عادي
رمضان.. شهر الصوم والصلاة والالتزام الكامل

زيارات وأحـاديث ولقـاءات ممـنوعة بأمـر «كـورونا»

01:15 صباحا
قراءة 7 دقائق
11

تحقيق: جيهان شعيب
شهر رمضان المحمّل دوماً بالكرم حلّ بخيره، والجميع يحدوهم الأمل بنيل رحمة المولى عز وجل، ومغفرته، وجنته. وهم في الشهر الفضيل، يبتهلون إلى الله العظيم، أن يدركوه ثانية، وهم في صحة وعافية، ولأن إمارات زايد الخير، عنوانها الطيب من التفرد دائماً في قرارتها، والريادة، والاستباقية في خططها، فقد أفردت منذ أيام، وقبل حلول الشهر المعظم، مجموعة من التدابير الوقائية، والإجراءات الاحترازية، لقضائه في أمان صحي، واستقرار نفسي، من دون منغصات من أي نوع، في ضوء وباء «كورونا» الذي لا يزال يخيم بسوداوية مخاطره على أرجاء العالم أجمع.
ولا شك في أنه كانت من الأهمية والضرورة بمكان قرارات الدولة بإلغاء إصدار تصاريح الخيام الرمضانية، والمجالس وموائد الإفطار، أو تقديم وتوزيع الوجبات في واجهات المطاعم، أو في نقاط التجمعات، أو أمام المنازل، والمساجد، أو بالسيارات، أو أية وسيلة أخرى، واقتصار توزيع الأطعمة، أو المساعدات العينية على الأسر المحتاجة من الجهات الخيرية الرسمية المعتمدة في الإمارة، وغيرها، حيث تسهم هذه القرارات في الحد من انتشار الفيروس الذي استلزم مواجهة تتحلى بالحكمة، والوعي، لتقييد حجم الإصابة به، وتقليص الأعداد، والنجاة من الوقوع ضحية تداعياته الخطرة، التي لا تفرق في الاستهداف بين أحد، ولذا، فإن الالتزام المجتمعي بتوجيهات القيادة الحكيمة، والجهات المعنية في هذا الصدد، يصب في خانة المسؤولية المجتمعية، ويتوافق مع ما أوصت به الشريعة الإسلامية الغراء من حفظ النفس من الضرر، والحفاظ في الوقت ذاته على سلامة الآخرين، وفقاً للقاعدة الشرعية «لا ضرر ولا ضرار».
فإذا كانت الفرحة المعتادة بقدوم الشهر الفضيل، ترافقت بوجود الجائحة المؤذية، مع تجمعات الأسر حول موائد واحدة، داخل المنازل أو خارجها، ودعوة الأقرباء والأصدقاء للمشاركة فيها، والتحلّق عقب أداء الصلوات في جلسات تسامر، أو تبادل زيارات، وغيرها، إلا أنه في الأزمات لا بدّ أن تتوحد الأيدي، وتتضامن الوقفات، لمواجهة واعية، لأية أزمة، فاعتياد بعض الطقوس الرمضانية سابقاً، يفرض تأجيلها الآن، والإذعان الكامل لما وجّهت به جميع الجهات المعنية في الدولة في هذه الجائحة، والتصدي بحزم، وحسم، لتفشي الوباء الأعمى، الذي يفرض قولاً واحداً هو أنه لا مناص من تأجيل كل ما اعتدناه، وكنا نقوم به من احتفاليات، فالآتي خير، إن التزمنا، وتقيدنا، فلا إفراط اليوم مقبول، ولا تفريط جائز. 
خطة استباقية
وهنا يقول عبيد السلامي، عضو المجلس الوطني الاتحادي: قبل عام مضى كانت أنظار العالم تترقب عناوين الأخبار في كل لحظة، وترصد حالات الوفيات المتصاعدة في العالم كل ثانية، ولكن في إمارات الأمن والأمان يأتي صوت روح الاتحاد، سلطان القلوب، عبر الأثير مطمئناً أبناءه «إن هذا الامتحان في العالم، وبالرغم من تقصير كثير من المسؤولين في العالم في مواجهة هذه الأزمة، لكن نحمد الله، فالإجراءات الوقائية في دولة الإمارات، تُتخذ على أكمل وجه، وإن هذه الفترة فرصة لكل ربّ أسرة أن ينشغل بأبنائه، وأهل بيته، فأقول لأبنائي: طمئنوا قلوبكم بقراءة القرآن».
