إيمان الهاشمي
إن عدم تحذير القلب من الأخطاء الجسيمة الناتجة عن الذين يحبهم، أشبه باللهو تحت المطر رغم تحذير العقل من الإصابة بالمرض! فصبرك على أذى مَن تحب، حتماً سيسبب لك الأذى كما لا تحب! وكذلك عدم صبرك على من تحب، بلا شك سيسبب له الألم كما لا يحب!
ولهذا تكمن العبرة المثلى التي نتعلمها رغماً عنا كل يوم، في ألاّ نجازف بالغوص عميقاً طالما لا نجيد العوم، وبأن الحذر قد يكون أحياناً أفضل بكثير من الانتصار في المعركة، وأن الانسحاب قد يكون أشرف بالتأكيد من الاستمرار في سرد الحقائق المفبرَكة، وبالتالي سيكون ختام هذه القصة واعياً ومُدركاً، بأنه كان ختاماً مزعزِعاً ومُربِكاً، ومريباً ومُشكِّكاً، وممزِقاً ومُفكِكّاً، وواهياً ومُفبركاً، وشاقاً ومُضنِكاً، ومريضاً ومُتوعِكاً، ومستغِلاً ومُستهلِكاً، ومنكباً ومُنهمِكاً، ومدنِّساً ومُنتهِكاً، ومتعباً ومُنهِكاً، ومُجهِداً ومُهلِكاً، ولا بأس إن قلنا إنه سيكون ختاماً مقززاً أو مُضحكاً، فالمهم أن ذاك الختام لم ولن يكون يوماً مِسْكاً!
في تلك الفترة من 1659 إلى 1695، تبدو الأرقام ساكنة بين ال(59) وال(95)، كما تعد وقتاً قصيراً نسبياً يقاس بعدد السنين، خاصة إن كان عمراً بشرياً يحمل سنواته ال36، لينشر فيها جميع معاني الإبداع على العالمين، ويقدم مبادئ الإعجاز اللحني إلى البشر أجمعين، ثم ببساطة يغادر الحياة قبل بلوغ سن الأربعين، باسم هنري بورسيل الموسيقار الإنجليزي الأصيل، الذي اعتبرت مسيرة حياته فوزاً، في حين بقيت وفاته لغزاً، حيث قيل إنه توفي لتناوله قطعة من شيكولاتة مسمومة. وأيضاً قيل إنه مات نتيجة لالتهاب رئوي مصحوب بجرثومة، وذلك بعد أن طردته زوجته العطوفة الرحومة خارج المنزل بسبب شجارٍ زوجي عادي وبلا خصومة، فأصيب بالبرد القارس حد الموت رغم دفء حبهما. والحقيقة أنهما أنجبا 6 أطفال لهما، مات 4 منهم وعاش 2 معهما، لتنتهي المسألة بأم ثكلى وأب مكلوم، ولا أحد بالطبع يعلم من منهما الملوم.
تميزت أعمال هنري بالبصمة الغنائية الشعرية الخبيرة، المفعمة بالرقة والرقي والحساسية الكبيرة، كما تباينت أعماله بين قطع «سوناتا» ومقطوعات شعبية، ومجموعة أوبرا ملكية وأناشيد دينية، فأصبح عازف الأرغن الرسمي في الكنيسة بالتدريج، ثم كاتباً لقصائد أعياد الميلاد وحفلات التتويج، وكذلك للموسيقى الجنائزية وأغلب المناسبات الخاصة، وهذا هو المختصر المفيد وأهم ما في الخلاصة.
