عادي
كبار العلماء يردون على المشككين

الإسراء والمعراج.. معجزة خالدة

23:24 مساء
قراءة 5 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

مرت على المسلمين خلال الأيام الماضية ذكرى عطرة، وهي «الإسراء والمعراج» وما تحمله من دروس وعبر، فكلما مرت بنا تعددت محاولات التشكيك من الذين يتجاهلون قدرة الخالق سبحانه وتعالى، ويحكمون عقولهم القاصرة فيما يتعلق بالقدرة والمشيئة الإلهية، ولا يكف المشككون عن إثارة الشبهات حولهما خصوصاً في هذا الوقت من كل عام، ولا يتوقف علماء الإسلام عن الرد على هؤلاء وتفنيد مزاعمهم، ليبقى الحدث العظيم في مسيرة الدعوة الإسلامية وما تحمله سيرة رسولنا الأعظم.

يقول د. أحمد الطيب شيخ الأزهر: «لا تؤثر الشكوك في قناعاتنا الدينية، ومشكلة المشككين أنهم يطبقون المقاييس البشرية على رحلة نبوية تمت بعناية الخالق سبحانه وتعالى، وهو لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأمامهم أحداث وظواهر طبيعية عديدة عجز العلم الحديث عن التعامل معها ومنعها».

الصورة
1

ويضيف: «ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: «وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا» وقوله عز وجل: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ». فالرفع والخفض على مستوى المحسوس والمعقول، كما يقولون في المكان والمكانة، لا يعجز خالق هذا الكون، فهناك رفع وخفض من الله على مستوى المحسوس والمعقول (المكان والمكانة)، فالرفع في المكان مثل رفع الله للعرش والسماء بلا عمد، وخفض الأرض، هذا في إطار المحسوسات، وكذلك رفع الأنبياء، كسيدنا عيسى عليه السلام قال تعالى: «بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ»، وكذلك سيدنا إدريس عليه السلام قال تعالى: «وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا».

ويتابع شيخ الأزهر: «كل ما عدا الله مخلوق، فالسماوات والأرض مخلوقات، وكذلك الأنبياء أيضاً مخلوقون، رفع بعضهم على مستوى المكان، وعلى مستوى المكانة، وكذلك سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قد رفعه الله ببدنه في حادث المعراج إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام، ورفعه الله تعالى إلى سدرة المنتهى، وهي مكانة لم يصل إليها مخلوق آخر، حيث كلمه الله بشكل مباشر من دون واسطة أو ملك يسمع الكلام وينقله، كما حدث في نقل القرآن بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام».

ويسأل شيخ الأزهر المشككين في حادث المعراج: «أين سدرة المنتهى في الأرض؟ وأين جنة المأوى في الأرض؟ إذ كان يستبعد منذ قرن أو قرنين انتقال الإنسان من مكان إلى آخر، وكان يقال كيف يعرج وكيف ينتقل من مكان كذا إلى مكان كذا؟ واليوم يستطيع الإنسان أن يتصل بكل أقطاب الأرض من خلال الهاتف المحمول، وقد نسمع مستقبلاً أن الإنسان استطاع أن يتواصل مع شخص ما على كوكب المريخ، وكل هذا على مستوى القدرات البشرية والعلوم البشرية المحدودة، فلِمَ يستعظم هؤلاء ذلك على القادر سبحانه وتعالى؟!».

رحلة نبوية

يقول العالم الأزهري د. أحمد عمر هاشم: «لا ينبغي أن ينشغل عقل المسلم بما يردده المشككون، وهؤلاء موجودون في كل عصر، وشبهاتهم لا ينبغي أن تؤثر في قناعات المسلمين الدينية».

