عادي

أزمة رفع سقف الدين.. ماذا لو أعلنت أمريكا إفلاسها؟

22:51 مساء
قراءة 5 دقائق
أمام وزارة الخزانة في واشنطن، الولايات المتحدة (رويترز)
إعداد: خالد موسى

ترزح الولايات المتحدة الأمريكية تحت وطأة أزمة مستعصية تتمثل برفع سقف الدين للسماح لبنك الاحتياطي الفيدرالي بطباعة المزيد من الدولارات، وتجنب التعثر وعدم سداد الديون، في أزمة لم تجد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى الآن أي حل لها، على الرغم من المحادثات التي يجريها الرئيس مع زعماء الكونغرس، فيما يشترط الجمهوريون للاتفاق على رفع سقف الدين تخفيضات في الميزانية.

وفي حال فشلت الولايات المتحدة في التوصل إلى حل قبل يونيو المقبل، فإننا أمام سابقة تتمثّل بتخلف أكبر اقتصاد في العالم عن الالتزام بسداد ديونه. ليس ذلك فحسب، وإنما من شأن هذه الأزمة أن تضغط على الاقتصاد العالمي أيضاً، بحسب تحذيرات أبرزها من رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس.

  • تداعيات الإفلاس

وفي السياق، كشف تقرير لمعهد «ميزس Mises» الأمريكي، عن تداعيات أي إفلاس محتمل للولايات المتحدة التي وصل دينها الفيدرالي إلى 31.7 تريليون دولار، في 24 إبريل 2023. وبحسب فرع الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، قدّر إجمالي الدين الفيدرالي بنحو 31.4 تريليون دولار بنهاية العام 2022.

والسؤال هنا.. هل بإمكان الحكومة الفيدرالية اللجوء لقوانين الحماية من الدائنين، على غرار العائلات أو الشركات التي لديها ديون لا يمكن سدادها، بحيث تعيد التفاوض بشأن سداد القروض للمقرضين، وبيع الأصول، وعندما لا تكون كافية يتم رفع دعوى الإفلاس بموجب قوانين الإفلاس الفيدرالية التي تشرف عليها محكمة إفلاس فيدرالية.

  • إفلاس الفصل الـ 7 و9 و11

وأوضح التقرير أن «إفلاس الفصل السابع هو إجراء تصفية متاح للمستهلكين والشركات، حيث يتم من خلاله تحصيل أصول المدين غير المعفاة من الدائنين وتصفيتها (يتم تحويلها إلى أموال)، ويتم توزيع العائدات على الدائنين. ويتلقى المدين المستهلك إبراء ذمة كاملة من الديون بموجب الفصل ال 7، باستثناء بعض الديون التي يحظر إبراء الذمة بموجب قانون الإفلاس».

وأشار التقرير إلى أن «الفصل ال 11 من الإفلاس يوفر إجراءً يمكن من خلاله للفرد أو الشركة إعادة تنظيم ديونها مع الاستمرار في العمل. ويتم رفع الغالبية العظمى من قضايا الفصل 11 من قبل الشركات، حيث ينشئ المدين، غالباً بمشاركة الدائنين، خطة لإعادة التنظيم يتم بموجبها سداد جزء أو كل ديونه».

ووفقاً لموقع محاكم الولايات المتحدة، فإن الغرض من الفصل ال 9 هو توفير حماية البلدية التي تعاني ضائقة مالية من دائنيها أثناء قيامها بوضع خطة لتسوية ديونها والتفاوض بشأنها. وعادة ما يتم إعادة تنظيم ديون البلدية، إما عن طريق تمديد آجال استحقاق الديون، أو تقليل مبلغ رأس المال أو الفائدة، أو إعادة تمويل الدين من خلال الحصول على قرض جديد. وعلى الرغم من تشابهه مع الفصول الأخرى في بعض النواحي، إلا أن الفصل ال 9 يختلف اختلافاً كبيراً من حيث إنه لا يوجد نص في القانون لتصفية أصول البلدية وتوزيع العائدات على الدائنين. وأدى إفلاس مقاطعتين، ومدينة رئيسية، وإقليم سيادي إلى عدم السداد لحملة السندات بالكامل وبالتالي تحمل خسائر.

  • أفضل حل

وبحسب التقرير، فإن أفضل حل تقدمه الحكومة الفيدرالية لحملة السندات ودافعي الضرائب والأطراف المعنية الأخرى هو التخلف عن السداد وإعلان الإفلاس السيادي وإجراء التغييرات المطلوبة لترتيب الأعمال المالية. ويفترض في هذه الحالة الفشل في الوفاء بالالتزامات المالية أو المحاسبة بشكل صحيح.

