الشارقة: «الخليج»
أن يستمر كتاب- هو عبارة عن مخطوطة بكتابات ملغزة وسيريالية، ورسومات أكثر غرابة- إلى اليوم، يدهش القراء، ويدفعهم إلى قراءته، وهم على وعي تام بصعوبة فك ألغازه، فهذا من أكثر المسائل التي يمكن التوقف عندها، الكتاب بعنوان «مخطوطة سيرافيني» لمؤلفه الفنان والمصمم والمهندس المعماري الإيطالي لويجي سيرافيني، ولد في العاصمة روما سنة 1949، وقد أصدر كتابه هذا سنة 1981، وكان يبلغ من العمر 27 عاما، واستغرق تأليفه نحو ثلاث سنوات.
وصف (الكتاب - المخطوطة) بأنه الأغرب والأكثر غموضاً على مر التاريخ، وما بات مؤكدا بشأن هذا الكتاب، هو الشعبية الهائلة التي تحيط به، رغم أن القراء يجاهرون بأنهم لم يفهموا منه شيئاً حتى اليوم، وأكثر من ذلك فقد عجز العلماء وفقهاء اللغة والفنون عن فك رموزه نصه أو رسوماته، وقد أمضوا سنوات عديدة في ذلك من دون أن تتكلل جهودهم بالنجاح، وهو ما يؤكد أن الكتاب قد قام مؤلفه بإنجازه بلغة لم يكتبها قبله أي إنسان.
تزداد حيرة القراء تجاه هذه المخطوطة، وهم يقتنعون يوماً بعد يوم، أنه لا يطرح مشكلة بعينها، وأكثر من ذلك، فهم لا يستطيعون الإحاطة بموضوع، أو مشكلة، أو فكرة محددة حاول الكتاب معالجتها، أما بشأن الرسومات، فحدث ولا حرج، هي أيضا غارقة في السيريالية، وبعيدة كل البعد حتى عن فهم أهل الاختصاص من الفنانين والنقاد، ورغم ذلك، فأنت حين تعثر على هذا الكتاب، تشعر بسحر خاص لا يشبه غيره من الكتب، فلا لغته مألوفه، ولا رسوماته يمكن حل شيفرتها، ومع ذلك تشعر بالمتعة وأنت تتجول بين صفحاته ورسوماته، كأنك تحلق في عوالم قديمه تعود لعهود خلت رغم حداثة الكتاب الذي «يخبئ بين صفحاته عالماً خيالياً مثيراً للإعجاب».
كتبت «مخطوطة سيرافيني» بأبجدية مخترعة بالكامل من عقل مؤلفها، وهي أبجدية لا يمكن قراءتها ولا حتى فهم معانيها، وهو مكون 360 صفحة وأحد عشر فصلاً، كل فصل يصور جانباً من جوانب الحياة في عالم سيرافيني الخرافي الخيالي الذي ابتكره.
خصص المؤلف الفصل الأول للحديث عن عالم النباتات، وهي نباتات غريبة عن إدراكنا، أم الفصل الثاني فتناول مجموعات من الحيوانات التي ليس لها وجود على كوكبنا، وهكذا بالنسبة للفصل الثالث والمخلوقات ثنائية القدمين، وجاء الفصلان الرابع والخامس، ليبحثا في الفيزياء والاختراعات ذات الأشكال الهندسية المعقدة لجهة وظائفها غير المعروفة وهكذا بالنسبة لبقية الفصول في علم الأحياء وتشريح الجسم البشري بغرابة غير مألوفة.
قام لويجي سيرافيني نفسه بتصميم رسومات مخطوطته بقلم رصاص ملون، وبعض هذه الرسومات تثير فينا مشاعر الرهبة والخوف، وإلى جانبها نصوص تشرح ماهيتها وما ترمز إليه..