ويضيف: «من الخطأ تطبيق مقاييس البشر على رحلة نبوية تمت بعناية الخالق سبحانه، وهو لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ومن الخطأ أن يقلل أحد من حادث الإسراء والمعراج، فقد أراده الله معجزة خالدة دعماً لرسوله الكريم في ظروف صعبة عاشتها الدعوة الإسلامية بسبب قسوة مشركي قريش، وللأسف أن هؤلاء المشككين لم يقرأوا القرآن الكريم حق القراءة، ولم يقفوا على الأحاديث النبوية الواردة في كتب السنة النبوية الصحيحة التي تسجل هذا الحدث، ولم يدركوا أن كتاب الله الخالد يدحض بكلمات بليغة وعبارات واضحة وحاسمة دعاوى المشككين في معجزة الإسراء والمعراج في كل عصر».

ويوضح أن «رحلة الإسراء والمعراج جاءت رابطاً بين مرحلتين مهمتين في عمر الدعوة الإسلامية، إعلاء لكلمة الحق، وضيافة إلهية لنبينا العظيم، كما جاءت تلك المعجزة حديثاً قرآنياً واضحاً صريحاً يفند كل الأحاديث التي أثارها البعض بغرض التشكيك فيها، فقد كانت وراء المعجزة العظيمة حِكَم عالية، مصداقاً لقوله تعالى: «لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا»، فكانت أجلَّ ما يُري الحبيبُ حبيبَه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر».

وأشار د. أحمد عمر هاشم إلى أن «الوحيد الذي رأى ثواب الطائعين وعقاب العاصين وسدرة المنتهى وغيرها من الأمور الغيبية هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه خاتم المرسلين، ولكي يكون حديثه عنها حديث من رأى ومن سمع، وحتى لا تتطرق إليها تلك الأوهام، ولتكن اختباراً لأتباعه، يظهر به الصادقون المخلصون، وكذلك المنافقون المُكذّبون، مصداقاً لقوله تعالى: «وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ»، أي: اختباراً لهم».

ويختتم د. أحمد عمر هاشم: «واجب المسلم وهو يعيش في رحاب هذه الذكرى أن يتذكر ما أخبرنا به القرآن، وما نقله الرواة الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسراء والمعراج.. ومن لا يعرف تفاصيل الرحلة المباركة أن يقرأ في كتب السنة الموثوق بها أو يتوجه إلى العلماء بالسؤال ليتعرف إلى التفاصيل وما بها من معجزات إلهية حيث لا يجوز أن نطبق المقاييس البشرية على رحلة نبوية تمت بإرادة ورعاية إلهية».

تكريم إلهي

في‏ يوم 27 ‏من شهر رجب من السنة السابقة على هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي‏:‏ في حدود سنة ‏620‏ م‏)‏ طاف رسول الله‏‏ صلى الله عليه وسلم‏ حول الكعبة ليلاً وحيداً‏، ثم رجع إلى بيته وأوى إلى فراشه، وعند منتصف الليل جاءه جبريل، عليه السلام، وأخبره بأن الله سبحانه وتعالى يدعوه إلى السماء، فتحرك الركب الكريم على البراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلى رسول الله ركعات في بيت المقدس ومعه الملائكة الكرام، ثم عرج به عبر السموات السبع حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وهناك شاهد جنة المأوى، وراح يصعد حتى وقف بين يدي الله فسجد صلى الله عليه وسلم.

وبعد رحلة التكريم الإلهي تلك، عاد رسول الله صلى الله عله وسلم إلى بيت المقدس، حيث صلى بأنبياء الله ورسله إماماً، ثم عاد إلى مكة المكرمة ليجد فراشه دافئاً. وعندما جاء الصباح حدَّث النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار رحلته، وذهب بها المشركون إلى أبي بكر، فكان أول المصدقين بها، ومن هنا سمي باسم الصديق، ولكن المشركين ظلوا يتناقلون الخبر في سخرية وتعجب، وتحدى بعضهم رسول الله أن يصف لهم بيت المقدس فجلّاه الله تعالى له، وأخذ يصفه لهم وصفاً تفصيلياً، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كذبتني قريش قمت في الحجر، فجلّا الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4wjfuy3m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"