ويشير التقرير إلى أن «حالات التخلف عن سداد الديون الحكومية السيادية ليست جديدة بالنسبة للدول، وقد حصلت مراراً مع الأرجنتين في أعوام 1989 و2001 و2014 و2020، وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وتايلاند في عام 1997، والمعروفة باسم الإنفلونزا الآسيوية، واليونان في عام 2009، وغيرها من الدول الكبرى والصغرى على السواء».

بعض نتائج هذا التخلف عن السداد يؤدي إلى خفض تصنيفات سندات الديون الحكومية السيادية من قبل وكالات التصنيف الخاصة، وفقدان حاملي السندات القيمة على ممتلكاتهم، وإعادة التفاوض على مدفوعات الديون مع مقرضي البنوك، وحصول العديد من البلدان على قروض مع خطة سداد من صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى الإصلاحات المطلوبة لبرامج استحقاق الدول، ورفع عدد من الضرائب الحكومية، مما يسبب في فقدان عملتها القيمة في تبادل العملات، ويصبح تضخم الأسعار أكثر واقعية لمواطنيها، وترتفع أسعار فائدة على عروض سندات الدين الحكومية المستقبلية.

وأشار التقرير إلى أن «قلة قليلة في عالم المال تتحدث عن نتائج التخلف عن سداد ديون الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وكادت أمريكا أن تتخلف عن السداد في عام 2011 مما أدى إلى خفض «ستاندرد آند بورز» تصنيف السندات الفيدرالية AAA إلى AA +».

  • الإشراف على تنفيذ «التخلف»

ومع هذا، يسأل التقرير: «ما هي المنظمة التي ستشرف على تنفيذ التخلف عن سداد ديون الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وما هو التفويض الذي سيتم منحهم للتعامل مع الوضع؟»، مشيراً إلى أن «حتى الآن لم يتم تقديم أي اقتراحات».

ويلفت التقرير إلى أن «بعض النتائج ستكون عبارة عن تخفيض تصنيف السندات الفيدرالية من قبل وكالات تصنيف السندات الخاصة الثلاث، حيث لا يمكن تجاهل حقيقة أسعار الفائدة المرتفعة المقدمة على الديون الفيدرالية الصادرة حديثاً. وسوف تتطلب وقائع القانون الاقتصادي إجراء تخفيضات في إنفاق الحكومة الفيدرالية بشكل ما، والتي تشمل تخفيض عدد الموظفين الفيدراليين، وخفض الميزانيات العسكرية، وبيع ممتلكات الحكومة الفيدرالية، كذلك سترتفع إيرادات ضرائب الحكومة الفيدرالية لتسديد الدين المعروف مع الفائدة كنسبة مئوية من الميزانية الفيدرالية المستقبلية لكل عام».

  • تأثيرات التخلف عن السداد

بحسب التقرير فإن أحد التأثيرات الحقيقية للتخلف عن سداد ديون الحكومة الفيدرالية يتمثل بأن الدولار الأمريكي لن يعود عملة الاحتياطي العالمي، مع عودة الدولار في العديد من البنوك الاحتياطية الوطنية إلى الولايات المتحدة. وسيكون الاحتفاظ بالدولار بمثابة مخاطرة. وعملياً، فإن الدول التي تمتلك أوراق دين فيدرالية، مثل الصين (859 مليار دولار)، وبريطانيا العظمى (668 مليار دولار)، واليابان (1.11 تريليون دولار)، ودول أخرى اعتباراً من أرقام يناير/ كانون الثاني 2023 التي نشرتها وزارة الخزانة الأمريكية، بالإضافة إلى العديد من الصناديق المشتركة وغيرها، ستنخفض قيمة ممتلكاتها مما يؤدي إلى بيع أوراقها بحجم لا يمكن تخيله وسيتأثر العديد من أصحاب الصناديق المشتركة مثل المتقاعدين وأنظمة التقاعد في المدن والولايات.

ويختم التقرير: «تختلف المدن والمقاطعات والأقاليم السيادية عن الأفراد والعائلات والشركات الخاصة في الخروج من الإفلاس الفيدرالي، وما ستكون عليه نتيجة التخلف عن سداد الدين الفيدرالي الحكومي غير معروفة، ومع ذلك فإنه يمككنا أن نستنتج ذلك من واقعنا».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/35xsrdxw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"