ومع شهر رمضان الكريم نتدارس فيه القرآن مع أحبائنا، ليصقل النفوس، ويظهر معادن القلوب، وككل عام، يأتي رمضان ويرحل، فلا هو بدائم، ولا نحن باقون، إنما يبقى خيره، والأثر الذي صنعناه خلاله، يبقى الحب لنفسك، وأهلك، ومن حولك، والدعاء لنفسك ولهم، والولاء لهذا الوطن الذي يحفظنا جميعاً، ونحفظه في قلوبنا.
وحتى يتردد صدى دعواتنا، وتتعالى ضحكات أبنائنا في رمضان الخير هذا العام كسائر الأعوام، سارعت القيادة الرشيدة إلى إعلان الإجراءات الوقائية، وتقييد الأنشطة، والتجمعات الرمضانية الخيرية، والترفيهية، كخطة استباقية تضمن سلامة الفرد والمجتمع، وتساعد في تعزيز المؤشرات الإيجابية التي حققتها الدولة، بعد توسيع حملة الفحوص والتطعيم خلال المرحلة الماضية، والسعي المستمر، والحرص على تجنب أي عواقب سلبية لهذه التجمعات، قد تبدد أفراحنا، وتحيلها إلى أتراحٍ، لا سمح الله. 
مطلب حتمي
فليكن رمضان هذا العام فرصة لنثبت ترابطنا بمسؤولية الجميع عن الجميع، عن شعبٍ وأرضٍ وأمن، وندعو الله أن يحفظ قيادتنا التي لم تتوقف عن العمل، والإنجاز، حتى في أحلك الظروف، ويحفظ آباءنا، وأمهاتنا، ويمتعهم بالصحة والعافية، ويديم علينا نعمة الإمارات وشعبها، الإمارات التي تكمن قوتها في شعبها، وسنشعر فيها بروحانية رمضان، بالرغم من أننا قد نعيشه مختلفاً عن السنوات السابقة، لكننا سنفخر بأنفسنا، وستسبقنا دموع الفرح -من دون شك - حين نستشعر أننا جعلنا هذا الوطن في مكان الروح من الجسد، ولذلك نصونه ونفدي أهله، وأبناءه بالغالي والنفيس.
فليكن رمضان هذا العام استثنائياً بتجسيد صور الوفاء، والانتماء لهذا الوطن، والالتفاف حول قيادتنا الرشيدة، التي لطالما بادلتنا الحب والثقة، فالتزامنا بالتعليمات طاعة، وتنفيذها من دون تردد طاعة، والالتزام بالتباعد طاعة، ومكافحة الشائعات طاعة، والحفاظ على سلامة نفسك وغيرك طاعة، والحفاظ على سلامة الوطن أولوية قصوى.. المستشفيات، والجامعات، والمدارس، والمصانع، والوزارات، والشركات، والمراكز تجارية، والحدائق، والمتنزهات، والمجتمع كلها بحاجة ماسة لجهدنا، وحرصنا، فلنصمد حتى نطوي صفحة «كورونا» بلا رجعة.
ولذلك فإن الالتزام بالتعليمات، وتنفيذ الإجراءات بحذافيرها، مطلب حتمي، لا غنى عنه من رجالنا ونسائنا، كبارنا وصغارنا، في حلّنا وترحالنا، فالحياة يجب أن تستمر، والتحديات يجب أن تقهر، والإنجازات يجب أن تتواصل.
