تحقيق: إيمان عبدالله آل علي
حدَّدَ مختصون 9 أسباب لهروب العاملات المساعدات من المنازل، تتمثل في عدم تحديد طبيعة عمل الخادمة، ودرجة تأهيل الخادمة للأعمال التي تقوم بها من عدمه، وشكوى بعض الخادمات من سوء معاملة الكفيل، وساعات العمل الكثيرة، وعدم تحديد نمط العمل، عدم وجود إجازة دورية، بالإضافة لضعف الراتب بالمقارنة مع طبيعة العمل، سوء معاملة الأسرة التي تعمل لديها، أو بسبب الإغراءات التي قد تحصل عليها من الأشخاص الذين يساعدونها بالهروب. ووضع المختصون، مجموعة من الحلول تتمثل في الكف عن تشغيل عمالة بدون أوراق رسمية، وعلى المجتمع أيضاً أن يحدد الغرض من استقدام الخادمة وأن تكون هناك شركات الغرض من إنشائها هو تدريب هذه العمالة قبل إلحاقها بالعمل. وحذروا من ظاهرة هروب الخادمات، والأعمال اللاتي يقمن بها بعد الهروب سواء العمل في منازل أخرى دون ترخيص، أو أعمال مخالفة للقانون.
قال المحامي والمستشار القانوني محمد النجار، إن القوانين التي تنظم العلاقة بين الطرفين: العمالة المساعدة (الخادمات) من جانب والكفيل من جانب آخر، هي: قانون الجنسية والإقامة، وقانون العمل، والقانون الاتحادي بشأن عمال الخدمة المساعدة.
وأوضح النجار، أن هناك 7 أسباب شائعة للمشاكل والهروب هي: عدم تحديد طبيعة عمل الخادمة، وهو ما يوجب تحديد هل تم تشغيلها من أجل أن تكون جليسة أطفال أم من أجل الخدمة وأمور المنزل أم الاثنين معاً، ودرجة تأهيل هذه الخادمة للأعمال التي تقوم بها من عدمه، وشكوى بعض الخادمات من سوء معاملة الكفيل، وساعات العمل الكثيرة، وعدم تحديد نمط العمل، عدم وجود إجازة دورية، بالإضافة لضعف الراتب بالمقارنة مع طبيعة العمل.
وأشار إلى أن نيابة الجنسية والإقامة في دبي على سبيل المثال، شجَّعت الأسر التي هربت منها خادمة أو عاملة على كفالتها بالحصول على تعويض قدره 10 آلاف درهم في حالة إبلاغ السلطات المعنية خلال فترة 10 أيام من الهروب، على أن يتم الحصول على هذا التعويض بعد ضبط العاملة الهاربة لدى شخص آخر، وقدمت نيابة الجنسية والإقامة مبادرة تسمي (عوَّضني) للتعويض عن هروب الخادمات، ويتم تمويل المبادرة من مبلغ الخمسين ألف درهم التي يدفعها الشخص المخالف كغرامة في حالة تشغيله خادمة أو عمالة مساعدة بدون إقامة.
الحل مجتمعي
ولفت، إلى أنه كمحامٍ يرصد شكوى النيابة الدائم بسبب تقاعس المواطنين والمقيمين في الإبلاغ عن حالات الهروب رغم استمرار شكواهم من هذه الظاهرة، موضحاً أن الحل مجتمعي أكثر منه قانوني، حيث إن القوانين المعنية تنص على عقوبات رادعة، ولكن على أفراد المجتمع الكفّ عن تشغيل عمالة بدون أوراق رسمية، وعلى المجتمع أيضاً أن يحدد الغرض من استقدام الخادمة وأن تكون هناك شركات الغرض من إنشائها تدريب العمالة قبل إلحاقها بالعمل.
