عادي

العشوائيات الكبرى.. براكين تنتظر الانفجار

23:58 مساء
قراءة دقيقتين
2803

القاهرة: الخليج

منذ سنوات بعيدة ولدت الحرب الباردة بين كتلتيها العظميين رؤى متنافسة للتخلص من الفقر العالمي، وإعادة تسكين العشوائيات.

يشير كتاب «كوكب العشوائيات» لمؤلفه «مايك ديفيز» ترجمة ربيع وهبة إلى أنه من أجل تحصين الكولومبيين ضد الانفلات أو التمرد الحضري، قام ائتلاف التقدم بدعم مشاريع إسكان ضخمة مثل مشروع سيداد كينيدي في بوجوتا، من شأنها أن ترفع مستوى المعيشة على مستوى الأمريكيتين إلى مستوى نظيرهما في جنوب أوروبا، لكن تلك الأرض الموعودة لم تعد تظهر بعد ذلك على الخرائط النيوليبرالية الخاصة بالمستقبل.

يشير الكتاب إلى أن حملة الأمم المتحدة للأهداف الإنمائية للألفية كانت الزفرة الأخيرة في رئة المثالية التنموية، وكانت تهدف إلى تخفيض نسبة من يعيشون في فقر مدقع إلى النصف بحلول عام 2015 وكذلك التخفيض الشديد لمعدل الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة، والأمهات في العالم الثالث، وعلى الرغم من التعبيرات الاستعراضية لتضامن الدول الغنية من قبيل: «لنجعل الفقر تاريخاً» التي تم تداولها أثناء قمة مجموعة الثمانية في اسكتلندا في يوليو/تموز 2005 ففي الأغلب لم ولن تتحقق الأهداف الإنمائية في المستقبل المنظور.

يوضح الكتاب أنه مع السور العظيم من القسر الواسع للتكنولوجيا العالية، التي تحجب الهجرة بأعداد كبيرة إلى البلدان الغنية، تظل العشوائيات وحدها حلاً مرخصاً تماماً لمشكلة تخزين الفائض البشري للبلد، فسكان العشوائيات يزيدون حالياً بمعدل 25 مليون نسمة سنوياً، ومن ثم فإن الوافدين الجدد إلى الهامش الحضري يواجهون ظروفاً وجودية لا يمكن وصفها إلا بهامشية داخل الهامشية، أو كما جاء على لسان أحد سكان العشوائيات في بغداد، وضع «أشبه بالموت».

الحقيقة – كما يرى الكتاب – أن الفقر على أطراف الحضر؛ ذلك العالم الإنساني الكئيب، المنقطع بدرجة كبيرة عن التضامن المعيشي الذي يمتاز به الريف، والمنفصل كذلك عن الحياة الثقافية والسياسية للمدينة التقليدية، يعد الوجه الراديكالي الجديد للتفاوت، وانعدام المساواة والحافة الحضرية ما هي إلا منطقة للنفي، فقد ورد على سبيل المثال أن بعضا من الإرهابيين الجدد ولدوا وتربوا في عشوائيات، ولم يسبق لهم النزول إلى المدينة قط من قبل، وقد دهشوا وتعجبوا من فخامة وسحر المدينة.

وفقاً للأمم المتحدة فإن أكثر من بليون شخص يعيشون الآن في عشوائيات مدن العالم الجنوبي، ويكشف هذا الكتاب النقاب عن مستقبل عالم حضري مضطرب متفجر، ينطوي على أقصى درجات انعدام المساواة، فمن المتاريس الممتدة في «ليما» إلى تلال القمامة في «مانيلا» أصبحت «الحضرنة» معزولة عن عملية التطور الصناعي؛ بل عن النمو الاقتصادي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"