبب ممارسة التنمر في بالإضرار به.
في الختام، يجب علينا مواجهة «التنمر» بقوة قبل أن تصبح ممارسة اعتيادية نتعايش معها. يمكننا تحقيق ذلك من خلال توعية المجتمع وتشديد العقوبات على «المتنمرين».