عادي

القيوم جلّ جلاله

22:52 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

الضعف صفة ملازمة للإنسان؛ فهو عبر مختلف مراحل حياته يحتاج إلى من يقوم بأمره، ويتدبر أحواله، وهذا ليس في مرحلتي الطفولة والكهولة فحسب، وليس فقط في حالة الفقر، فكل مرحلة لها متطلباتها التي تجبر الإنسان على أن يعتمد على غيره. ومهما أوتي الإنسان من أسباب الدنيا من مال وصحة وقوة، فهو بحاجة إلى من يقوم على شأنه؛ إذ لو تمكن الإنسان من القيام بجميع ما يريد بمفرده، واستغنى عن غيره، لوصل بناء على ذلك إلى مرحلة الكمال، وهي لا تكون إلا لله.

وبما أن الإنسان ضعيف محتاج إلى من يقوم على شؤونه، فإن هذا يقتضي منه أن يتبع كلام وتعاليم من يتدبر أحواله، وييسر أموره، ويكلأه في الليل والنهار؛ إذ إنه لما أعلن ضعفه أمامه، وفوض أمره إليه، فهذا اعتراف ضمني من الإنسان أن لا حول له ولا قوة إلا بمن سييسر له أمور حياته.

بدهي أن من يتدبر شؤوننا، ويرعى أحوالنا، ويقوم على قضاء حوائجنا، هو القيوم، جلّ جلاله، فلفظ القيوم مشتق من قيّم والقيوم صيغة مبالغة، بمعنى أنه القائم بذاته بكل ما في الكون، فمن يمسك السماء ويجعلها سقفاً محفوظاً هو القيوم، ومن يوزع الأرزاق بين العباد هو القيوم، فهو الحافظ وهو السميع وهو البصير وهو الذي أحاط بكل شيء علماً، لا يحتاج إلى أحد من مخلوقاته، ومخلوقاته هم بحاجة إليه، فهو المستغني عن غيره، ولا غنى لغيره عنه.

والقيوم هو القائم على كل نفس، المدبر لأحولها، الميسر لأرزاقها، المجازي لها الجزاء الأوفى، إما بنعيم مقيم، وإما بعذاب أليم، وكل ذلك نظير ما قدمت من أعمال الخير أو الشر «أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ»، الرعد:33.

والقيوم لا يقوم على النفس فقط برعاية أحوالها في تقلباتها، وإنما يُقوّم سلوكها إذا ما انحرفت عن النهج القويم، وفي ذلك خير للعبد؛ إذ كثيراً ما يقع أحدنا بمعصية فيجد أن عقاباً سريعاً من الله جاءه، وفي هذا تنبيه للعبد ورحمة به.

اسم الله القيوم وكذا بقية أسماء الله الحسنى، تبث في النفس طمأنينة، فالعبد حينما يدرك أن الذي يقوم على شأنه ويتولى أمره هو القيوم الذي بيده ملك كل شيء فلا يخاف قلة مال أو رزق، فمن يقوم بالأمر هو المالك لكل شيء وكذا لا يخشى عدواً أو غدراً، لأن القائم على أمره هو القوي الجبار.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryzb6yj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"