عادي

عدم ارتداء الحجاب للضرورة

22:50 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

عندما يعيش المسلم في بلاد غير إسلامية، يصطدم بغير المسلمين من أهل تلك البلاد في أمور كثيرة هي من صميم دين المسلم، لكنها بالنسبة لأهل تلك البلاد من قبيل العادات والتقاليد، أو من قبيل المعتقدات السائدة عندهم.

المسلمة، على سبيل المثال، يجب عليها أن ترتدي الحجاب على رأسها، لأن شعرها عورة، لا يجوز لغير المحارم أن يراه أو يراها مكشوفة الرأس.

لكن الحجاب في بلاد مثل أوروبا مثلاً، يخالف تقاليد أهلها وعاداتهم، لذلك فإن القوانين في معظم البلاد تحرم على طالبات الجامعة أن يرتدين الحجاب، ولا عبرة بديانة الطالبة، لأن القانون عندهم فوق الشرع.

وفي الإسلام، ترتدي المرأة عموماً في الجامعة وفي الشارع الحجاب، لأنه جزء من الشرع، والشرع يحكمه القرآن والسنة وليست القوانين الوضعية.

والقرآن عندما يقول: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول».. الآية 59 من سورة النساء، فهو قول عام في الحجاب وفي غير الحجاب، وينطبق على المرأة في الجامعة والبيت والشارع وفي كل مكان.

لكن مع ذلك فإن الإسلام يفرق بين المكره وغير المكره، وبين المضطر وغير المضطر، وبين المحتاج وغير المحتاج، فالمسلم أو المسلمة إذا كان في بلد الإسلام، يفترض ألا يكون مكرهاً ولا محتاجاً ولا مضطراً أن يخالف شريعة الإسلام، إذ الأصل أن تكون الشريعة هي دين الدولة.

وأما إذا خرج إلى بلاد غير إسلامية، فلا شك أنه يصطدم بقوانين تلك البلاد، وفي كثير من البلدان لا اعتبار بديانة الشخص الذي يقطن في ذلك البلد، بل على الكل الالتزام بقانون ذلك البلد، حتى في الأمور التي تعتبر من قبيل العادات.

والمسلمة إذا كانت مقيمة في بلد غير إسلامي، واحتاجت إلى أن تدخل مدارسهم أو جامعاتهم، ومنعت من ارتداء الحجاب، والتعليم أو الدراسة الجامعية بالنسبة لها كان ضرورة، جاز لها أن تكشف عن رأسها، إذا لم تجد هي بديلاً عن تلك الجامعة.

وإذا قلنا بالجواز، فهو من باب الأخذ بالضرورة التي تقول عنها القاعدة الشرعية: «الضرورات تبيح المحظورات»، لكن يجب أن ننتبه للقاعدة الأخرى التي تقول: «الضرورة تقدر بقدرها».

ومعنى هذا أنها إذا اضطرت أن تكشف عن رأسها في أثناء الدراسة الجامعية، فإنها إذا أنهت الجامعة، لا يجوز لها أن تستمر حاسرة الرأس بحكم أنها تعودت عليه الآن ولا تستطيع أن تعود إلى الحجاب، لأن زميلاتها يضحكن منها، إلا إذا كانت تعمل وقانون العمل هو الآخر يفرض على الموظفة ألا تلبس الحجاب، وهي مضطرة إلى أن تعمل ولا تجد عملاً آخر، فمثلها جاز لها الأخذ بالرخصة لأنها محتاجة، والمحتاجة يجوز لها أن تأخذ بقاعدة: «الحاجة تنزل منزلة الضرورة» انظر «الأشباه والنظائر» لابن نجيم ص 91، «والأشباه والنظائر» للسيوطي ص 88.

والشرع يراعي أحياناً درأ المفسدة، فيقدمه على جلب المصلحة، ففي بلد مثل الهند، حيث إن البقر يقدس إلى درجة العبادة، هل يجوز للمسلم أن يذبح البقرة أمام الهندوس، فيجرح شعورهم ويثيرهم على نفسه؟

كلا، والله تعالى يقول في كتابه: «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم».. الآية 108 من سورة الأنعام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"