عادي

الجبر بَعدَ الحُزن

23:18 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د. مايا الهواري

(الحزن الاكتئاب الضّيق)، الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عاش عاماً كاملاً حزيناً على زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وعلى عمّه الّذي تُوفّي في العام نفسه، لذلك سُمّيَ ذاك العام بعامِ الحزنِ، وقد صبرَ النبيّ الكريم صبراً جميلاً فكافأه الله تعالى بالإسراءِ والمعراج، فقد أسرى به إلى بيت المقدس، إذ أتاه البراق مع سيّدنا جبريل عليه السّلام، وحمله إلى بيت المقدس، ومن هناك عرجَ إلى السّماء، هذه المسيرة العجيبة الدّالّة على قدرة الخالق، والّتي لا يستطيع العقل البشريّ تصوّرها ولا وصفها، فهذا أمرٌ عظيمٌ وجليلٌ، شاهدَ فيه نبيّ الأمّة الكثير من الأمور خلال مسيرته نحو السّماء السّابعة، حيثُ صلّى بالأنبياء وواجه ربّ العالمين، وهذه مكرمة من اللّه تعالى، حيث أكرمه على صبره، يقول البعضُ بأنّ هذه المعجزة حدثت لأنّه رسولٌ اختاره الله تعالى ونحن بشر، فأين لنا من هذا، ولكن هنا يجب علينا جميعاً أن نعلمَ أنّه علينا أن نتعلّم من هذه القصّة، فالرّسول الكريم بشرٌ وليسَ معصوماً من الحزنِ، والبشرُ يحزنون ويفرحون، والصّبر جزاؤهم عن الحزن أو المرض، كما يجبر الله خاطرهم على صبرهم وتحمّلهم، ونراهم ينالون أجرهم عند الله تعالى، لأنه وعدهم فقال: (إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حسابٍ)، فكم هو كبيرٌ وعظيمٌ هذا الجزاء وهذا الثّواب لمن صَبَرَ على الأذى أو المرض أو الحرمان أو الفقدان، واحتسبَ أجره عند مليكٍ مقتدرٍ، لأنّ الله تعالى لايضيع مثقال ذرّةٍ، وكلّه مكتوبٌ ومحسوبٌ عندهُ، ففي صحيح مسلم، عن صهيبٍ قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عجباً لأمر المؤمن، إنّ أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحدٍ إلّا المؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له)، فهو مأجورٌ في كلتا الحالتين، وخاصّةً الأحزان.

نستنتج ممّا سبق أنّ الله تعالى يُؤجِرُ المرءَ على كلِّ صبرٍ، سواء أكان هذا الصّبرُ على حزنٍ أم نوائبَ، ممّا يجعل الإنسان متيقّناً أنّ صبرَهُ واحتسابَ أمرهِ عند الله لن يضيعَ سدًى، فصبرٌ جميلٌ والله المستعان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2xpanwps

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"