عادي

رسالـة الإمارات.. سلام ومحبة وتسامح

02:15 صباحا
قراءة 12 دقيقة
1

أبوظبي: محمد علاء

تعد دولة الإمارات وهي تحتفل بيومها الوطني ال49 لقيام الاتحاد نموذجاً بارزاً لنشر ثقافة السلام على الصعيدين الإقليمي والدولي؛ من خلال جهودها المتواصلة، وسياستها الخارجية؛ لنشر قيم التسامح والانفتاح والتعايش المشترك، وإحلال السلام والالتزام بالتعددية ومكافحة التطرف واحترام السيادة الوطنية والحل السلمي للنزاعات وعدم التدخل في شؤون الغير، منذ التأسيس على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجهوده في السلام بين الإمارات السبع، وتوحيد الدولة وإعلان الاتحاد وجهوده في إنشاء مجلس التعاون الخليجي، والمساهمة في رأب الصدع بين الدول العربية ودول العالم وإنشاء علاقات مبنية على الصداقة والتفاهم والمنفعة المشتركة.

هذا النهج الأصيل سارت عليه القيادة الرشيدة برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ حيث تحرص القيادة الرشيدة على انتهاج سياسة خارجية نشطة، تدعم مركز دولة الإمارات كعضو بارز وفعّال، إقليمياً، وعالمياً، وأن المكانة المرموقة والاحترام الكبير الذي تحظى به دولة الإمارات على الصعيد الخارجي؛ هو ثمرة المبادئ الثابتة لسياسة الإمارات الخارجية التي وضع نهجها ومرتكزاتها القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد.

والإمارات تؤكد دائماً أن السلام والعمل الإنساني هما أهم ركائز السياسة الخارجية للدولة، وأن المساهمة في جهود التنمية الدولية؛ تتصدر أجندة الدبلوماسية الإماراتية، لاسيما أن علاقات الإمارات مع العالم تقوم على السلام والتنمية والانفتاح على خيارات الصداقة مع الجميع.

وجسدت الدولة قيم السلام والتسامح والانفتاح والتعايش المشترك على أرض الواقع؛ حيث يعيش فيها أبناء أكثر من 200 جنسية في تناغم وانسجام، ويتمثل أبرز معالم هذه الجهود في وثيقة الأخوة الإنسانية التي شهدتها أبوظبي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ووقعها في فبراير/شباط 2019 كل من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية؛ حيث تُعَدُّ هذه الوثيقة بمنزلة دستور لتحقيق السلام والأخوة بين جميع البشر على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم، وكذلك رعاية سموه للسلام بين إثيوبيا وإريتريا بعد عشرين عاماً من الحرب، والإسهام بشكل فاعل ومؤثر في إنجاز اتفاق السلام التاريخي بين الحكومة السودانية وحركات المعارضة المسلحة، ووقعت عليه كطرف ضامن، وهي دائمة الدعوة إلى تسوية النزاع في اليمن وليبيا، وفي كل مكان يعاني فيه الإنسان ويلات الصراع وما يترتب عليها من معاناة تطال كلّ فئات المجتمعات، إلى جانب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل التي ضمنت وقف ضم الأراضي فلسطينية لإسرائيل، وتدعم عمليات السلام في الشرق الأوسط؛ حيث تسهم في إنهاء الصراع العربي  الإسرائيلي لما فيه من فائدة على شعوب المنطقة، ودعم استقرارها ومستقبلها.

بذور السلام

كانت دولة الإمارات منذ تأسيسها وما تزال داعية سلام ووئام، كما أنها تعد لاعباً رئيسياً في ترسيخ قيم التسامح والتعايش بين بني الإنسان، وهو ما يتجلّى في المبادرات التي أطلقتها؛ للتقريب بين الشعوب على اختلاف ألوانها وأديانها، وتعزيز قيم ومبادئ السلام والمحبة والإخاء في العالم، والإنجازات المشهود لها بتحقيقها في مجال حل النزاعات وإرساء السلام والاستقرار في بؤر كانت ساخنة ومرشحة للمزيد من التصعيد، فقد نشر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، التسامح والمحبة بين أهالي الإمارات السبع، حتى صارت دولة واحدة ومتكاملة كشعب واحد تجمعه قيادة واحدة، ومن ثم انتقل إلى دول الخليج، ودعا إلى إنشاء مجلس التعاون الخليجي كخطوة أولى نحو الوحدة، ثم تلتها دعوات كريمة نحو نبذ الفرقة والنزاعات بين الدول العربية؛ لمواجهة التحديات التي تواجه العالم العربي.

