عادي

موريهاي أوشيبا..مقاتل من أجل السلام

22:35 مساء
قراءة 3 دقائق
موريهاي أوشيبا..مقاتل من أجل السلام
غلاف
القاهرة: «الخليج»
يثير كتاب «فن السلام» موريهاي أوشيبا (ترجمة فريد عبدال) عدة أسئلة منها: ما الذي جعل المؤلف «أوشيبا» أستاذ ثقافة حربية كالبوشيدو – التي تستمد جذورها من عام 600 قبل الميلاد والنابعة من مؤلف «فن الحرب» لسون تزو – أن يقدم بديلاً لهذا الفكر المؤسسي في أطروحة فن السلام؟
هل اشتراكه في حرب اليابان ضد روسيا في منشوريا، ومعايشة الدمار الذري لهيروشيما وناجازاكي كان له الأثر في بلورة فن السلام وممارسة الآيكيدو كنهج وطريقة؟
في فن السلام يعيد أوشيبا تعريف مفاتيح اللغة ويعيد تأسيس كثير من المفاهيم والمعاني، فهو يعرف الإنسان بهوية روحية لا هوية عقلية مفكرة، وهو بذلك ينتمي إلى لغة العرفان والتصوف الإنساني بأرحب معانيه، ويتجاوز اللغة الثنائية التي تميز العقل المفكر إلى اللغة الوجدانية، وبهذا يرسخ فن السلام في الحاضر، ويتحرر من التذبذب بين الماضي والمستقبل.
من هذه الأسئلة: هل الآيكيدو وفن السلام رياضة واقعية أم أنها ضرب من المثالية الحالمة؟ يؤكد أوشيبا أنها ليست رياضة تنافسية تنتج منتصرين وخاسرين، بل هي رياضة روحية وجسدية معاً، المتقدم فيها ضيف، والمتلقي فيها مضيف، ولحظة الاشتباك هي فرصة وتجربة ليحتوي فيها الضيف المضيف، وأن يلتحم معه.من الأسئلة أيضاً: ما قيمة فن السلام اليوم في عالم يحرض على النزاعات والحروب وأسواق عالمية تقتات على الخوف والطمع؟ إن ما تعيشه البشرية من قلق مستدام، وتفشي أشكال من العدوانية، يهدد بالانزلاق إلى العنف الاجتماعي، وربما حروب مدمرة، وممارسة الآيكيدو تهيئ فرصاً متكررة، لاختبار وتقوية الإمكانات الروحية والجسدية في آن، فن السلام يغير مسار العنف إلى تضاد متجدد وغني بالممكنات.
لقد علم موريهاي أوشيبا (اسمه يعني سلام وفير) من خلال هذا الإصدار الكلاسيكي فن السلام باعتباره تهذيباً خلاقاً للعقل والجسم، ووسيلة عملية للتعامل مع العدوانية، وأسلوب حياة يكرس الشجاعة والحكمة والمحبة والصداقة، لقد فسر فن السلام بأوسع معانيه وآمن بأن مبادئه في التصالح والتوافق والتعاون والتعاطف يمكن أن تطبق بشجاعة على كل التحديات التي نواجهها في الحياة، في العلاقات الشخصية، وفي تعاملاتنا مع الآخرين في المجتمع، والعمل، والمتاجرة، وعند التعامل مع الطبيعة يمكن لكل منا أن يكون مقاتلاً من أجل السلام.
«إن فن السلام هو دواء العالم المريض، نريد أن نداوي العالم من مرض العنف، والسخط والشقاق، هذه هي طريقة الانسجام، هناك شر وفوضى في العالم لأن الناس نسوا أن كل شيء ينبع من مصدر واحد، عد إلى ذلك المصدر نافضاً عنك كل أفكار التمحور حول الأنا، والنزوات التافهة والغضب، أولئك الذين لا يملكهم شيء، يملكون كل شيء».
هذا ما ينصح به موريهاي بعد حياة حافلة بالعنف، إذ يجنح سليل الآباء الروحيين للفنون القتالية اليابانية إلى صياغة مفهومه، لكي تصبح تلك الفنون دفاعية سلمية، لا تحمل طابع العنف، أوجد موريهاي بعد العديد من التمارين الروحية طريقته الخاصة في تجنب إزهاق الأرواح في حلبات النزال، والكف عن توجيه الضربات المميتة للخصم.
إن فن السلام خال من الأشكال المحددة، لذا فإنه يستجيب فوراً لأي طارئ وهذا ما يضمن لنا النصر الحقيقي، إنه فن لا يقهر لأنه لا يتنافس مع أي شيء، اعتمد على النصر الحقيقي بالانتصار على النفس، ويوم النصر الخاطف، وسوف تكون قادراً على توفيق عناصر الحياة الكونية والظاهرية، وأن تخلي طريقك من العوائق وأن تطهر حواسك.
ولد أوشيبا في 1883 في مدينة تقع على ساحل البحر بمحافظة واكاياما التي تعرف بجمالها الطبيعي، وكان في طفولته ضعيف البنية وعرضة للمرض باستمرار، لكنه كبر ليصبح شاباً قوياً، والفضل يعود إلى حمية معتدلة تشتمل على تمارين في الهواء الطلق، والسباحة وصيد السمك وتسلق الجبال ومصارعة السومو.
في عام 1901، وكان عمره 18 عاماً، عزم على السفر إلى العاصمة طوكيو، من أجل المال، لكن حياة المدن لم تخلق له، فبعد أن أسس متجراً مزدهراً تركه لموظفيه، وعاد خاوي اليدين بعد عام، ليتلقى تدريبه على فنون القتال التقليدية في اليابان، والتحق بالجيش حين كانت اليابان وروسيا تحشدان للحرب، واندلعت الحرب عام 1904، وكونه الابن الوحيد لعائلته، فقد تم تجنيبه الذهاب إلى الجبهة، وعرض عليه الانضمام إلى مدرسة تدريب الضباط، لكنه رفض.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/83uftp7a

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"