فنحن شعب اللا مستحيل الذي طرق أبواب المريخ حين أوصد العالم أبوابه خوفاً من كورونا، وشعب التسامح والتعايش الذي قدم اللقاح للمقيم قبل المواطن في الوقت الذي ما زالت فيه شعوب العالم تترقب دورها على قوائم الانتظار لتلقي اللقاح، وكذلك شعب زايد الخير الذي احتضن الجميع، ولذلك لن نسمح بحدوث ثغرة تهدم الإنجاز؛ فنحن شعب خليفة الذي سيصطف خلف قيادته، ويطيع أوامرها من دون تردد، ونحن شعب المحمدَّين اللذين يقودان شعب الإمارات، لمستقبل لا مثيل له إلا على أرض الإمارات.
مسؤولية مجتمعية
 ومع تأكيد د. حميد الزعابي عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، أن حلول رمضان المبارك مناسبة عزيزة على قلوبنا جميعاً، فإنه يقول: الصحة، والسلامة العامة تأتي ضمن أولويات قيادتنا الرشيدة، التي تسعى بشكل دائم إلى التصدي لهذه الجائحة العالمية، ومواجهة الظروف الحالية بكفاءة وفاعلية، ولا شك في أن قرار إلغاء إصدار تصاريح الخيام الرمضانية، والمجالس، وموائد الإفطار، سيحدّ من انتشار الفيروس، والالتزام بالتوجيهات ضرورة ومسؤولية مجتمعية، لأن الانتصار على كورونا، مسؤولية الجميع، والالتزام عنوان المرحلة.
وقرارات القيادة رسالة تعاف، تبعث الأمل للعالم بأن الرؤية الإيجابية، والتطلع إلى المستقبل، وتوحد العقول والقلوب والموارد، وحدها قادرة على مواجهة التحديات، لاسيما تداعيات الجائحة العالمية التي تشكل اليوم نقطة تحول في رحلة البشرية، وفي القطاعات الحيوية، التي تحتاج إلى مواكبة هذا التحول. ولا شك في أن أي تراخ، أو إهمال، في الالتزام بالشروط والتدابير الوقائية، قد يؤدي إلى فقد كل ما أنجزناه، والعودة -لا سمح الله -إلى نقطة الصفر. شعب الإمارات عوّدنا دائماً على المستوى العالي من المسؤولية، والتضامن الذي يصنع به النجاحات مع الحكومة، وهذه القرارات يجب أن يشارك فيها المجتمع بأسره، بمواطنيه ومقيميه، صغاره وكباره، عبر تحمّل المسؤولية كاملة مع الحكومة، فمنهم تبدأ خطوات مكافحة الفيروس، وتقليص أعداد المصابين.
التزام واجب
وتحدثت د. ليلى البلوشي، خبيرة ومستشارة تنمية بشرية وإدارية، عن أن شهر رمضان يعود العام الجاري، وللمرة الثانية، ونحن في ظل جائحة «كورونا»، مؤكدة أننا اليوم أفضل حالاً من أمس، دونما شك، خاصة مع طرح الدولة مجموعة من المبادرات، والمشروعات التي استهدفت توفير الخدمات للمواطنين والمقيمين، مع الحفاظ على الإجراءات الاحترازية. وقالت: شهر رمضان المبارك له طابعه الخاص من تجمعات الإخوة، والأحبة، والزيارات المسائية، ولكن مع تداعيات «كورونا»، فإن كل هذه الممارسات لا يمكن أن تتحقق، ولذلك فإن الدولة قد ألغت تراخيص الخيام الرمضانية، والإفطار الجماعي، وغيرها من ممارسات، حفاظاً على مصلحة المجتمع، وأصبح القرار الآن بأيدينا. فالمطلوب الآن منا جميعاً ضرورة الالتزام بهذه الإجراءات، لحماية المجتمع من هذه الجائحة، وعلينا دور مهم، وهو أن نكون حراساً لهذه الإجراءات، أي نمارس دور التوعية للآخرين، عندما نراهم غير ملتزمين بالإجراءات، لنخلق ثقافة المجتمع الواحد، تنفيذاً لتوجيهات قيادتنا الرشيدة، وترجمة لمقولة «البيت متوحد»، أي أننا جميعاً نعمل لخدمة هذا الوطن، وكل فرد منا مسؤول عن أداء دوره، ومما يدل على تلاحم المجتمع مع القيادة، أننا رأينا النتائج المتمثلة أولاً في انخفاض أعداد المصابين، ثم في مبادرة الجميع إلى التطعيم، في مرحلة التجارب السريرية، حيث زاد عدد المتطوعين عن المطلوب، وبعد فتح باب التطعيم، حتى إن الإمارات حققت نسباً عالية في تطعيم المجتمع عن غيرنا من الدول، وأنا واثقة بأن الوعي المجتمعي اليوم، وحرص الجميع على المصلحة العامة، سيكون سلاحاً مهماً للدولة، لتحقيق حماية المجتمع، ولكي نجتاز، بعون الله، هذه المحنة.