التضامن العربي

وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤمناً بالتضامن العربي؛ حيث دعا إلى إيجاد تعاون بين جميع الدول، مبني على مبادئ الصداقة والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولقد استشعر بواجبه في استخدام ثقله الشخصي والسياسي في الأوساط العربية والدولية؛ من أجل تحقيق السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط.

مرتكزات السياسة الخارجية

حرصت القيادة الرشيدة برئاسة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، على تعزيز المرتكزات التي تقوم عليها سياسة دولة الإمارات الخارجية منذ إنشائها، من خلال تأكيد حرص الإمارات على بناء علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة كافة، وسعيها إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية مع دول العالم أجمع؛ حيث يعد الانفتاح على العالم من السمات الأصيلة في سياسة الدولة الخارجية، وهذا يعكس طبيعة مجتمعها المحلي الذي يتسم بالانفتاح على الثقافات والحضارات المختلفة، كما يعكس الرسالة السامية التي تحملها منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتتمثل في الدعوة إلى السلام العالمي، والعمل من أجله؛ من خلال إقامة علاقات واسعة والتواصل مع دول العالم المختلفة في الشرق والغرب والشمال والجنوب، من منطلق إدراكها حقيقة أن انفتاح الدول والمجتمعات على بعضها بعضاً من شأنه أن يعمق أواصر الصداقة والتقارب، ويكرس الصور الإيجابية المتبادلة فيما بينها، وهذا يدعم أجواء السلام والتفاهم والحوار على المستوى العالمي، ويواجه نزعات الصدام والمواجهة، فيما يؤدي الانغلاق والتقوقع على الذات إلى زيادة عوامل الصدام والخلاف، وتكريس الصور النمطية السلبية بين المجتمعات المختلفة.

العلاقات المتوازنة

كما حرصت القيادة الرشيدة على المضي قدماً في الانفتاح على دول العالم، وفي أكثر من مناسبة، أكد صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، أن العلاقات المتوازنة؛ تمثل سمة أخرى أصيلة في سياسة الإمارات الخارجية، بمعنى تعدد التحرك الخارجي، وتنوع خياراته ومساراته، وعدم حصره في منطقة دون أخرى، وهذا بدوره أنتج علاقات إماراتية قوية وفاعلة مع أوروبا والولايات المتحدة وإفريقيا وآسيا في آن واحد، من دون أن تكون العلاقة مع منطقة ما على حساب العلاقة مع منطقة أخرى، أو أن تكون العلاقة مع طرف دولي أو إقليمي على حساب العلاقة مع طرف آخر؛ حيث تؤمن دولة الإمارات بأن التواصل يظل دائماً ممكناً مع الجميع، باعتباره الطريق الحضاري والإنساني، للتفاهم وحل النزاعات.

السمة الأخرى المهمة في سياسة الإمارات الخارجية التي أشار إليها صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله؛ هي الشمول، ويعني عدم حصر العلاقات الخارجية في جانبها السياسي فقط، وإنما تنويعها؛ لتشمل مجالات اقتصادية وثقافية وسياحية وشعبية وغيرها، وهذا ينطلق من إيمان إماراتي بأن كل هذه الجوانب تخدم بعضها، وتقود إلى هدف أساسي؛ هو تعميق أواصر الصداقة والتفاهم بين دول العالم المختلفة، بما تحققه من ترابط في المصالح، وتلاقح بين الثقافات والحضارات.

حضور سياسي

هذه السمات الأصيلة لسياسة الإمارات الخارجية منذ إنشائها هي التي ضمنت لها الحضور السياسي والاقتصادي والثقافي الفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية، وجعلتها عنواناً للاعتدال والحكمة والسياسة المتزنة، وطرفاً مقبولاً ومرحباً به في كل دول العالم ومناطقه، ليس على المستوى الرسمي فقط، وإنما كذلك على المستوى الشعبي، ومحطة مهمة في زيارات المسؤولين العرب والأجانب إلى منطقة الخليج.

يؤكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، دائماً في جميع الخطابات، وفي العديد من المناسبات، إيمان دولة الإمارات بأن التعاون والتآخي هو الأساس في العلاقات بين البشر مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم، وبأن الصراع والنزاع والتناحر سلوك دخيل لا يمثّل طبيعة الإنسان، ولا ينسجم مع فطرته ونزوعه الأصيل نحو الحياة، وبأن حقه في العيش بكرامة وطمأنينة حق مقدّس، وضرورة مقدّمة على أية أولويات أو مصالح مهما بلغت أهميتها.

