عادي

الإسلام بريء من التطرف والتكفير

23:21 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني
يرفض الإسلام التشدد الديني، ولا تعترف شريعتنا السمحة بالفتاوى المتشددة التي تحاول العناصر المتطرفة فرضها على الناس تحت مزاعم كاذبة ودعاوى باطلة، فمن أين يأتي المتطرفون بأفكارهم؟ وكيف نحمي شبابنا منهم، ونرسخ تعاليم وأحكام الإسلام الصحيحة في نفوسهم؟

في مسعى للإجابة، يكشف عدد من علماء الإسلام أن العمل دائم لمواجهة الأفكار المضللة، أو المتشددة، سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي عبر الإنترنت.

1

يؤكد د. شوقي علام، مفتي مصر أن «الفكر الديني المتشدد يطارد عقول المسلمين من خلال كل وسائل وأدوات العصر، ويمثل خطراً بالغاً على مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة، فيشوه حقائق الدين، ويقود أصحابه إلى العنف وارتكاب الجرائم، وهذا الفكر غريب على الإسلام، ودخيل على الثقافة الشرعية، لذلك لا ينبغي أن تتوقف جهود مواجهته بصحيح الدين، فهذا واجب علماء ودعاة الإسلام في كل العصور، كما أنه واجب كل وسائل الإعلام ومؤسسات التربية والتعليم، ومن جانبنا، فإن مرصد الفكر المتطرف في دار الإفتاء المصرية يعمل على مدار اليوم في رصد الفكر التكفيري، وتفنيد مزاعم وأكاذيب المتطرفين الذين ينتشرون عبر الإنترنت، ويستغلون أدوات ووسائل التواصل الحديثة لنشر فكرهم المتشدد، وصرف المسلمين عن الدين الصحيح».

ويضيف: «نرصد يومياً العديد من المزاعم والأكاذيب التي يروج لها المتطرفون باسم الإسلام ونفندها، ونكشف كذب أصحابها، ونحذر منها».

ويوضح أن أحكام الإسلام وتعاليمه تقوم على اليسر والعفو والتسامح، و«تتميز شريعته بالمرونة والسعة، ومواكبة كل أحداث الحياة المتجددة، وتلبي حاجة المسلمين في كل مكان وفي كل عصر».

ويشدد د. علام على ضرورة مواجهة الفكر المتشدد الذي ينتشر عبر ال«سوشيال ميديا»، ويقول: «لا ينبغي أن نعطي الفرصة لهؤلاء المتشددين ليضللوا الناس»، محذراً المسلمين من الانخداع بفتاوى المتشددين، والذين يرددون مقولات كاذبة لا يقرها دين ولا عقل ولا منطق.

ويقول د.علام: «من مصائب دهرنا أن يعظ المتطرفون الناس، ويفتونهم في أمور دينهم، وهم أجهل خلق الله به، ولذلك يجب ألا يلتفت الشباب لما يردده هؤلاء من فتاوى مضللة، واجتهادات خاطئة، وأقوال تفتقد إلى عدالة الإسلام ورحمته وسماحته»، ويطالب بالرجوع في أمور الدين إلى العلماء المتخصصين، وأن يتجنبوا ضلال المتطرفين، وما يرددون من أقوال مسمومة.

أفكار مضللة

يوضح د.محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن هؤلاء المتطرفين يستقون أفكارهم المتشددة من كتب واجتهادات ورؤى متطرفة لشيوخ تطرف معروفين وموجودين في كل العصور، ولا علاقة لما يرددون بالشريعة الإسلامية ومقاصدها الحقيقية.

ويؤكد على ضرورة استمرار المواجهة الفكرية لهؤلاء المتشددين الذين يقومون بدور أسلافهم الخوارج، ويقول: «هؤلاء يستحلون دماء المسلمين، ويرتكبون أبشع الجرائم تحت ستار الدفاع عن الشريعة، وهم أبعد ما يكونون عن شرع الله».

ويضيف: «مواجهة العناصر المتطرفة في البلاد العربية لا ينبغي أن تقف عند الحلول الأمنية، بل لابد من مواجهتهم فكرياً، حيث يعاني هؤلاء من خلل فكري في رؤيتهم للدين وعلاقته بحياة الناس، والخلل الفكري الذي يعانيه خوارج العصر يحتاج إلى مواجهة فكرية علمية، يقوم بها العلماء في كل مكان من وطننا الإسلامي الكبير».

وعن مداخل فكر الجماعات المتشددة يؤكد د.الجندي أنها تعتمد على المتشابهات وتدع المحكمات، وتستند إلى الجزئيات وتهمل الكليات، وتتمسك بالظواهر وتغفل المقاصد، كما تغفل ما يعارض فكرهم المتشدد من نصوص وقواعد، وكثيراً ما يضعون الأدلة في غير مواضعها، ويخرجونها عن سياقها وإطارها الصحيح، ولذلك من اليسير على العلماء المتخصصين الرد على هؤلاء ودحض أباطيلهم.

أما سبب وقوع بعض الشباب ضحية للفكر الديني المتشدد، يقول د.الجندي إن جماعات التطرف والتكفير تعتمد على شباب سطحي ليس لديه ما يحميه من الفكر الديني الصحيح، شباب يعاني مشكلات نفسية أو أسرية أو مادية يزينون له العنف لتحقيق طموحاته، ولذلك وقع الآلاف من الشباب العربي ضحايا لهذا الفكر، وارتكب بعضهم جرائم منكرة ضد أبرياء واستحلوا دماء الأبرياء وأموالهم، وترويع آمنين، نتيجة سيطرة هذا الفكر ونشره بين بسطاء لا يحملون من العلم والفكر الديني الصحيح ما يوفر لهم الحماية من هؤلاء المضللين.

الخروج عن حدود الشرع

يقول د.بكر ذكي عوض، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: «أحكام المتطرفين واستدلالاتهم دائماً خاطئة، ولذلك نحذر المسلمين من اتباعهم والانخداع بما يرددون من فتاوى وأحكام».
ويضيف: «تتردد على ألسنة هؤلاء مفردات خطيرة مثل: (كافر- فاسق- عاص) وغيرها، وهم لا يدركون حقيقة المصطلحات التي يرددونها ويحكمون بها على الناس، ولا التوصيف الصحيح لها، فتجدهم يتسرعون ويحكمون على خلق الله مرة بالكفر، ومرة بالفسوق، ومرة بالعصيان، ولجهلهم الفاضح لا يفرقون بين هذه القبائح الثلاث، التي يعاقب الخالق كل من يقترفها بما يستحق من عقاب، حيث يقول سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: «وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان».
ويوضح د.بكر معنى (الفسوق) فيقول: «الفسوق هو الخروج عن حدود الشرع، وهو أعم من الكفر، لأن الكفر خروج عن حدود الإيمان، أما الفسق فخروج عن الحدود أياً كانت، ومنها حدود التكاليف العملية لا الاعتقادية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n6cb9h2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"