وذكر النجار، أن حق المواطن أو المقيم الذي تعمل لديه الخادمة «مصون» بالقانون واللوائح التنفيذية، حيث ينص القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2017 بشأن عمال الخدمة المساعدة، على أن «مكاتب الاستقدام تتحمل نفقات إعادة العامل إلى بلده، إضافة إلى توفير بديل عنه دون تحميل صاحب العمل أية نفقات إضافية، أو رد كافة المبالغ التي دفعها صاحب العمل (حسب اختيار الأخير)، في 4 أحوال هي: انتفاء الكفاءة المهنية وحسن السلوك الشخصي في العامل، وثبوت عدم لياقة العامل الصحية وفقاً للشروط التي يحددها القانون بعد دخول العامل للدولة وخلال فترة التجربة على أن يتم مراعاة طبيعة كل مهنة، وترك العامل للعمل في غير الأحوال المرخص بها، وإنهاء العقد برغبة العامل أو بسبب منه لعدم تحقق الشروط المتفق عليها في هذا العامل». وأوضح أنه في حالة وقوع نزاع بين الطرفين (العامل وصاحب العمل) وفشلا في تسويته ودياً، يتوجب عليهما إحالته إلى وزارة الموارد البشرية والتوطين، على أن تتخذ الوزارة ما تراه مناسباً لتسوية النزاع خلال أسبوعين، ولا تُقبل الدعاوى أمام المحكمة المختصة قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة من الوزارة لمحاولة حل النزاع.
مكافأة نهاية الخدمة
وقال النجار، إن القانون يحرم العامل من مكافأة نهاية الخدمة إذا انتهى العقد بين الطرفين بسبب الانقطاع غير المشروع عن العمل أو إذا تم فسخ التعاقد من قِبل العامل بدون سبب مشروع، وهو نفس الحال عند هروب العامل يعتبر العقد مفسوخاً ولا يحصل على مكافأة نهاية الخدمة عند انقطاع العامل عن عمله لمدة 10 أيام متصلة.
وحذر، من ظاهرة هروب الخادمات، والأعمال التي يقمن بها بعد الهروب سواء العمل في منازل أخرى دون ترخيص، أو الأعمال المنافية للآداب والقيم المجتمعية، مؤكداً أن العمل بعد الهروب من صاحب العمل دون سبب مشروع يعد جريمة، كما أن من يجلب خادمة مخالفة أو هاربة للعمل لديه يرتكب جريمة في حق نفسه وأسرته وينتهك القانون، بل إنه يكون من الصعب أن يحصل على حقه إذا ما ارتكبت الخادمة أي جريمة في منزله كالسرقة أو إتلاف أي من محتويات المنزل، لأنه لا يمتلك أوراقاً ولا ترخيصاً يمنحه حق عمل هذه الخادمة لديه، أو حتى يثبت ذلك للجهات التنفيذية والقضائية.
وحول شبكات اصطياد الخادمات ومساعدتهن على الهروب، وهي وقائع أعلنت الشرطة في أكثر من إمارة عن ضبط عدد منها، قال النجار، إن القانون قوي في هذه القضية، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف درهم ولا تتجاوز مئة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من سهل للعامل ترك العمل أو آواه، بغرض استغلاله أو تشغيله بطريقة غير مشروعة، وللمحكمة أن تقضي بالإبعاد عند الإدانة.
وأشار النجار إلى أن الأسرة المتضررة من هروب الخادمة، بإمكانها التوجه إلى الجهات المختصة بوزارة الموارد البشرية والتوطين، للإبلاغ ومحاولة إيجاد حل لهذه الأزمة، في حين أن القانون لم يضع مواد تتعلق بالحصول على تعويض مباشر من الخادمة، بل من مكاتب الاستقدام، وكل ما يمكن للوزارة القيام به تجاه الخادمة هو عدم إعطائها تصريحاً للعمل في الدولة مرة أخرى، مع اتخاذ السلطات المختصة قرار الإبعاد في حالة عدم التصريح لها بالعمل وإلغاء صاحب العمل الذي هربت منه لإقامتها. ولفت النجار إلى أن المتضرر يمكنه الحصول على تعويض من مكتب الاستقدام أو من الغرامة التي يتم تحصيلها ممن يشغلون خادمات دون ترخيص، وهي الغرامة التي حددها القانون بما لا تقل عن خمسين ألف درهم، ولا تتجاوز مئة ألف وتُضاعف في حالة العودة لارتكاب هذه المخالفات خلال سنة من تاريخ الحكم عليه.
الظاهرة ومكاتب الاستقدام
وأكدت المحامية والمستشارة القانونية إيمان سبت، أن هروب العاملات المساعدات قصه لا يخلو منها أي منزل وظاهرة تحتاج لتطبيق عقوبات مشددة في حق من تسبب بهذا الهروب وساعد عليه وشارك به.