انطلاقاً من هذا الإيمان الذي ترسخ منذ تأسيس الدولة، ترى دولة الإمارات أن جميع الأطراف خاسرة في الحروب؛ بمن في ذلك من يخرج منها منتصراً بالمقاييس المعمول بها، والتي تحصي أعداد القتلى والجرحى، الخسائر في المعدات والمنشآت، وأن اتخاذ قرار الحرب في ذاته خسارة؛ لأنه ينطوي ضمن ما يحمله من معانٍ ودلالات على تغييب للحكمة وتغليب لشهوة الشر والانتقام الطارئة على نزعة الخير الدائمة، فضلاً عن أن الطرفين المتحاربين لا بد أن يسددا الضريبة والكُلفة التي تترتب على قرارهما، والتي تطال كما أثبتت التجارب جوانب الحياة كافة؛ بما فيها الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ لا حروب نظيفة، ولا صراعات يمكن أن تعود على الناس بالمنفعة أو الفائدة؛ لذلك فهي لا تتوانى عن السعي دائماً إلى منع الحروب ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولا تدخر جهداً في العمل على التوسط؛ لحل النزاعات، ومنع الانزلاق نحو الصِدام.

نشاط دبلوماسي

على الرغم من جائحة «كوفيد  19» وما تبعتها من إغلاق للبلدان حول العالم، ومنع السفر؛ شهدت السياسة الخارجية الإماراتية نشاطاً دبلوماسياً واسعاً عكس بجلاء ما تتمتع به الدولة وقيادتها من احترام وتقدير كبيرين على الساحتين الإقليمية والدولية، وما تتميز به هذه السياسة من حيوية وديناميكية ورغبة في توسيع خيارات التحرك في الشرق والغرب، هذا التحرك الفاعل والنشط على الساحة الخارجية للدبلوماسية الإماراتية، نابع من سياسة حكيمة تنتهجها القيادة الرشيدة تجاه القضايا المختلفة، والتي تنطلق من المبادئ ذاتها، التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد، والتي تقوم على تبني نهج الاعتدال والتوازن، ومناصرة قضايا الحق والعدل في المحافل الدولية، واعتماد أسلوب الحوار والتفاهم بين الأشقاء والأصدقاء، واحترام المواثيق الدولية وقواعد حسن الجوار، وسيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وحل النزاعات بالطرق السلمية.

فالالتزام بهذه المبادئ؛ جعل الإمارات عنواناً للاعتدال والحكمة والسياسة المتزنة، ومن هنا يمكن تفهم سبب حرص مختلف القوى الإقليمية والدولية على الاستماع لرؤى قيادتنا الرشيدة، وتصوراتها لكيفية التعامل مع مختلف الأزمات والمشكلات الإقليمية.

تعزيز العلاقات

أهداف هذا التحرك النشط للدبلوماسية الإماراتية تتعلق بحرصها على تنويع علاقاتها الخارجية، وتوسيع خيارات التحرك في الشرق والغرب؛ لتعزيز جهود تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لأبناء الإمارات، ومن هنا كان الحرص على تعزيز العلاقات الثنائية مع القوى الاقتصادية الصاعدة، وعلى رأسها كوريا الجنوبية والصين؛ حيث ركزت مباحثات مسؤولي البلدين مع المسؤولين الإماراتيين على بحث سبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية، علماً بأن ثمة تطوراً ملحوظاً في علاقات البلدين الاقتصادية بالإمارات في الفترة الأخيرة.

فالإمارات باتت أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما تعد دولة الإمارات ثاني أهم شريك تجاري بعد السعودية بالنسبة للصين في منطقة الشرق الأوسط، فهي تستحوذ بمفردها على نحو ثلث التبادل التجاري الصيني مع دول الخليج العربية، البالغ نحو 100 مليار دولار، وأكثر من خمس التبادل التجاري الصيني مع الدول العربية ككل والبالغ نحو 150 مليار دولار.

تحقيق الاستقرار

رغبة الإمارات وحرصها على تحقيق الاستقرار الإقليمي، والمساهمة في كل جهد؛ هي رغبة راسخة، فالإمارات ومن منطلق حرصها على توفير البيئة المناسبة لتحقيق التنمية التي تصبّ في مصلحة الشعوب؛ تقف دائماً إلى جانب أيّ جهد أو تحرك أو مبادرة، تهدف إلى إقرار السلام والاستقرار في أي منطقة في العالم بشكل عام، وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، وهذا ما اتضح بجلاء في تصريحات المسؤولين الإماراتيين خلال استقبالهم لوفود الدول الزائرة، أو خلال زياراتهم الخارجية؛ حيث اتسمت هذه التصريحات بالموضوعية والحكمة في طرح الرؤى بشأن كيفية معالجة العديد من الأزمات الإقليمية المشتعلة؛ من خلال التركيز على ضرورة تحقيق التوافق الداخلي في المجتمعات التي تعاني أزمات سياسية وأمنية، وتسوية هذه الأزمات بالطرق السلمية.