 استجابة حكيمة 
فيما لفت الدكتور رياض عيد، أستاذ التسويق والتجارة الإلكترونية، بجامعة الإمارات، إلى أن قرار إلغاء تصاريح الخيام الرمضانية، وموائد الإفطار للعام الجاري، يعكس بصورة واضحة الاستجابة الحكيمة من القيادة للمتغيرات الراهنة المرتبطة بالوباء العالمي، وتوجيه المجتمع للالتزام بالإجراءات الاحترازية، لاسيما والعالم كله يقف على قدم وساق لمواجهة هذا الوباء. وقال: من العقل تجنب أي فعاليات يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، وفقد أهل وأحبة، لم يكن هدف التجمع فقدانهم، ولا أرى في ذلك أي مخالفة لقواعد ديننا الحنيف، فقد ورد في الحديث الشريف أنه «لا ضرر ولا ضرار»، أي أن الضرر منتفٍ شرعاً، فكل ما فيه ضرر يجب إزالته، لأن الضرر مدفوع شرعاً وعقلاً، ولا يمكن للعاقل أن يقره، ولا الشريعة الإسلامية، وأما الضرار فلا يحل لأحد أن يضار أخاه، وفي هذه المناسبة ندعو الخيرين وهم كثر في هذا البلد، إلى إيجاد طرق بديلة، وفي الوقت نفسه امنه لإيصال هذا الخير إلى المحتاجين، وأدعو الله العلي القدير أن يرفع عنا هذا الوباء عاجلاً، ويجمعنا قريباً على خير. 

واجب شرعي

يقول د. حمزة سعد، أستاذ الإعلام المشارك بجامعة زايد في دبي: قرار إلغاء إصدار تصاريح الخيام الرمضانية والمجالس وموائد الإفطار لهذا العام، يأتي ضمن جهود الحد من انتشار جائحة «كورونا»، ومن الإجراءات المهمة في ظل هذه الظروف التي يمر بها العالم أجمع، صحيح أن الكثير من أفراد في المجتمع، يرغبون في المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية، مثل توزيع وجبات الإفطار على الأسر المتعففة، والمحتاجين، لكن هؤلاء عليهم التوجه إلى المؤسسات المعنية، والجمعيات الخيرية الرسمية في الدولة، فهذه الجهات هي المسؤولة عن تنظيم هذه الأعمال، ويجب التنسيق معها، للحد من الجائحة، وللحفاظ على أفراد المجتمع. وعلى وسائل الإعلام توعية أفراد المجتمع بذلك، حفاظاً على النفس، وسلامة الآخرين، وهذا من الدين، فالمسلم عليه أن يحرص على نفسه وغيره من الأذى، وقد أوصت الشريعة والأديان كلها بضرورة حفظ النفس، والحفاظ على الآخرين، وأوجبت الشريعة الإسلامية إنقاذ الأرواح، والأنفس من الهلاك، وجعلت إنقاذ النفس حقاً لكل فرد، بالوقاية من الأمراض قبل حدوثها، وبالتداوي بعد حدوثها، ومثل هذه الإجراءات تمنع وقوع المرض، فيما من الثابت أن الحفاظ على النفس البشرية من مقاصد الشريعة الأساسية.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"