وقالت: تتعدد أسباب الهروب التي تجعل الشك يدور أحياناً حول مكاتب استقدام العمالة المساندة لأنه أول من يتفق مع العاملة منذ أن تكون في بلدها وحتى وصولها إلى الدولة والدخول إلى منزل صاحب العمل، وقد يكون بسبب هروبها كذلك سوء معاملة الأسرة التي تعمل لديهم، أو بسبب الإغراءات التي قد تحصل عليها من الأشخاص الذين يساعدونها بالهروب ليمارسوا في حقهم جريمة الاتّجار بالبشر من خلال تشغيلهم بالساعات أو أعمال أخرى غير شرعية. وأضافت: يضج المجتمع بهذه الظاهرة التي تستوجب تطبيق عقوبات مشددة على مرتكبيها كما تضج المحاكم بمثل هذه القضايا؛ فهناك من يقوم برفع دعوى بعد هروب العاملة للمطالبة بجميع المصاريف والخسائر التي تكبدها عند الاستقدام، وهناك من يصعب عليهم الوصول للمحاكم والدخول في إجراءات رفع الدعوى التي قد يرونها معقدة وصعبة والتي قد يكون سببها عدم الدراية الكاملة والوعي بإجراءات سير الدعوى، وهناك من يبحث عن مخرج لينفذ من عقوبة قد تطاله وتطبق عليه بسبب قيامه بفعل المساعدة والتحريض على الهروب لنرى أن تعدد هذه القضايا بمختلف أفعالها المجرمة سببها الخدم وجشعهم وطمعهم للحصول على المال بأي طريقة كانت تمسكاً بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
صاحب العمل
وأكدت أن القانون أنصف صاحب العمل بتعويضه مبلغ 10 آلاف درهم عند إبلاغ السلطات المعنية عن الهروب خلال 10 أيام من الهروب وبعد ضبطها تعمل لدى الغير، وهذا المبلغ يستقطع من مبلغ الغرامة المقررة ب50 ألف درهم الذي يفرض على الأسر أو الأشخاص الذين يوظفون عاملات على غير كفالتهم، أما بالنسبة للشخص الذي لا يبلغ عن هروب العمالة المساندة التي على كفالته، توقع عليه غرامة قدرها 50 ألف درهم، وكما هو الحال في المحاكم وخاصة في الأحكام الصادرة بتعويض صاحب العمل عن جميع رسوم ومصروفات الاستقدام التي خسرها على العاملة الهاربة، حيث تعتبر هذه الأحكام رادعاً قوياً لكل من يقوم بهذه الأفعال ولا يحترم القوانين.
عوائل متضررة
أكدت مريم علي أن ظاهرة هروب العاملات في انتشار، فقد هربت عاملتان من إحدى الجنسيات الإفريقية مؤخراً، بعد أن قضتا 3 سنوات عمل لديّ، وذلك نتيجة تعرف على أشخاص عبر الواتس أب، شجعوها على الهرب، وأوهموها أن الحياة خارج المنزل أفضل، وأن العائد المالي أكبر، فقررت الهرب في وضح النهار، مغافلة جميع أفراد الأسرة، ليضيع كافة حقوقنا، ونستقدم عاملة جديدة، رغم أننا جددنا كافة أوراقها.
وأكد محمد أحمد أنه تعرض لحادثة مشابهة، بهروب العاملة بعد مرور ستة أشهر على استقدامها، وقام بالتبليغ عنها، وخسر كل المبالغ التي صرفها على استقدامها، لأن ذلك حدث معه قبل تعديل القانون، ومنح الضمان قرابة السنتين عند استقدامها من مكاتب تدبير، وأيضاً لم يصله أية أخبار من الجهات الأمنية تفيد بإلقاء القبض عليها. لافتاً إلى أن هناك عصابات تمتهن تهريب العاملات، وتستهدف جنسيات معينة.
هروب 3 عاملات
أما سالم محمد فقد تضرر كثيراً بسبب تلك العصابات التي تعمل على تهريب العاملات، فدائماً ما يتعرض لحوادث من هذا النوع، فتلك العصابات تدرك مواعيد دخول الأسرة وخروجها للذهاب للعمل، وفي تلك الفترة يجدون الفرصة للتواصل مع العاملة وهي في منزلها بمفردها.
وقال: هربت من منزلي 3 عاملات، وهو ما تسبب بخسارتي مبالغ كبيرة، خاصة أني أنهيت كل الأوراق، ويهربن بعد انتهاء فترة الضمان، والتي تقتصر على 3 أشهر حسب القوانين القديمة، مما دفعني لتركيب كاميرات في المنزل وخارجه، وبفضل الله لم تهرب أية عاملة لأني شديد الحرص على المراقبة.