حضور دولي

أظهرت تصريحات كافة المسؤولين الذين وفدوا إلى دولة الإمارات، أو الذين عقدوا لقاءات مع المسؤولين الإماراتيين في الخارج، مدى الاحترام والتقدير الكبيرين اللذين يكنهما المجتمع الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولقيادتها الحكيمة، التي نجحت بكفاءة واقتدار، في تأكيد حضور الدولة في المشهدين الإقليمي والعالمي، وجعلها طرفاً مرحَّباً به في كل دول العالم ومناطقه، ليس فقط على المستوى الرسمي، وإنما أيضاً على المستوى الشعبي، ومحطة مهمة في زيارات المسؤولين العرب والأجانب إلى منطقة الخليج.

عام التسامح

ويعكس «عام التسامح» الذي أعلن عنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2019 في دولة الإمارات، النهج الذي تبنته دولة الإمارات منذ تأسيسها في أن تكون جسر تواصل بين شعوب العالم وثقافاته في بيئة منفتحة، قائمة على الاحترام ونبذ التطرف وتقبل الآخر، كما يهدف الى ترسيخ دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وتأكيد قيمة التسامح باعتبارها عملاً مؤسسياً مستداماً؛ من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة خصوصاً لدى الأجيال الجديدة بما تنعكس آثاره الإيجابية على المجتمع بصورة عامة.

وعكست رسالة «عام التسامح» إبراز أثر التسامح، وتوسيع نطاق وفرص التواصل والحوار، وهدفت رؤيته إلى تكريس الجهود؛ من أجل بناء مجتمع متسامح، يؤمن بأهمية التواصل الإنساني، وترسيخ قيم التسامح والتواصل والتعايش في المجتمع، وتقديم النموذج الإماراتي في التسامح للعالم؛ لتصبح جزءاً من الفضائل المجتمعية، وتمكين التسامح في المجتمع عبر السياسات والتشريعات والانفتاح على الثقافات الإنسانية الأخرى.

زيارة البابا فرنسيس

واستقبلت العاصمة أبوظبي في شهر فبراير/شباط من عام 2019 قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في زيارة تاريخية، هي الأولى من نوعها إلى شبه الجزيرة العربية، وأقام قداساً شارك فيه نحو 135 ألف شخص وتابعه الملايين عبر التلفاز في مختلف دول العالم، هذه الزيارة مثلت مد جسور التواصل بين الأديان والثقافات المختلفة؛ حيث تسعى الإمارات إلى تعزيز مبدأ التعايش الديني السلمي؛ فهي أرض تسعى لأن تكون نموذجاً للتعايش، والتآخي الإنساني، ونقطة التقاء بين الحضارات والثقافات المتنوعة.

أهمية عالمية

عكست هذه الزيارة مقدار الثقة بدور دولة الإمارات، وأهميتها عالمياً في نشر قيم التآخي والتعايش والسلام، وجدارتها بجمع قطبين دينيين، اختاراها لتكون محطة للقائهما التاريخي، كما كانت فرصة كبيرة؛ لتعزيز مظاهر الفخر والاعتزاز بدولة الإمارات، التي كانت وما تزال تعمل على حماية الأمن والسلم والتنوع لكل القاطنين فيها، على اختلافهم في اللغة أو العرق أو الدين، ليشهد ذلك كلّه على تأصيل قيم الإمارات، قيادة وشعباً في التعايش والتسامح؛ وذلك في إطار من التشريعات والممارسات والفعاليات التي تعزز من مكانتها منصةً عالميةً للحوار والتضامن الإنساني.

وثيقة الأخوة

توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية حدث إنساني تاريخي انطلق من أبوظبي في عام 2019 ليحمل إلى العالم كلّه رسالة سلام ومحبة، وليكون كلمة موحدة بين أتباع الديانات السماوية؛ تجمعهم على الخير، وتنير لهم الدروب نحو التآلف والتعاون والتلاقي على كل ما فيه خيرهم ومصالحهم، وتشجعهم وأبناء البشرية جمعاء على نبذ الكراهية والتعصب، وتجنب أسباب الشقاق والفرقة.

وصدور الوثيقة التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، يوم الرابع من فبراير/ شباط 2019 جاء في وقت يحتاج فيه العالم بشكل مُلح إلى مبادرات حقيقية، وجهد صادق وفاعل؛ لكبح جماح التطرف الديني والفكري.

ومن يتمعن الوثيقة بشكل جيد يلحظ فيها أبعاداً أخرى لا تقل أهمية عن البعد السياسي والفكري، ومن بينها البعد الروحي الذي تسعى إلى إعادة التوازن إليه بعد أن طغى عليه البعد المادي عالمياً، تحت ضغوط المصالح وحسابات الربح والخسارة على المستويين الفردي والجمعي؛ بحيث تعود له قيمته وفاعليته في بناء العلاقات وتنظيمها بين الناس، ثم البعد الاجتماعي الذي تعاني قيمه الأصيلة تراجعاً واضحاً عالمياً؛ نتيجة الهزات والطفرات التي نتجت عن الاستخدام الخاطئ للتطور التكنولوجي غير المسبوق الذي اجتاح العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، والذي يحتاج إلى وقفة مراجعة تعيد إليه اعتباره وأثره في ضبط السلوكات المجتمعية.

دعوة جديدة

لم يكن غريباً أن تُكتب الوثيقة وتُوقَّع في أبوظبي عاصمة الإمارات، وأن تنطلق منها إلى العالم كله؛ لتشكل دعوة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين أبناء الجنس البشري تقوم على الحوار والبحث عن مساحات التلاقي في إطار القيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، ونشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم الذي يغذي نزعة العداوة ويدعم أسباب الخلاف، فالإمارات وطن وحدة واتحاد تأسس على قيم الخير والفضيلة التي غرسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتعهدتها القيادة الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بالرعاية، واستلهمها شعب الإمارات بطبيعته الخيّرة نهج حياة وسلوكاً يومياً في تعامله، حتى أصبحت أيقونة عالمية للانفتاح والتسامح وقبول الآخر واحترامه، وضربت باحتضانها جاليات تنتمي لنحو 200 جنسية من مختلف أرجاء المعمورة، أروع الأمثلة في التعايش بين الناس على اختلاف معتقداتهم ولغاتهم وأعراقهم.

السلام الإثيوبي  الإريتري

وبوساطة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أنهت إثيوبيا وإريتريا حالة الحرب بعد 20 عاماً، وأعلنتا عن اتفاق سلام تاريخي بينهما.

السلام السوداني

بدعم ورعاية دولة الإمارات أنهى السودانيون في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري 2020 سنوات الحرب الضروس بتوقيع اتفاق سلام تاريخي بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في جوبا عاصمة جنوب السودان.

السلام الإماراتي الإسرائيلي

وفي إنجاز تاريخي يمهد لصياغة إيجابية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط؛ وقعت الإمارات وإسرائيل معاهدة السلام، في خطوة لتعزيز السلام والاستقرار والأمن الإقليمي، وتفتح المجال لمرحلة جديدة من التعاون.

لقاحات كورونا

وأسهمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات وتركيبتها الديموغرافية في أن تكون محطة من محطات تجريب وإنتاج لقاح فيروس كورونا المستجد عبر شراكات مع الصين وروسيا.

مسؤولية إنسانية ومساعدة العالم على مواجهة الجائحة

يُجسّد اشتراك دولة الإمارات في هذه التجارب أيضاً اضطلاعها بمسؤوليتها الإنسانية وواجبها تجاه مساعدة العالم على مواجهة الجائحة التي أودت بحياة مليون و85 ألف إنسان، ولا شك في أن تطوُّر القطاع الطبي المُطَّرد في الدولة، وإنجازاته المتوالية، قد أسهما في أداء هذه المهمة الإنسانية على وجهها الأكمل، اعتماداً على التقدم العلمي الذي تستثمر فيه الدولة منذ عقود.

وكانت دولة الإمارات من أوائل الدول السبّاقة في مد يد العون لمختلف دول العالم منذ بدء الجائحة؛ حيث أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 4 مارس/آذار من العام الجاري إجلاء رعايا عدد من الدول الشقيقة والصديقة من مقاطعة هوبي الصينية؛ بؤرة تفشي وباء كورونا المستجد «كوفيد - 19» بناءً على طلب حكوماتهم ونقلهم إلى «المدينة الإنسانية» في أبوظبي، في إطار النهج الإنساني الذي تنتهجه الدولة في الوقوف مع الأشقاء والأصدقاء ومد يد العون والمساعدة لهم في الظروف الصعبة، وجهزت الإمارات المدينة الإنسانية في زمن قياسي لا يتعدى 48 ساعة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"